IMLebanon

“المناورة” التي أثارت بري و”الحزب “

كتب وليد شقير في “نداء الوطن”

طالما أن تأليف الحكومة يواجه الصعوبات التي أدت برئيس البرلمان نبيه بري إلى إعلان عدم اقتناعه بالصيغة التي يجري فيها وبالتالي لن يشترك فيها، وطالما أن “حزب الله” يوافق بري على انتقاداته لعملية التأليف، يبدو أن خيار تعليق الحكومة الجديدة لمصلحة تفعيل حكومة تصريف الأعمال يعود راجحاً، إلا إذا حصلت مفاجأة تبعث الروح في حكومة حسان دياب. هذه النتيجة التي ينتهي إليها العارفون ببواطن الأمور بعد إعلان بري موقفه، فضلاً عن مجاهرة رئيس تيار “المردة” النائب السابق سليمان فرنجية بمطالبته بحق تسمية وزير ثانٍ إضافة إلى الأكاديمية السيدة لميا الدويهي التي زكى توزيرها، مشدداً على الحصول على حقيبة الأشغال العامة والنقل، وعلى التشاور حول شخصية أخرى (يرجح أنها من كسروان)، تكون من حصة “التيار الوطني الحر” لا من حصة الرئيس المكلف. ففرنجية مثل بري و”حزب الله” يعارض حصول “التيار الحر” ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل وفريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، على الثلث المعطل في الحكومة العتيدة عبر تسميته بالتفاهم مع دياب لأكثر من 6 وزراء مسيحيين من أصل 9 في صيغة الحكومة من 18 وزيراً.

لم يكن رفض الثنائي الشيعي وحده حصول “التيار الحر” على الثلث المعطل وراء موقف بري الأخير. تكشفت معطيات عن التطور الذي أثار حفيظة هذا الثنائي من طبيعة الحكومة وكشف جزءاً منه بري حين قال إن الرئيس ميشال عون أوفد اليه نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي يقترح عليه حكومة سياسية ووحدة وطنية (الأحد الماضي)، بدل حكومة التكنوقراط، لأن التطورات في المنطقة تفرض ذلك. تقول الرواية إن بري فوجئ بعد أن كان الرئيس المكلف نادى بحكومة التكنوقراط ووافقه عون. وسعى إلى التأكد مما إذا كان باسيل نفسه متحمساً لهذه الفكرة فجاءه الجواب إيجابياً. لكن عون وباسيل اجتمعا لاحقاً إلى عدد من السفراء الأجانب، كما زار وزارة الخارجية السفيران الفرنسي برونو فوشي والبريطاني كريس رامبلنغ، ومنسق الأمم المتحدة يان كوبيش، بموازاة حصول اتفاق بينه وبين الرئيس دياب على حل مشكلة حقيبة الخارجية التي كان باسيل يعارض إيكالها إلى الوزير السابق دميانوس قطار، فجرى التوافق على تولي الأخير وزارة الاقتصاد مقابل ترشيح إسم السفير ناصيف حتي للخارجية. وتضيف الرواية: عندها تراجع باسيل وعون عن فكرة الحكومة السياسية. وعندما تبلغ بري بتراجع فريق الرئاسة وباسيل عن اقتراح الحكومة السياسية ازدادت ريبته من وراء المناورة. فهو كان ما زال مرتاباً من الفكرة، لأنه في الأصل اقترح “التكنو – سياسية” مع تمثيل الحراك إضافة إلى التكنوقراط وبعض من تسميهم الأحزاب.

ازدادت القناعة لدى الثنائي الشيعي بأن باسيل يدير التأليف مع دياب، ويسعى للحصول على كتلة وازنة تتحكم بالتركيبة الحكومية. لكن هذه الريبة كان يمكن تجاوزها باتصالات توضيحية لولا أن الجواب عن أسباب طرح فكرة السياسية والتراجع عنها جاء من فريق باسيل، بأن السفراء الأجانب الذين التقاهم مطلع الأسبوع عارضوا الفكرة.

وأوضح فريق “التيار الحر” أن هذه المعارضة تحمل مخاطر حجب المساعدات الخارجية عن لبنان من أجل تجاوز أزمته الاقتصادية. لم يقف الأمر عند هذا الحد. استفسر بري بدوره من السفراء على طريقته، فاستغربوا وفوجئوا، ونفوا، وبعضهم قال إن الوزير باسيل أبلغهم بأن الثنائي الشيعي هو من يريد حكومة سياسية، ما أغضب بري وأثار قيادة الحزب من هذه المناورة. واعتبرا أنها تلصق بهما فكرة الحكومة السياسية خلافاً للحقيقة وجرى استخدامهما في العلاقة مع السفراء الغربيين. بل إن هناك تساؤلاً كبيراً عن خلفيات افتعال ذلك في الظرف الإقليمي الراهن. وأبلغ “حزب الله” “التيار الحر” أنه يوافق بري على انتقاداته وموقفه، وأكد لفرقاء آخرين رفضه حصول التيار الحليف على الثلث المعطل.