IMLebanon

أبو سليمان: لطرق باب صندوق النقد سريعاً

كتبت ماجدة عازار في “نداء الوطن”:

 

“لبنان يواجه ازمة نقدية ومالية واقتصادية ومعيشية واجتماعية، وهذه الازمة لا يمكن ان تُعالج من تلقاء نفسها، بل ان الأمر يتطلب حلاً شاملاً، ولو كان هذا الحل صعباً ، فأزمة السيولة التي نشهدها، لا حلّ سريعاً لها الا عبر اللجوء الى صندوق النقد الدولي، ولا أرى اي حلّ آخر، وكل من كان لديه اي طرح آخر، فليتفضّل وليتقدّم به”.
بهذه العبارات، اختصر وزير العمل السابق كميل ابو سليمان طرق المعالجة، بعدما وضع الاصبع على الجرح مباشرة وبلا مواربة، وحثّ المعنيين على أن يبدأوا سريعاً التحدث مع صندوق النقد الدولي، الجهة المولجة من بين المؤسسات الدولية بمساعدة الدول المتعثّرة.

وفي حديث مع “نداء الوطن” نبّه ابو سليمان الى انه “كلما تأخّرنا وطال الانتظار، كلما ستزداد الأزمة عمقاً، والوضع سيزداد سوءاً، فشركات عدّة ستُسرّح مزيداً من الموظفين، ومعدّل البطالة سيرتفع اكثر، وسيقفل ما تبقّى من معامل ومصانع ومؤسسات ولبنان سيخسر مزيداً من قدراته الصناعية والتصديرية، وبالتالي الانتظار لا يفيد بشيء بل على العكس سيضرّ اكثر، ولا مجال للخروج بمفردنا من الازمة”.

خطة “القوات”

ابو سليمان ذكّر من يعنيهم الأمر بأن “القوات اللبنانية” كانت اول من طرح الصوت وأعدّت خريطة طريق من اجل استقرار الوضع المالي والاقتصادي وتحسينه، “فلو تم الأخذ بها وتحققت كل الاصلاحات البنيوية، واتخذت الخطوات الجذرية والعاجلة التي تضمنتها، لما كنا وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم”.

واشار الى ان خريطة الطريق هذه تضمنت في نهايتها بنداً حول “خطة إستقرار مع صندوق النقد الدولي IMF”، وقد جاء فيه:

“في حال عجزت الحكومة والقياديون عن تنفيذ الإجراءات التي تتطلبها معالجة عجز الموازنة في مهلة محددة وقصيرة، فإننا ندعو حينها وزير المال، مجلس الوزراء وحاكم مصرف لبنان الى طلب مساعدة صندوق النقد الدولي لوضع خطة لتحقيق الإستقرار المالي والإقتصادي. إن العديد من البلدان، ومن بينها مصر وتونس، إستطاعت الحصول على مساعدات من صندوق النقد الدولي، قبل تعذّرها عن الدفع. فكلما استعجلنا في إقرار خطة إقتصادية ومالية، سواء بمساعدة صندوق النقد الدولي أو من دون هذه المساعدة، كلما انخفضت كلفة هذه الخطة. وباختصار، فإن صندوق النقد الدولي، وإن قبل طلب المساعدة المقدمة من قبل الدولة اللبنانية، سوف يزود لبنان بالسيولة الممولة اللازمة على مراحل شرط تنفيذ خطوات الإصلاح المالي التي يتم تحديدها والإتفاق عليها بين صندوق النقد الدولي والحكومة ومصرف لبنان”.

وتساءل ابو سليمان: “ماذا سنخسر اذا تحدثنا مع صندوق النقد”؟ وقال: “لقد مرّت أشهر عدة ونحن ننتظر، فماذا ننتظر؟ فلنبدأ أقلّه اليوم التحدّث مع المسؤولين في الصندوق، وعندما تتألف الحكومة الجديدة يبدأ التفاوض الرسمي معهم”.

وانتقد ابو سليمان أداء الحكومات المتعاقبة وعدم مصداقيتها في تنفيذ الوعود، إذ اظهرت عدم قدرتها على اتخاذ اصلاحات بنيوية والسير بها، لا بل انها تغدق الوعود على الخارج ولا تنفذ منها شيئاً، ما دفع الخارج الى عدم تصديقنا. فأقله عندما نبدأ الحديث مع صندوق النقد الدولي، يصبح هناك اطار للتنفيذ”.

