IMLebanon

النبطية تنتفض بالصوت العالي.. “لو كان الفقر رجلاً لقتلته”

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

عاد النبض إلى ساحات الثورة في النبطية، إستعاد الثوار رباطة جأشهم وانطلقوا من جديد، معلنين صراحة “بدنا حقوقنا” كلبنانيين، غير آبهين بالوعود الكاذبة التي أحيطت بهم طيلة تسعين يوماً، فالجوع والحرمان لا دين ولا طائفة ولا حزب لهما، والأهم حقوقهم المعيشية. يقول احد الشبان الذي أطلق العنان لحنجرته: “مش رح نطلع، مش رح نبيع، هيدا الوطن للجميع”.

قد تكون الازمات المتلاحقة من أزمة كهرباء الى غاز ومازوت التي مُني بها المواطن هي الشرارة المستجدة التي ألهبتهم، إلا أن القشة التي قصمت ظهرهم تعود إلى لامبالاة السلطة بالتعاطي مع ازمات الناس، وصراعهم على تقاسم جبنة الوزارات، بدلاً من الصراع على معالجة الازمات ووقف حدة التدهور الاقتصادي المتسارع، ما اضطر الناس للعودة الى الشارع، لرفع الصوت.

في ساحة ثورة النبطية التأم شمل الثوار مجدداً، وحّدتهم المآسي المعيشية القاسية، وضعوا الخطوط العريضة لسلسلة تحركاتهم الآتية، مع تأكيد اصرارهم على الاسراع بتشكيل الحكومة. رفعوا الشعارات التي تحاكي اوجاعهم، فالتهاون مرفوض، والغلبة اليوم لصوت الناس، “لن نتراجع قيد أنملة عن أي مطلب رفعناه”، يقول فؤاد، مضيفاً: “آن الاوان ليتحرك الزعماء، ليشعروا مع الناس، المعاناة قاسية على مختلف المحاور، ورغم الصراخ لا حياة لمن تنادي”.

إبتعد الحراك عن سياسة قطع الطرقات، وإحراق الاطارات، وارتأى ان ينتهج سياسة الصوت العالي مع ممارسة الضغط الشعبي والمطلبي، وبقوة، “إذ يجهد الثوار لتجنيد الفقراء في جيش العدالة المجتمعية”، وفق توصيف مهى، التي تستغرب “كيف أن الناس لم يصرخوا بعد، فالازمة أرهقت الجميع، هل حين يقطع الانترنت يخرج الناس إلى الشارع؟”، في حين قررت أم محمد أن تلتزم الصمت وتتمسك بمقولة للامام علي: “لو كان الفقر رجلاً لقتلته”. بدا واضحاً أن الصرخة النبطانية هذه المرة مختلفة، تأتي مترافقة مع رفض كامل لسلطة الاذلال التي تمارس على المواطن، سواء من المحطات او الصيارفة او المصارف او حتى المتاجر الاستهلاكية، وفق آمنة، “المحطات تمتنع عن تزويدنا بالمازوت، فيما البعض يحصل من المحطات نفسها على هذه المادة، هذه الممارسة المجحفة تتحمل مسؤوليتها الاحزاب، أليست محاربة الظلم مقاومة أيضاً؟”.

في أسبوع الغضب عادت الاناشيد الثورية إلى الساحات، عادت الرايات اللبنانية والصرخات ومعها تأكيد من الثوار على التصعيد، وهذا ما أكده الدكتور عمران فوعاني: “تصعيد مستمر حتى تتشكل حكومة تكنوقراط تلبي احتياجات الناس”.

لم يكن فوعاني الوحيد الذي طالب بالاقتصاص من الفاسدين، بل أيده كل الشباب الذين خرجوا في تظاهرة شعبية انطلقت من ساحة حراك النبطية مروراً بتمثال حسن كامل الصباح، وصولاً الى دوار كفررمان مرددين الشعارات المطلبية: “بدنا كهربا، بدنا مازوت، بدنا مصرياتنا من البنوك”. وأكد ابراهيم أن “اليوم هو بداية الغيث باتجاه الضغط إذ لم تنفع السلمية في التحرك، وسياسيونا لم يتعلموا الدرس”، وأكد حسين أن “التحرك المطلبي انما يندرج ضمن خريطة التحركات الضاغطة التي ستشهدها النبطية، ومنها التحرك الطالبي اليوم ليكون الدرس من نوع آخر”.

الى دوار كفررمان وصلت المسيرة التي انطلقت من النبطية، وأكدت أم علي أن “التظاهرة هي صفعة جديدة باتجاه وجه السلطة علّها تستيقظ، إذ لا يكفيها تجاهل لأزمات الناس حتى تريد ان تستميت بالدفاع عن الحصص وهذا ما لا نرتضيه”.