لمصلحة مَنْ إعادة عقارب الساعة إلى الوراء في بيروت؟ لماذا تحويل الحراك السلمي إلى حراك عنفي؟ لقد أمضى اللبنانيون ومعهم أصدقاء لبنان من اشقاء واجانب 4 ساعات من دون توقف يشاهدون المواجهات التي تحوّلت إلى ساحة حرب في وسط بيروت بين عناصر الحراك والقوى الأمنية على نحو غير مسبوق، عزز المخاوف من إطاحة إنجازات الاستقرار والسلم الأهلي وإعادة بناء وسط المدينة.
كل ذلك، والمعنيون بتأليف الحكومة يتقاذفون التأليف، وكأن كرة قدم، غير عائبين بما يجري.
لم تكن الثالثة ثابتة في اجتماع الرئيس المكلف حسان دياب مع الرئيس ميشال عون، الذي يترأس اجتماعاً امنياً اليوم، للبحث في كيفية التعامل مع ما يجري في وسط بيروت لليوم الثاني على التوالي، مع ان دياب عرّج إلى عين التينة، قبل الصعود إلى بعبدا، ومعه المسودة، التي لم تضم الوزيرين الشيعيين المحسوبين على حركة “امل”، موعد قطعه رئيس المجلس، بأنه حالما ينتهي التفاهم بين الرئيسين عون ودياب، يكون ثالثهما، لإعطاء الاسمين، ومن ثم التقاط الصورة، قبل أو بعد صدور المراسيم الثالثة، التي تتضمن قبول استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري، وتسمية الرئيس دياب، ثم مرسوم التشكيلة ممهورة بتوقيع الرئيسين، كما يقضي الدستور.
عاجلت أوساط الرئيس المكلف الوسط السياسي باشاعة أجواء ان مراسيم الحكومة باتت جاهزة، وما “عليكم سوى الانتظار”.
لكن الذي حدث، جاء مجافياً للتوقع المتفائل، قبل ان يغرّد النائب جميل السيّد بالدعوة الي عدم الانتظار، فالعقبات لم تذلل بعد.. في الوقت الذي كان فيه الرئيسان ما يزالان مجتمعين!
وخارج أوساط مقربة من هنا وأخرى من هناك: نطرح جملة أسئلة ابرزها: هل انقلب حلفاء جبران باسيل عليه، وعلى رئيس الجمهورية؟ أم ان الائتلاف الذي بقي بعد خروج الرئيس سعد الحريري، والنائب السابق وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فريق 8 آذار، أو اللون الواحد، غير قادر على إنتاج حكومة بـ “تفاهم الحد الادنى” بإصرار النائب السابق سليمان فرنجية على الخروج أيضاً، ودعوة النائب السيّد حزب الله بتغريدة جديدة ان ينفض يده، مما اسماه “بالوسخ السياسي”!
مصادر بعبدا تتحدث عن حق رئيس الجمهورية بتسمية نائب رئيس مجلس الوزراء، وهو لم يقترح نقيبة المحامين السابقة أمل حداد، والتي يتمسك بها الرئيس دياب، ومعه الحزب السوري القومي الاجتماعي.. لكنه يعترض على التسمية من باب الحق، وليس من باب الاسم..
وتتساءل المصادر عن السبب الذي يدفع فرنجية إلى المطالبة بوزيرين، في حين انه قبل بوزير واحد في الوزارة المستقيلة؟
بالمقابل، تعتبر مصادر مطلعة انه في حال انسحاب تيّار المردة، يقتصر التمثيل المسيحي على تيّار واحد، هو التيار الوطني الحر، وهذا غير مرغوب به من قبل حتى حلفاء التيار..
وانتهى الاجتماع بين الرئيسين إلى ان الرئيس المكلف ليس في وارد قبول الثلث المعطل لأي فريق، فضلاً عن أن ”الثنائي الشيعي” لن يقبل بثلث معطّل للوزير باسيل، إضافة إلى ان الرئيس المكلف غادر على أمل ان يحل الإشكالات المعلقة بلقاء مع باسيل، باعتباره رئيس أكبر كتلة نيابية.
