IMLebanon

حكومة دياب.. ما بعد الثقة غير ما قبلها

كتب عمر حبنجر في “الانباء الكويتية”:

 

حكومة د ..حسان دياب ستأخذ ثقة مجلس النواب، أقله بحجم من سموا رئيسها لتشكيلها اي 69 صوتا، لكن يبدو ان ما بعد الثقة لن يكون افضل مما قبلها، فما قبلها انتظار وما بعدها قرار، وهذا القرار مرتبط بالموقف العربي مما يسمى بـ«حكومة اللون الواحد» في لبنان والموقف العربي مازال ملفوفا بالصمت، والصمت ليس علامة الرضا دائما، وأكثر ما يقلق الرئيس دياب ان رسائله المتضمنة طلب مواعيد للزيارة وصلت الى العواصم العربية وحتى الأجنبية لكن لا جواب حتى الآن، إلا من بعض الإشارات غير المشجعة.

والعقدة تكمن في اهداف هذه الزيارات فرئيس الحكومة يريد شرح الواقع اللبناني ومن ثم طلب المساعدة الممكنة على اعتبار ان الاعتراف يصبح حاصلا لمجرد توجيه الدعوة له، فيما تتوقع الأوساط المتابعة، ان ما تريده العواصم العربية والمعنية من رئيس حكومة اللون الواحد في بيروت توضيحات وتفسيرات ورؤية مدروسة للحلول لا ان تكون هذه الزيارات، مجرد تغطية لزيارات مطلوبة لعواصم اخرى.

وتنصح هذه الأوساط بأن تكون بداية الحكومة، بعد اخذ ثقة المجلس استنادا الى بيان وزاري مؤسس على تكريس الاصلاحات السياسية والمالية والمكافحة الجدية للفساد المتغلغل في مفاصل الدولة، مع اعتماد سياسة النأي بالنفس عن المحاور والمواقف الضارة بعلاقات لبنان العربية، مع ازالة آثار المرحلة الباسيلية في وزارة الخارجية والإدارات الاخرى، ومن ثم التوجه عربيا وغربيا، وإلى المجتمع الدولي، الذي وضع مثل هذه الشروط.

في غضون ذلك تابعت لجنة البيان الوزاري اجتماعاتها برئاسة الرئيس حسان دياب ظهر امس استنادا الى خريطة عمل من خلال بيان وزاري بعيد عن الجمل الإنشائية والمطولات والتعقيدات اللغوية والتفسيرات المتناقضة والوعود.

وعلى صعيد الموازنة العامة المفترض مناقشتها وإقرارها في مجلس النواب قبل نهاية هذا الشهر، قال الرئيس نبيه بري ان المجلس تسلم مشروع الموازنة بمرسوم احاله إبان حكومة الحريري بتاريخ 21 نوفمبر قبل ايام من استقالتها، وكان مقررا المباشرة بمناقشتها في الثلث الثالث من الشهر نفسه، بالتزامن مع انتفاضة 17 اكتوبر حيث تعذر معها اجتماع المجلس واجتماع اللجنة اللبنانية للمال والموازنة، وباتت البند الوحيد على جدول اعمال المجلس الذي لا يسعه الخوض في أي أمر آخر قبل التصويت عليها.

واضاف بري ان انقضاء العقد الاستثنائي لمجلس النواب من غير التصويت على الموازنة يضع هذه مجددا «بين يدي مجلس الوزراء ومن ثم إصدار رئيس الجمهورية مرسوما يجعل الموازنة نافذة وفق الصيغة التي احيلت بها الى مجلس النواب في المرة الأولى، وهذا امر يسيء إلى المجلس ويظهره متلكئا حيال واجبه الدستوري، وقال ان امام المجلس 53 مشروع قانون مؤجلا.

وفي هذا السياق، غرد النائب سامي الجميل رئيس حزب الكتائب عبر «تويتر» قائلا: الحكومة السابقة محاصصة، الحكومة الحالية محاصصة، الحكومة السابقة تضع موازنة الغرائب، الحكومة الحالية تتبنى موازنة الغرائب.

وكانت رئاسة المجلس ومن خلال الدوائر الرسمية المعنية، طوقت مداخل مجلس النواب بالجدران المعدنية المصفحة والأسلاك الشائكة وجعلت له مدخلا واحدا، في اطار منع الحراك الشعبي من الوصول إليه خلال اجتماعاته من اجل الموازنة العامة أو الثقة بالحكومة، وعلى نحو لا سابقة له، في ظل قرار للحراك بمنع اجتماعات المجلس مهما كانت الدوافع.

في هذه الاثناء صدر عن مكتب الإعلام في القصر الجمهوري بيان يتناول فيه نشر وسائل الإعلام من حين إلى آخر كلاما ومواقف تنسبها إلى الرئيس ميشال عون تارة باسم «مقربين من الرئيس» وأخرى باسم «فريق الرئيس» وطورا باسم زوار الرئيس تتضمن معلومات غير صحيحة حينا وغير دقيقة احيانا. وأكد المكتب ان اي كلام لا يصدر عن الرئيس مباشرة او عن مكتبه الإعلامي لا يمكن الاعتداد به.

وعن الوضع المالي المتردي، قال عون ان ثمة مسؤولين مباشرين عنه هما مصرف لبنان المركزي المسؤول عن السيادة النقدية ووزارة المال المسؤولة عن وضع موازنات بعجز كبير ورد فشل خطة الكهرباء في جزء كبير منها هو عدم دفع وزارة المال الاموال المخصصة.

إلى ذلك نظمت اعداد كبيرة من المتظاهرين اللبنانيين مسيرات حاشدة جابت الشوارع الرئيسية في العاصمة بيروت، تحت عنوان «لا ثقة بحكومة التكنومحاصصة»، وذلك رفضا للحكومة الجديدة برئاسة د.حسان دياب رئيس الوزراء.

وردد المتظاهرون المشاركون في المسيرات هتافات تعبر عن رفضهم للتركيبة الحكومية الجديدة، معتبرين انها حكومة «محاصصة طائفية مقنعة وتمثل استنساخا للحكومة السابقة التي اسقطتها انتفاضة 17 اكتوبر الماضي» وليست حكومة اختصاصيين (تكنوقراط) مستقلين التي طالب بها الشعب اللبناني في انتفاضته.

وجابت المسيرات ـ التي انطلقت بشكل متزامن ـ معظم شوارع العاصمة بيروت، وشارك فيها شرائح متعددة من مختلف الفئات العمرية، رافعين أعلام لبنان ومنددين بتكرار تعرض المتظاهرين لاعتداءات بالضرب من قبل اشخاص محسوبين على جهات حزبية معروفة في محاولة لإرهاب المحتجين وترويعهم وإجبارهم على العدول عن النزول للشوارع.

واشاروا الى ان مسار تأليف الحكومة الجديدة اظهر انها «حكومة محاصصة تقليدية» تقاسمت فيها القوى والتيارات والاحزاب السياسية الحقائب الوزارية فيما بينها، دون ادنى اعتبار للشعب ومطالبه ـ على حد تعبيرهم ـ مشددين على رفضهم الطرح القائل بإعطاء الحكومة الجديدة الفرصة للعمل.