IMLebanon

المشنوق يلوّح بالدم… «بناءً على معلومات»

كتب ميسم رزق في “الاخبار”:

 

هي المرّة الثانية التي يخرُج فيها النائب نهاد المشنوق ملوّحاً بـ«الخراب والدم». ما قاله وزير الداخلية السابق «ليس رأياً ولا توقّعاً، بل مبنيّ على معلومات» سيكشفها لاحقاً في مؤتمر صحافي

نهاد المشنوق ليس «ابن اليوم» في السياسة، وهو ممّن يزِنون كلماتهم جيداً. لذلك، عندما يكرّر مرتين التلويح بـ«الخراب والدم»، يُصبِح السؤال مشروعاً عمّا في جعبة وزير داخلية السابِق الذي لا يزال «مُشبّكاً» مع خطوط داخلية وخارجية؟ هل هناك من أشار إليه بهذا «السيناريو» الخطِر أو أعلَمه بما يُعَدّ للبنان، فخرج منذراً بما يشبه التهديد، مُكملاً ذلك بـ«تحريض» على أمن مجلس النواب الذي «كسر المحرّمات باقتحام مسجد محمد الأمين والاعتداء على المحتمين داخله»!
قبل أيام، قال نائِب بيروت: «إما حكومة تكنوقراط عاقلة تقترِح إصلاحات اقتصادية تنظّم الخراب وتتصالح مع المشروعيّتين العربية والدولية، أو أن المواجهات في الشارع ستزداد عنفاً، وصولاً إلى إراقة الدماء». أمس، في معرِض تناوله ما حصل في وسط بيروت، ليل السبت، كرّر تنبيهه بأسلوب محدّد الهدف والاتجاه. الكلمة المفتاحية في تصريحه الأخير هي «حكومة تكنوقراط لا تُشبه سابقاتها». ينطلِق منها ويصوّب نحو المطلوب «انتخابات رئاسية مُقبلة، قانون انتخابات عاقِل وصولاً الى انتخابات نيابية مُبكرة»، ويُكمل «إنّ هذا الزمن انتهى في الشارع، وفي بعبدا، ولن تكون هناك حكومة كسابقاتها في السراي، وإذا كان الدم في الشارع هو الثمن للاعتراف بالوقائع، فسيجد صهر الرئاسة (وزير الخارجية جبران باسيل) دم اللبنانيين على يديه خلال أسبوع، وعندها لن ينفع الندم».

لا يُمكن وضع كلام المشنوق خارج مسار التحولات الإقليمية والدولية. لبنان ليسَ جزيرة معزولة عن المنطقة، وحلّ الأزمة الاقتصادية – المالية غير المسبوقة سيكون مرتبطاً بأي تسوية منتظرة. وما جعل المشنوق ينفجِر، فجأة وبعنف، فيه شيء من الصورة التي تُرسم للبنان، حتى اللحظة. ولا يمكن، بطبيعة الحال، فصل كلامِه عن المُطالبات الدولية اليومية – منذُ اندلاع الحراك في تشرين الماضي – بحكومة اختصاصيين تحمِل بينَ سطورها الانقلاب على نتائِج الانتخابات النيابية الأخيرة ووضع حزب الله خارِج الكادر الحكومي. فهل نفد صبر «المشروعيتين الدولية والعربية» وسقطَ رهانهما على استغلال الشارع، وجاء الأمر بتفجير الألغام إذا لم يرضَخ فريقا رئيس الجمهورية و8 آذار للأمر الواقع. وهذا، بالمناسبة، ما أشار اليه أيضاً المنسق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش بالقول «يوم آخر بدون حكومة يعني ليلة أخرى من العنف والصدامات». فهل من ترجمة لهذه اللغة الموحدة التي لا يُفهم من سياقها سوى أن من يريد حكومة التكنوقراط هو نفسه من سيدفع الى الدم في حال لم تُصبِح طلباته أوامر؟ قد يكون الجواب في المؤتمر الصحافي الذي يعقده المشنوق الأسبوع المقبل «ليقول فيه كل الحقائِق»، بحسب معلومات «الأخبار».

الأكيد أن كلام المشنوق «ليسَ مجرّد رأي أو توقّع»، كما قال في اتصال مع «الأخبار»، رافضاً الإفصاح عن التفاصيل، كما رفض وصف كلامه بـ«التهديد»، مؤكداً أنه «تحذير للمسؤولين»، وقد أطلقه مرّة أخرى «لأن لا أحد في السلطة يهتمّ، وقد مرّت 95 يوماً على الحراك في الشارع ولا حلّ حتى الآن». يتمسّك المشنوق بـ«التحذير»، ويركن إلى معلومات عن إعداد مجموعات من جهات داخل السلطة وخارجها لأعمال ستكون لها انعكاسات دراماتيكية يُمكن أن تؤدي إلى زعزعة الأمن، «والدليل ما حصل في محيط مجلس النواب في اليومين الماضيين».

المشنوق الذي ينكبّ هذه الفترة على دعم الحراك كما لو كانَ أحد قادة الثورة، علماً بأنه جزء من السلطة الحاكمة، و«واحد من المُدانين فيه مثله مثل غيره» كما اعترَف يوماً على باب دار الفتوى، كانَ أول من أمّن الغطاء السنّي من خارج فريق 8 آذار للرئيس المُكلّف حسان دياب، حين اعتبر بأنه «ساهم في استعادة بعض الصلاحيات المهدورة، ويدفع ثمن تمسّكه بها، بعدما اعتاد الفريق الحاكم طمس صلاحيات الرئاسة الثالثة». وهو إذ ينفي أي تواصل مع الرئيس المكلف، لكنه يشير إلى «عدم رفض دولي وعربي للرجل».

مجموعات من جهات داخل السلطة وخارجها تعدّ لأعمال يُمكن أن تؤدي إلى زعزعة الأمن

كلام وزير الداخلية السابق استدعى حملة ردود من أعضاء تكتل «لبنان القوي». النائب جورج عطا الله اعتبر أن «تفجّعه حول الدم والتهديد به، ليسَ إلا معركة وهمية يريد منها كشف حساب لمشغّليه، بينما الأفضل له أن يهتم ببيع نمر السيارات، فهو الاختصاص الذي يفهم به»، فيما لفت النائب سيزار أبي خليل الى أنه «لم يعد مقبولاً التحريض الطائفي والتهديد بالدم الممارس من أيتام ياسر عرفات والقذافي وغازي كنعان وخدام والشهابي، أقزام السفارات ومرتزقة المحاور الاقليمية، الذين يريدون العودة الى ما قبل النسبية التي فضحت أحجامهم». أما النائب روجيه عازار فردّ «أوقفوا تحريضكم وتمويلكم للمشاغبين والمتطرفين وعندها لن تسقُط الدماء».

المشنوق قال إن «الردّ الأفضل على نواب التيار الوطني الحرّ الذين انضمّوا إلى نادي الشتّامين هو ما قاله زميلهم النائب سيمون أبي رميا» الذي كان قد غرّد بأن «القرف يولّد اليأس أو الانفجار. فكان الانفجار مساءً وتحولت بيروت الى ساحة حرب. الإنكار خطيئة والاتعاظ واجب. فيا حاملي أقلام كتابة أسماء الوزراء والحقائب، لن يُغفر لكم هذه المماطلة وتضييع الوقت من أجل حقيبة من هنا وتسجيل نقطة من هناك».