“المهم أن نبدأ”

واقترح ابو سليمان تشكيل فريق عمل للتحدث مع المسؤولين في الصندوق، مُذكّراً بالاتصال الهاتفي الذي كان اجراه الحريري منذ فترة برئيس البنك الدولي والمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي والبحث معهما في المساعدة التقنية التي يمكن لكل من البنك وصندوق النقد الدوليين تقديمها في اطار اعداد خطة انقاذية عاجلة لمعالجة الأزمة.

وقال: “المهم ان نبدأ من مكان”، وذكّر بأن لبنان “أعدّ بعد حرب تموز في سنة 2007 برنامجاً صغيراً مع صندوق النقد، وكان الاساس لكي يمدّنا بالتمويل بعد الاتفاق على عدة شروط، وقد نفّذ لبنان قسماً منها والمتعلق بالموازنة، ولم ينفّذ القسم الآخر المتعلق بوزارة الطاقة ولا سيما المتعلقة بتعيين مجلس ادارة للكهرباء وهيئة ناظمة لقطاع الطاقة، لكن المساعدة في حينه لم تكن مشروطة. وأساساً اللجوء الى صندوق النقد يومها كان مقبولاً من كل الاطراف، ولم تكن هناك معارضة مبدئية له، فقبل ان يتسرّعوا ويتخذوا موقفاً مبدئياً ضد الحديث مع الصندوق، لننتظر شروطه اولاً”.

وجدّد ابو سليمان تساؤله: “ما هو الحل البديل”؟ وأكد “ان الحلول الداخلية كانت ربما معقولة منذ فترة، لكن اليوم مع كل الأزمات لا أرى أي حل داخلي، نحن نحتاج الى سيولة مستعجلة. ولو اجرينا اصلاحات ضرورية، فإن تنفيذها سيتطلّب وقتاً، لكننا اليوم تأخّرنا كثيراً” .

ورداً على سؤال قال ابو سليمان: “إن النهج المعتمد حالياً من قبل المصارف لا يمكن الاستمرار فيه، فهناك قيود كثيرة تُفرض على المودعين والامر يتطلب استعادة الثقة اولاً، فقد مرّت بلدان عدّة بأزمات وتمكّنت من تجاوزها، والمشكلة في لبنان تكمن في اثنتين: الاولى، في حالة الانكار الكبيرة للمسؤولين بشأن الوضع الذي وصلنا اليه وهم متعلقون بحبال الهواء ولا يقدمون على اتخاذ قرارات جريئة. والثانية، في تقاذف المسؤوليات بينهم ، فكل طرف يحاول إبعاد المسؤولية عنه حتى لو انعكس ذلك ضررا على الشعب، واستفاقة متأخرة في قضية تنظيم التحويلات المالية الى الخارج، فلو نُظّمت في السابق لما تضرّر صغار المودعين”.

واخيراً شدد ابو سليمان على ضرورة ان تتضمّن اي خطة اقتصادية أمرين: الامر الاول، تقوية شبكة الحماية الاجتماعية عبر اتخاذ سلسلة اجراءات من بينها اقرار ضمان الشيخوخة وهذا من شروط البنك الدولي، إذ ان لبنان هو البلد الوحيد في الشرق الاوسط لم يُقرّ فيه ضمان الشيخوخة. اما الأمر الثاني ، فيتمثل في اتخاذ اجراءات فعلية وعملية لمكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين من قبل مرجع قضائي مستقل ونزيه وكفوء لاستعادة الاموال المنهوبة، وكنا تقدمنا بطروحات عملية في هذا المجال يمكن ان تأخذ طريقها الى التنفيذ سريعاً عبر ادخال بعض التعديلات على مشروع قانون انشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد. فلا تستطيع ان تطلب من الشعب التضحيات اذا كانت ثقته بالسلطة السياسية مفقودة وهو يجهل مصير هذه الاموال، وإذا لم تتم معاقبة المسؤولين عن الوضع الذي اوصلوه اليه اليوم”.