IMLebanon

خطة الحزب لفنزويلا الشرق!

كتب طوني أبي نجم في “نداء الوطن”:

يعلم القاصي والداني أن “حزب الله” أعدّ خطة منذ أشهر طويلة، لا بل منذ أعوام، تهدف إلى الهجوم على القطاع المصرفي بقيادة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، منذ فرض العقوبات المالية الأميركية على “الحزب” واضطرار النظام المصرفي اللبناني الى الاستجابة لهذه العقوبات، حماية للبنان وللبنانيين من أي قرار أميركي بعزل النظام المصرفي اللبناني عن العالم في حال عدم الاستجابة. ولم ينسَ اللبنانيون بعد المتفجرة التي استهدفت بنك لبنان والمهجر في العام 2016، والتي حملت رسالة واضحة في هذا السياق إلى المصارف، تماماً كما أن الحملات الإعلامية المكثفة ضد رياض سلامة والمصارف اللبنانية في الإعلام الموالي لـ”حزب الله” لم تتوقف منذ بدء تطبيق العقوبات.

لماذا يهجم “حزب الله” على القطاع المصرفي وعلى حاكم مصرف لبنان؟

إن السبب الأول لما يحصل، بدءاً بالحملة الإعلامية المكثفة مروراً بترجمتها على الأرض، أولاً بالتظاهرات الممنهجة لجمهور “الحزب” حصراً ضد مصرف لبنان والتي كان على رأسها رموز معروفة، وهو الجمهور نفسه الذي استهدف الثوار بالاعتداءات من بعلبك إلى وسط بيروت وكفرّرمان وصور، وصولاً إلى عمليات الاعتداء والتدمير المباشر، كما حصل ليل الثلثاء في شارع الحمرا، السبب هو رفض المصارف اللبنانية تسهيل أي تجاوز للعقوبات الأميركية، ومنع عمليات تبييض الأموال التي كانت تجري، والتي راح ضحيتها أخيراً “جمّال ترست بنك”.

أما السبب الثاني والبالغ الأهمية فهو أن “حزب الله” لا يستسيغ عدم تمكنّه من السيطرة على القطاع المصرفي الحيوي، تماماً كما بات يسيطر على كل مفاصل الدولة اللبنانية ومؤسساتها. فـ”الحزب” بهذا المعنى يخيّر اللبنانيين بين أمرين: إما يكون كل شيء بإدارته المباشرة أو غير المباشرة، وإما فلا لزوم له. وبالتالي لا يمانع “حزب الله” في إسقاط النظام المصرفي اللبناني إذا لم يخضع لوصايته، لا بل إن “الحزب” بات يسوّق لمقولة إن النظام المصرفي في لبنان يشكل أداة بيد الأميركيين لمحاصرة “الحزب”، ما يفترض إسقاط هذا النظام وعلى رأسه رياض سلامة، متناسياً أن إجراءات رياض سلامة أبقت الاقتصاد اللبناني منتعشاً يوم انهار الاقتصاد العالمي العام 2008 من نيويورك إلى هونغ كونغ مروراً بدبي، وأنه لو لم يستمر سلامة بإقناع المصارف بتمويل الدولة لكانت انهارت منذ أعوام!

أما ما تسبّب بالانهيار المالي اليوم في لبنان فهو سياسات الحكومات المتعاقبة وسياسات “حزب الله”، بإبقاء البلد في فراغ مؤسساتي شبه دائم، ما بين فراغ رئاسي وفراغ حكومي، إضافة إلى امتناع الحكومات المتعاقبة عن تنفيذ أي إصلاحات والغرق في الفساد والمحسوبيات والزبائنية، ما أوصلنا في العام 2019 إلى نمو سلبي بلغ حوالى 2 في المئة، في مقابل الإصرار على سياسة الاستدانة عوض الإصلاح وبناء اقتصاد متين وتحقيق النمو المطلوب، ما أوصلنا إلى الانهيار الشامل!

ويبقى السبب الثالث الذي يكمن في أن “حزب الله” المبني كذراع للحرس الثوري الإيراني في لبنان يرتاح إلى العيش في أنظمة تشبه الأنظمة في دول الممانعة كإيران وسوريا وفنزويلا، حيث يستطيع أن يسرح ويمرح من دون حسيب أو رقيب ولو كان ذلك على حساب الشعب، الذي يقبع في هذه الدول من دون حد أدنى من الحرية والكرامة والخدمات والازدهار.

لطالما سأل رئيس “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط أي اقتصاد نريد: “اقتصاد هونغ كونغ أم اقتصاد هانوي؟” وربما بات السؤال الملح اليوم هو: أي لبنان نريد؟ لبنان – سويسرا الشرق أم لبنان – فنزويلا الشرق؟!