IMLebanon

الثقة البرلمانية على وقع تصاعد الثورة الشعبية

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

 

إلتقطت حكومة الرئيس حسان دياب الصورة التذكارية، وكرّست دخول 20 اسماً جديداً الجنّة الوزارية، فيما الأنظار تتجه إلى كيفية تعاملها مع الأزمة الإقتصادية التي تضرب البلاد وثورة الشارع.

تعرضت حكومة دياب فور إعلان تأليفها إلى سهام سياسية وشعبية، فمكونات فريق “14 آذار” السابقة لا ترى في هذه الحكومة فرصةً للخلاص من المأزق الذي سقطت فيه البلاد، بل تصفها بأنها حكومة اللون الواحد وحكومة “حزب الله” الذي ضرب يده على الطاولة مهدداً حلفاءه بوقف مسلسل التعطيل.

والأهم من عامل الثقة السياسية، هناك الثقة الشعبية، وهذا الأمر لا يزال مفقوداً، إذ إنه، ولحظة إعلان ولادة الحكومة من قصر بعبدا تحرّك الشارع الغاضب ونزل إلى الساحات والطرق في معظم نقاط الثورة، واعداً بالتصعيد والإستمرار في المواجهة.

ووسط الدعوات لإعطاء فرصة للحكومة الجديدة، فان الشارع يتبع المثل القائل إن “الولد القوي من الضعيف يُعرف فور ولادته”، وذلك لأن منطق المحاصصة هو السائد، وهذا الأمر يرفع منسوب تمرّد الشارع.

في الحسابات الرقمية، إن الثقة البرلمانية مؤمنة بسبب دعم قوى “8 آذار” لهذه الحكومة، فهناك 69 نائباً سمّوا دياب أثناء مشاورات التكليف، وهذه القوى مشاركة في الحكومة، وحتى لو تمرّد الحزب “السوري القومي الإجتماعي” ولم يمنح الحكومة الثقة، فانه يبقى للحكومة 66 نائباً.

ومن جهة ثانية، فان حجب كتل “القوات اللبنانية” و”المستقبل” و”التقدمي الإشتراكي” والنواب المعارضين الثقة عن الحكومة لن يصل إلى حدّ إسقاطها لأن الغالبية النيابية هي مع “حزب الله” والحلفاء.

وبالعودة إلى مسلسل تأليف الحكومات منذ ما بعد توقيع “إتفاق الطائف”، كانت الثقة البرلمانية مؤمنة لأن الحكومات هي صورة مصغرة عن مجلس النواب مما أفقد هذا المجلس دوره وتأثيره، وعلى المقلب الآخر، لم يكن الشارع يقوم بدور الرقابة الذي هو من اختصاص السلطتين التشريعية والقضائية.

اليوم، وبعد ثورة 17 تشرين التي قلبت كل المعادلات، تغيرت المقاييس وباتت عين الشعب مفتّحة جيداً وتكشف أرشيف كل وزير أو أي شخص يريد أن يتولى مسؤولية عامة.

من هنا، يبقى الشارع هو اللاعب الأساسي والأول في المعادلات المقبلة، وينقسم هذا الشارع غير الراضي عن حكومة دياب ويعتبرها لا تمثل طموحاته وغير قادرة على القيام باصلاحات ضرورية إلى ثلاث فئات.

الفئة الأولى ممن هم لا يريدون الدخول في مواجهات، ويغلب عليهم الطابع السلمي، ويؤيدون فكرة إعطاء حسان دياب فرصة لكي نرى ماذا سيفعل، وعدم استعمال أسلوب الرفض المطلق لكل شيء.

الفئة الثانية الرافضة للحكومة وهي فئة تنتمي لأحزاب وقوى “14 آذار”، وهذه الفئة تتحرك بمنطق سياسي ومطلبي لكن من دون تنسيق في ما بينها نظراً لغياب قرار واضح من قيادات الأحزاب. أما الفئة الثالثة فهي التي تريد أن تستمر في المواجهة وهي لا تضع سقفاً لمواجهتها، وهذه الفئة ستكون لها محطات يومية واعتراضية ضد حكومة دياب وتستخدم وسط بيروت ومحيط مجلس النواب كساحة مواجهات، وبالتالي فان انتقال شباب الثورة من الشمال إلى بيروت سيكون يومياً، ومشهد المواجهات سيتكرر.

أما الإستحقاق الأكبر فهو يوم مناقشة البيان الوزاري ونيل الحكومة الثقة، وفي هذا الإطار يطرح البعض إعادة مشهد محاصرة مجلس النواب ومنع الجلسة النيابية نتيجة عدم قدرة النواب على الوصول إلى الجلسة، وفي هذا الاطار لا تزال الأمور تُدرس وكل شيء رهن بوقته إذ إن تحركات الثوار لا تعرف مسبقاً بل إن الظروف تفرض روزنامة التحرك.

وستبقى التظاهرات مستمرّة ولعل أسلوب الملاحقة الشعبية للوزراء والمسؤولين سيكون أحد أسلحة المعركة المقبلة، وبالتالي فإنّ الوقفات الإحتجاجية أمام منازل الوزراء ستكون حاضرة في المشهد المقبل.

إذاً، الهدف قد حدد، فإهمال الشمال ومناطق الأطراف انفجر غضباً في محيط مجلس النواب الذي يقف أمام استحقاق منح الثقة لحكومة لم تستحوذ ثقة الشعب.