IMLebanon

جلسة “السبعة وذمّتها” تُقرّ الموازنة بـ49 صوتاً

كتب أكرم حمدان في صحيفة “نداء الوطن”:

بمعزل عن المواقف السياسية والإنقسام غير واضح المعالم بين القوى السياسية داخل المجلس النيابي، لا بل ربما داخل الفريق الواحد، فإن انعقاد جلسة مجلس النواب أمس وإقرار موازنة العام 2020، قد ساهما بإطلاق توصيفات وتسميات للجلسة من وزن “السبعة وذمتها” إلى “السوريالية” إلى “سمك، لبن، تمر هندي”، كما سجلت الجلسة جملة من الوقائع والمعطيات لا بد من التوقف عندها رغم إقرارها بموافقة 49 نائباً ومعارضة 13 وامتناع 8 ومنها:

أولا: إقرار كل من شارك في الجلسة أو قاطعها بأن عملية التداخل ما بين الموازنة والثقة بالحكومة هي حالة يشهدها المجلس النيابي للمرة الأولى وبالتالي فإن الإرباك والإجتهادات والفتاوى الدستورية والقانونية لم تكن كافية.

ثانياً: إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري في معرض رده على بعض النواب بأن المجلس حدد سابقاً جلسات لبحث مطالب الناس”لكنهم منعونا وعملنا السبعة وذمتها ولولا الجيش والأجهزة الأمنية مشكورة لما استطعنا عقد هذه الجلسة”.

ثالثاً: فرض ضغط الشارع على المجلس النيابي والنواب بأن تكون الجلسة من أقصر وأسرع جلسات مناقشة الموازنة في تاريخ المجلس النيابي، إذ إنتهت في يوم واحد وفي فترة ما قبل الظهر ولم يتجاوز عدد المتحدثين من النواب الـ6 إضافة إلى تقرير لجنة المال ومداخلة مقتضبة لرئيس الحكومة، بينما كان عدد طالبي الكلام يتجاوز الـ25 نائباً وكانت جلسات مناقشة الموازنة تستمر أقله ليومين أو ثلاثة في الظروف العادية، وكان واضحاً رئيس المجلس عندما طلب من النواب عدم مغادرة المجلس قبل التصويت وإنهاء الجلسة بسبب الوضع الأمني خارج مبنى المجلس.

رابعاً: تسجيل مفارقة لجهة تأمين كتلة “المستقبل” نصاب الجلسة والتصويت المرتبك لأعضاء الكتلة الذين حضروا الجلسة بين”ضد” وممتنع في حين أعلنت النائب بهية الحريري داخل القاعة أن الكتلة ستمتنع عن التصويت على الموازنة، وقد إنسحب هذا الأمر على بعض نواب “التكتل الوطني” الذي يرأسه النائب طوني فرنجية، حيث إمتنع النائب مصطفى الحسيني بينما صوت “ضد” النائب فريد الخازن وبقية أعضاء التكتل صوتوا مع الموازنة.

خامساً: تسجيل أول مواجهة بين”المستقبل” ورئيس الحكومة حسان دياب ومحاولة إستدراجه لمواجهة ومن ثم الإنسحاب من الجلسة، لكن تبنيه للموازنة جعل الفريقين يتعادلان بالنقاط.

سادساً: مقاطعة نواب “القوات” و”الكتائب” وبعض النواب المستقلين للجلسة وتمايز نواب “اللقاء الديموقراطي” لجهة حضور البعض منهم في بداية الجلسة وخصوصاً نواب “الحزب الإشتراكي” وإتخاذ موقف الإمتناع خلال التصويت على الموازنة.

سابعاً: تقديم النائب سمير الجسر مداخلة حول عدم دستورية الجلسة ومن ثم الانسحاب بعد وقت قصير من المشاركة ومغادرة بعض النواب من كتلة “المستقبل” قبل التصويت على الموازنة تفادياً لتضارب وإزدواجية المواقف.

ثامناً: تقديم الرئيس نبيه بري مطالعته وإجتهاده لضرورة عقد الجلسة رداً على النائب سمير الجسر وتضمينها حيثيات دستورية وأعرافاً تبدأ من المادة 32 من الدستور، مروراً بمبدأ إستمرارية الحكم وصولاً إلى المادة 16 من الدستورالتي تقول إن حق التشريع مطلق لمجلس النواب، و”المطلق على إطلاقه وليس على حجمه، ولا يتوقف هذا الأمرعلى مدى الصلاحيات التي تتمتع بها الحكومة”.

تاسعاً: حضور رئيس الحكومة حسان دياب وحيداً على المقاعد الوزارية وتقديمه كلمة مقتضبة تضمنت إشارة واضحة لإدراك رئاسة الحكومة الجيد للمفاهيم الدستورية والتمسك بالصلاحيات المعطاة لها، وتبني الإجتهاد القائل بعدم قدرة الحكومة على المثول مجتمعة أمام المجلس قبل نيلها الثقة، كما أنه لا يحق لها إسترداد الموازنة، وبالتالي فهي لن تعرقل الموازنة وتترك الأمر للمجلس، مع إحتفاظها بحق تقديم مشاريع قوانين لتعديلات في الموازنة، بعد نيل الثقة.

