IMLebanon

ضغوط حزب الله تفرض حكومة على مقاس فريق 8 آذار

قادت ضغوط مارسها حزب الله الثلاثاء إلى ولادة حكومة حسان دياب المشكلة من عشرين وزيراً. وضمت الحكومة وجوها من المختصين (تكنوقراط) إلا أنها مرتبطة بشكل لا لبس فيه بالتيارات السياسية المتآلفة داخل معسكر 8 آذار بقيادة حزب الله. كما جرى اختيار وزرائها وتوزيع حقائبها وفق نظام المحاصصة المعمول به تقليديا بين القوى السياسية دون أيّ اعتبار للكفاءة والاختصاص.

وتطرح أوساط سياسية لبنانية أسئلة حول وجاهة توزير بعض الشخصيات كما وجاهة إيلائها حقائب لا تتسق مع اختصاصها، بما يعيد قراءة المشهد الحكومي قراءة سياسية تجري فصولها بين وزراء الصف الثاني التابعين للتيار العوني (رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر) والثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) وتيار المردة (بزعامة الوزير الأسبق سليمان فرنجية) وحصة درزية مقرّبة من حليفي حزب الله طلال أرسلان ووئام وهاب، إضافة إلى حصة دياب.

وفيما قوبلت الحكومة الجديدة بموجة رفض عامة من قبل الحراك الشعبي، فإن الأنظار تتجه إلى مدى قدرة هذه الحكومة على إقناع الدول المانحة الإقليمية قبل الدولية على تقديم الدعم المالي العاجل الذي يحتاجه الاقتصاد اللبناني.

وكانت العواصم المعنية كررت التأكيد في الأيام الماضية على ضرورة تشكيل حكومة تلبّي مطالب الناس وتطلعاتهم، فيما توحي كل المؤشرات بأن الأمر بعكس ذلك، حيث أن هذه الحكومة غير مستقلة عن الطبقة السياسية التي يطالب الحراك الشعبي برفع يدها عن العمل الحكومي.

وتضيف الأوساط اللبنانية أن الحكومة موالية تماما لحزب الله، الذي لا يوفّر مناسبة للإدلاء بخطاب معاد لدول الخليج، لاسيما السعودية والإمارات، على نحو لا يمكن أن يقنع هذه الدول بضخ تمويل عاجل داخل شرايين الاقتصاد اللبناني.

ويروّج محللون داعمون لحزب الله الدعوة لإعطاء الحكومة فرصة قبل معارضتها والحكم عليها، كما يسعون لتسويق الحكومة بالحديث عن صفقة دولية إقليمية توافق على ولادتها وستواكب عملها.

ويناقش مسؤولون سبل تأمين عقد جلسة لمجلس النواب لمناقشة البيان الوزاري الذي عينت جلسة الحكومة الأولى الأربعاء لجنة لصياغته، وسط دعوات لتكثيف التحركات الشعبية حول مبنى البرلمان. فيما بحث رئيس مجلس النواب نبيه بري سبل حماية مبنى المجلس، ويتواصل مع قائد الجيش العماد جوزيف عون تفاديًا لخطوات منع وصول النواب إلى الجلسة.

ودعا بري إلى احتضان الحكومة الجديدة معتبرا أنها “بما تمتلك من كفاءات واختصاصات قادرة على صياغة برامج يمكن أن تشكل حجر الزاوية للخروج من الأزمة الراهنة شرط عدم إضاعة الوقت وإثبات أنها حكومة كلّ اللبنانيين”.

وذكرت مصادر لبنانية أن بري نجح في إحداث تغيير كبير في مواقف الفرقاء بعد ممارسة حزب الله لضغوط قصوى لدفع حلفائه لإنهاء جدل المحاصصة الذي يمنع ولادة الحكومة.

وأضافت أن اتصالات بري جرت خصوصا مع دياب ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، ورئيس تيّار المردة الوزير الأسبق سليمان فرنجية لتفكيك العقد التي دفعت فرنجية إلى التلميح في مؤتمر صحافي الثلاثاء إلى عدم مشاركته في الحكومة محملا باسيل مسؤولية التعطيل.

وجرت تسويات على مستويات مختلفة وافق دياب على أساسها على صيغة حكومة من عشرين وزيرا بدل 18، وتم التوافق مع باسيل وفرنجية على صيغة مناسبة تقضي بتولّي المردة حقيبة وازنة إضافة إلى حقيبة الأشغال.

 

كما جرت توافقات في الساعات الأخيرة أغضبت الحزب القومي الاجتماعي الذي قرّر عدم المشاركة في الحكومة. فيما جرى التوافق على تعديل الحصة الدرزية بحيث يحظى التمثيل برضاء حلفاء حزب الله، طلال أرسلان ووئام وهاب، دون استفزاز وليد جنبلاط. ويروّج أن وزيرة الإعلام منال عبدالصمد هي من حصة رئيس الحكومة، وليست من حصة أرسلان، باعتبار أنها مقربة من جنبلاط.

وتوزعت الحصة الدرزية على أربع حقائب هي وزير للشؤون الاجتماعية والمهجّرين، ووزير للإعلام والسياحة. فيما تولت الوزيرة الأرمنية فارتينيه أوهانيان حقيبة الشباب بدل السياحة، وتولّى حقيبة الاقتصاد، التي كان دياب يريدها لدميانوس قطار الوزير الكاثوليكي الثاني راوول نعمة، وتولى قطار حقيبة التنمية الادارية.

وكانت المفاجأة أيضا في أن الساعات الأخيرة أبرزت أسماء داخل الحكومة وغيّبت أسماء جرى تداولها. ورأى مراقبون أن التأكيد على عدم امتلاك أيّ طرف الثلث المعطل ليس دقيقا وأن تحالفات داخلية طارئة قد تكشف هذه الحقيقة.

وتكشف خارطة الحصص عن توازن بمعدل خمس وزراء لدى فريق عون – باسيل كما لدى رئيس الحكومة والثنائي الشيعي مع تيار المردة.

ويرى مراقبون بأن حصة سبع وزراء التي يحتاجها الثلث المعطل يمكن أن تتشكل من تحالف الفريق العوني مع وزراء الاتحاد الأرمني “الطاشناق” ووزراء النائب طلال أرسلان.

وحذرت الأوساط اللبنانية من أن التحرك الشعبي الذي كان يستهدف كل الطبقة السياسية منذ الـ17 من أكتوبر سيتحوّل بعد تشكيل الحكومة لاستهداف الطبقة السياسية التي تقف وراء حكومة دياب، ما يعيد الانقسام إلى طبيعة سياسية ما بين 8 و14 آذار. وتخوفت من أن يعاد استخدام شارع حزب الله وحلفائه ضد الشارع المنتفض بما قد ينقل البلد إلى مرحلة أكثر خطورة.