IMLebanon

“الإشتراكي” يُهادن و”المستقبل” يُراقب.. و”القوات” في الشارع

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

يبدو اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الصراع في لبنان ليس سياسياً مثلما كان منذ عام 2005 بين قوى 8 و14 آذار، بل إنه كباش بين فئة كبيرة من الشعب اللبناني تطالب بحقوقها وبين طبقة سياسية تقاتل من أجل الحفاظ على الكراسي.

دخل لبنان مرحلة جديدة بعد تأليف حكومة الرئيس حسّان دياب، والدليل أنه للمرة الأولى بعد التسوية الرئاسية الأخيرة هناك 3 أطراف سياسية وازنة ولها حضورها الشعبي هي خارج الحكومة، وهذه الأطراف هي “القوات اللبنانية” و”تيار المستقبل” والحزب “التقدمي الإشتراكي”، وكانت تجتمع تحت سقف “14 آذار” بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

عاد الحديث بعد تأليف حكومة دياب عن إمكانية إحياء تجمّع “14 آذار” لمواجهة التحديات، لكن المعطيات تشير إلى أنه في الظرف الحالي ليست هناك أطر تنظيمية مشتركة بين هذه القوى تجمعها، والإلتقاء بينها هو التقاء الحد الأدنى وفق متطلبات المرحلة إذ إنّ غياب إطار تنسيق واحد يجعل الأمور متباعدة.

وفي استطلاع لرأي هذه القوى الثلاث (القوات، المستقبل، الإشتراكي) فإنّ الرأي السائد أنه إذا باتت الأمور تستدعي تشكيل جبهة موحدة عندها لكل حادث حديث، لكن من المبكر اليوم الحديث عن مثل هكذا تجمّع لأنه مرتبط بالحاجة إليه، ويجب الأخذ بالإعتبار أن المواجهة ليست سياسية بل مطلبية ويقودها الناس، في حين أن الحكومة الحالية التي تألفت من لون واحد لم تتألف تحت عنوان الصراع بين “8 و14 آذار”، أو أن “14 آذار” انهزمت، بل الحقيقة أن هذه القوى إختارت عدم المشاركة، وبالتالي فإن الظرف السياسي مغاير تماماً لفترة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2011.

ويبدو واضحاً من حركة الشارع أن لا “المستقبل” ولا “القوات” ولا “الإشتراكي” هم من يقودون المواجهة، بل إن الناس من تقودها، والدليل رفض قسم من الشارع لعودة الرئيس سعد الحريري إلى السراي، وهذا الأمر لا ينكر وجود تناغم بين مكونات “14 آذار” والناس المنتفضة في النظرة إلى بعض الأمور التي تحصل.

وللمرة الأولى منذ عام 2005 يغلب المطلب المعيشي على السياسي، إذ إن عنوان الأزمة ليس نزع سلاح “حزب الله” أو مواجهة محور الممانعة بل إيجاد حلّ لأوضاع اقتصادية ومالية وكيفية إخراج لبنان من الأزمة.

وعلى رغم عدم الرضى الواضح من “القوات” و”المستقبل” و”الإشتراكي” على الحكومة، إلا أن الإنتظار سيّد الموقف، ويبدو رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط الأكثر تقبلاً للحكومة الجديدة إذ دعا إلى إعطائها فرصة لأن حكومة دياب على عيوبها أفضل من الفراغ، وبالتالي فان الشارع “الإشتراكي” لن يتحرّك لإسقاطها.

 

من جهته، فإنّ تيار “المستقبل” يكرر في بياناته عدم علاقته بكل ما يحصل في الشارع، وقد تعب من إصدار بيانات تؤكّد هذا الأمر، في وقت اعتبر الحريري أنه “من السابق لأوانه إطلاق الأحكام بشأن الحكومة، ولن تصح مقاربة الوضع الحكومي بمعزل عن رصد مواقف الأشقاء والأصدقاء أو بالقفز فوق ردة الفعل الشعبية والشعور السائد بأن الحكومة لا تشبه مطالب الناس، والعبرة بممارسات الأيام الآتية”.

لكن الحقيقة الأساسية أن فئة من الشارع السني تتحرّك بوضوح حتى لو لم يكن بايعاز من الحريري.

ولا تقتصر التحركات على منطقة واحدة بل تشمل كل المناطق، في حين يعترف عدد من كوادر “المستقبل” ونوابه، وخصوصاً الشماليين منهم، بأن الشارع خرج عن السيطرة، وهو لا يتحرك لسبب واحد بل لأسباب معيشية واقتصادية واجتماعية إضافة إلى وجود فئات تحركت مؤخراً لأسباب سياسية.

وفي ظل مهادنة “الإشتراكي” وتنصّل “المستقبل” من أي مسؤولية عن حراك الشارع، يبقى موقف “القوات” الأكثر وضوحاً، إذ تؤكّد “القوات” أن السؤال الذي يطرح اليوم ليس ما إذا كانت “القوات” ستخرج من الشارع، بل هل الناس ستخرج من الشارع، فإذا لم تخرج الناس فـ”القوات” موجودة في الشارع لأنها جزء من الشعب.

وتعتبر “القوات” أن الأكيد أن الناس لن تخرج من الشارع لأن طريقة تأليف الحكومة لا تدل على أنها ستنجح، كما أن طريقة اختيار بعض الوزراء لا يبشر بالخير خصوصاً بعد خلافات التحاصص التي طبعت عملية التأليف. وتشدد “القوات” على أنها “ليست مع إعطاء الفرص من أجل هدرها لأن عامل الوقت داهم، وبالتالي لن تُسلّم بالأمر الواقع، بل إن الناس تواجه كل ما يحصل ونحن معها، ونحن ننتظر كيف ستكون ردّة الفعل الشعبية لنبني على الشيء مقتضاه”.