إلا ان مصادر نيابية لاحظت ان السلطات القائمة دخلت في مرحلة “سبات عميق” متسائلة عمّا إذا كانت جلسة إقرار الموازنة في 22 و23 أي الأربعاء والخميس المقبلين ستعقد في موعدها أم ان الحراك الذي جرى السبت امام ساحة النجمة كان بمثابة رسالة واضحة حول تعذر عقد الجلسة؟
على الأرض، انقضت التظاهرة الليلة، بعد ساعات بالغة الخطورة من المواجهة، لعب فيها الجيش اللبناني دور ”العازل” بين المتظاهرين وعناصر مكافحة الشغب، وساهمت الأمطار الغزيرة بتسريع فك الحراك، الذي أدى إلى إصابة عشرات المدنيين والعسكريين الذين توزعوا على المستشفيات العاملة، الأمر الذي حمل يان كوبيش مُنسّق الأمم المتحدة في لبنان إلى الإعلان: يوم آخر من دون حكومة، ليلة أخرى من العنف والصدامات، ودفع الرئيس الحريري إلى ان هناك طريقاً للتهدئة: توقفوا عن هدر الوقت، وشكلوا الحكومة، وافتحوا الباب للحلول السياسية والاقتصادية.
وعلى هذا الصعيد، علمت “اللواء” ان الاتصالات تركزت خلال اليومين الماضيين على رفع عدد الوزراء الى ?? وزيراًعلى الاقل لتحسين التمثيل الدرزي والكاثوليكي بوزير اضافي لكل من الطائفتين، ولمعالجة تمثيل تيار ”المردة” المطالب بحقيبتين لا واحدة، عدا عن معالجة مطلب الحزب السوري القومي الاجتماعي بتوزير نقيبة المحامين السابقة امل حداد وهو ما يريده اصلا الرئيس دياب لمنحها نيابة رئاسة الحكومة وحقيبة الاقتصاد، وهي غير حزبية وقريبة من اجواء الحراك الشعبي ومطالبه، بينما يطرح الرئيس عون ورئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل توزير ايمن حداد لحقيبة الاقتصاد.
وافادت معلومات “اللواء”، ان الثنائي الشيعي يُصر على تمثيل كل الاطراف التي سمّت الرئيس دياب لتشكيل الحكومة وهي من حلفاء الثنائي، لضمان التحصين السياسي والشعبي لها، امام الحملات التي تتعرض لها سواء من القوى السياسية المعارِضة او في الشارع. وعلمت في هذا الصدد ان لقاء جرى امس الاول، بين الوزير باسيل وبين مسؤول لجنة الارتباط في “حزب الله” وفيق صفا، فيما بقي المعاون السياسي للامين العام للحزب الحاج حسين الخليل على اتصال يومي بالرئيس دياب، لمعالجة مسألة التمثيل المسيحي والخلاف مع فرنجية، ومعالجة تمثيل الحزب القومي، الذي اقترح ايضا اسماً غير حزبي الى جانب تبنيه اقتراح دياب بتوزير حداد، وهو نجح في تأجيل المؤتمر الصحفي الذي كان يزمع رئيس تيّار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية عقده أمس الأوّل إلى غد الثلاثاء، حيث كان متوقعاً ان يعلن فيه موقفاً تصعيدياً بعدم المشاركة في الحكومة ما لم تتم تلبية مطلبه بحقيبتين.
وقد طرح الخليل وصفا زيادة عدد الحكومة الى عشرين وزيرا لمعالجة التمثيل الدرزي والكاثوليكي، بحيث يكون الوزير الكاثوليكي الثاني من اقتراح تيار “المردة” والوزير الدرزي الثاني من اقتراح الحزب القومي. كما ان التواصل بين صفا وباسيل لم يتوصل بعد الى نتيجة حول باقي الوزراء المسيحيين، خاصة ان للرئيس دياب وزيرين مسيحيين من اصل تسعة (دميانوس قطار وامل حداد).
ونقلت مصادر المتصلين بباسيل عنه انه يطالب بوحدة المعايير في تمثيل الاطراف، ويأخذ على الرئيس دياب انه لم يتدخل في تسمية الوزراء الشيعة وهو من يسمي الوزراء السنّة من دون تدخل من اي طرف، فكيف يتدخل في تسمية الوزراء المسيحيين المقترحين من الرئيس عون والتيار الحر؟