تبقى الإشارة إلى أن تأمين “المستقبل” نصاب الجلسة جاء وفق المعلومات، بعد إتصال أجراه النائب علي حسن خليل بالرئيس سعد الحريري الموجود خارج لبنان والذي قام بدوره بالإتصال بالنائب بهية الحريري وطلب منها المشاركة في الجلسة ومواجهة رئيس الحكومة داخل الجلسة. كذلك لا بد من الإشارة إلى أنه تم إلغاء ثلاث مواد من قانون الموازنة وهي المادة 23 التي كانت تُعفي الهبات المقدمة للطوائف من الضرائب والرسوم وقد جاء إقتراح الإلغاء من النائب بلال عبدالله ، كذلك تم إلغاء المادة 32 التي تتحدث عن إجازات عمل موقتة للأجانب لمدة ستة أشهر في قطاعي الزراعة والسياحة بسبب تضاربها مع مواد قانون تنظيم الأمن العام، كما ألغيت الماد 34 التي تتحدث عن تقسيط تعويضات نهاية الخدمة بعدما تبين عدم الحاجة لها بسبب وقف التسريح لمدة ثلاث سنوات.

ومن المواد التي أقرت في الموازنة وتهم الناس المادة 36 والتي تُعلق الإجراءات القانونية المتعلقة بالمهل الناشئة عن التعثر في سداد القروض المدعومة على أن يجري إعداد إقتراح قانون جديد يُعالج القروض كافة.

مداخلات النواب

وإقتصر الكلام في الأوراق الواردة على 6 نواب فقط بعد تلاوة رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان تقريراللجنة الذي أكد أن “إنتظام نظام الموازنة هو أفضل من فرض الإنفاق وفق القاعدة الإثنتي عشرية على أساس إعتماد موازنة 2019″، كما لخص أبرز التعديلات التي أجرتها اللجنة على المشروع لا سيما لجهة تخفيض الإنفاق والإصلاحات التي تضمنها المشروع.

ثم تحدث النائب سليم سعادة، مشيراً إلى أن “العجز 7,5 مليارات دولار فيما الدخل 9 مليارات دولار وهذا أمر غير موجود إلا في لبنان، وأن شهر عسل الطائف قد إنتهى”. وقال:”إن الدولة والحكومات السابقة راكبة على مصرف لبنان ومصرف لبنان راكب على المصارف الخاصة وهي راكبة على ودائع اللبنانيين والمواطن يعيش في وهم أن كل شيء يسير على ما يرام ولكن هذا الشيء قد فرط”.

وقال النائب جميل السيد: “هذه ليست حكومة جميل السيد، كما يقال، وسأتحدث عن الموضوع في جلسة الثقة، ونحن في حالة سوريالية فوضوية لا ينطبق عليها أي نص دستوري قائم، “مسكرة” بالإسترداد وبالإعادة، بإقرارها بمرسوم و”مسكرة” بفتح دورة إستثنائية قبل الثقة، هذا التشابك يضعنا في دور أنه مهما فعلنا يجب أن تحضر الحكومة بشخص رئيسها لكي نغوض في المشروع لإنجازه” .

وقال النائب هادي حبيش: “كنت أتمنى أن أقف أمامكم من على هذا المنبر مخاطباً حكومة تحظى بثقة الناس أولا ومجلس النواب ثانياً والرأي العام العربي والدولي ثالثا، لكن، للأسف، فرضت علينا الظروف أن تمثل أمامنا حكومة لم نعرف بعد رأيها حتى في الموازنة العامة المطروحة أمامنا اليوم”.

وقال عضو “تكتل لبنان القوي” النائب آلان عون: “قد تكون تلك الجلسة تنعقد في أصعب الظروف التي ممكن لنائب أن يشارك أو يتكلم فيها، لأن أخطر ما يحصل اليوم هو أن لغة الحوار فقدت مع الشارع والمعترضين ولغة الإصغاء لاقت المصير نفسه، رغم ذلك، من الضروري المحاولة لعله يمكن للكلام أن يكون له وقع ويخرق جدران الأحقاد وعدم الثقة والرفض الكامل لكل الطبقة السياسية التي ذهب ضحيتها الصالح بضهر الطالح”. وطالب عون بـ”تغييرالنموذج المتبع في معالجة الأمور وتوزيع عبء الخسائر بطريقة نسبية وعادلة، نسبة للمسؤولية وإعادة الواقع المالي إلى ما كان عليه تدريجيا وإعادة هيكلة الدين بالتوازي، مع ضبط العجز بشكل كلي أو شبه كلي، وإعادة تكوين الإحتياطي والودائع بشكل يعيد الإستقرار إلى النظام المصرفي والطمأنينة إلى المودعين والثقة إلى المغتربين والمستثمرين، ومعالجة عجز الكهرباء المستعصي على كل العهود الوزارية وكل الخطط الموضوعة”.

وطرح عضو كتلة “المستقبل” النائب نزيه نجم جملة من الأسئلة حول رؤية الحكومة لتفعيل الصناعة وتشجيعها، كما الزراعة، والإجراءات التي ستتخذ لإعادة التدفقات المالية الى البلد وتمويل كلفة خدمة الدين والكهرباء والرواتب والحد الأدنى من المصاريف؟ معلناً أنه كرئيس للجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه، سيستمر مع أعضاء اللجنة، بمتابعة كل الملفات وإيداع القضاء الملفات المشكوك فيها، متوجهاً إلى الثوار بالقول: “كلنا معكم، وإن ثورتكم السلمية هي مطلب كل الأوادم. ونصيحتي لكم: كونوا قوة مراقبة ولا تغريكم السلطة والمراكز والنفوذ، ولا تدخلوا في بازار الحصص، فقوتكم تكمن في مراقبتكم ومحاسبتكم لكل السلطات والمسؤولين، وإن ثورتكم هي أجدى وأقوى من أي سلطة كانت”.

وإعتبر النائب عدنان طرابلسي،أن “هذه الموازنة هي أشبه ما تكون بورقة إمتحان لطالب لم يدرس شيئاً وإنما جاء إلى الإمتحان خوفاً من ولي أمره فكانت نتيجته الفشل والرسوب،إنها موازنة لا أستطيع تحمل عبء الموافقة عليها لأنني أرى أنها غير قابلة للتطبيق”.