IMLebanon

العلاقات اللبنانية – العربية مرتبطة بإخراج لبنان من الدائرة الإيرانية

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

لبنان يُعاني حالياً من تفاعل الصراع الأميركي – الإيراني في المنطقة والصراع العربي – الإيراني، وكلما قوي هذا الصراع،  كلما زادت معاناة اللبنانيين

تصف مصادر ديبلوماسية تابعة لدولة كبرى مهتمة بالوضع في لبنان والمنطقة، إحجام الدول العربية عموماً والخليجية منها على وجه الخصوص عن إصدار أي موقف داعم أو رافض لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة حسان دياب، بأنه مؤشر سلبي وهو يعبّر عن عدم ارتياح ضمني غير معلن لهذه الحكومة التي تضم في تشكيلتها اطرافاً متحالفة بمعظمها مع «حزب الله» وتدور في فلك السياسة الإيرانية المناهضة للعرب في المنطقة، وهي بالمقابل لا تحظى بتأييد باقي الأطراف السياسية الأخرى ومروحة واسعة من أبناء الشعب اللبناني تعارض هذه التشكيلة وتوجهاتها السياسية.

وتربط المصادر المذكورة إلتزام الصمت العربي من مسألة تشكيل الحكومة اللبنانية ، بالرغم من مرور الوقت الطبيعي اللازم لصدور ردود الفعل عليها، ليس برفض مثل هذا الشكل من الحكومات فقط، وإنما على المنحى الذي ستسلكه آلية التعاطي السياسي والاقتصادي بين هذه الدول والحكومة اللبنانية في المرحلة المقبلة، لا سيما عندما أعلن رئيس الحكومة الجديد بعد صدور تشكيلته الحكومية انه سيبادر الىالقيام بجولة عربية وستكون في صدر أولوياته القيام بجولة خليجية بهدف تفعيل هذه العلاقات نحو الأفضل والسعي لإزالة الالتباسات والتباينات التي أحاطت علاقات لبنان مع هذه الدول سابقاً، في حين ان تحقيق مثل هذا الهدف ما يزال صعباً في الوقت الحاضر بسبب استمرار كبار المسؤولين اللبنانيين وبينهم رئيس الجمهورية وغيره من الساسة بالتزام منهج مغاير لهذا التوجه والتعاطف مع السياسة الإيرانية بالمنطقة على حساب الدول العربية كما ظهر ذلك بوضوح في أكثر من مناسبة وحدث شهدتهما المنطقة في الآونة الأخيرة.

وتكشف المصادر النقاب عن موقف رئيس الجمهورية وصهره وزير الخارجية السابق جبران باسيل اللذين استنكرا اغتيال قاسم سليماني في بيانين منفصلين، بينما تحاشى كلٌّ منهما إصدار أي بيان استنكار أو إدانة للاعتداء الإيراني الارهابي الواسع الذي استهدف منشآت شركة «ارامكو» بالمملكة العربية السعودية قبل ذلك وتسبب بخسائر كبيرة فيها ولاقى جملة من ردود الفعل العربية والدولية المستنكرة على نطاق واسع.

وهذا التصرف يكشف بوضوح مدى انحياز الحكم في لبنان لسياسة المحاور وللسياسة الإيرانية على وجه الخصوص وهي سياسة لا تصب في مصلحة إعادة تصويب علاقات لبنان مع أشقائه العرب ما دامت مستمرة على هذا المسار وتتكرس بهذا الشكل من الحكومات التي لا تستطيع الخروج من دائرة النفوذ والتأثير الإيراني عليها مهما صدرت من مواقف مغايرة لهذا الواقع باعتبار ان من دعم وسهل تركيبتها من رئيسها حتى آخر وزير فيها ينضوي ضمن تحالف «حزب الله» ولا يستطيع التملص من دائرة نفوذه وسياساته الإقليمية التي لا تصب في مصلحة لبنان على الإطلاق.

وتنقل المصادر الدبلوماسية عن دبلوماسيين عرب عدم حماسة بلدانهم للانفتاح على الحكومة الجديدة وتحقيق نقلة نوعية بالعلاقات بين البلدين كما كانت من قبل في ظل الوضع السائد حالياً في لبنان والمنطقة على حدٍ سواء، لأنه لا يمكن للدول العربية والخليجية التغاضي عن انحياز بعض السياسيين ممن هم في السلطة حالياً لسياسة التعاطف والتحالف مع إيران في مواقفهم وعلاقاتهم، وهي السياسة التي اتبعها هؤلاء من مواقعهم الحزبية السابقة وما يزالون ملتزمين بها حتى اليوم وتسببت بتردي العلاقات العربية والخليجية مع لبنان ووصلت إلى الواقع المتأزم الحالي، الا ان ذلك لا يعني اقفال أبواب هذه الدول في إطار التواصل والتعاطي السياسي والدبلوماسي المستمر مع لبنان كدولة شقيقة كما كانت الحال في السنوات السابقة، بينما تبقى الأحاديث عن احتمال فتح أبواب هذه الدول لتقديم مساعدات مادية أو ودائع مصرفية كما حصل في السابق للتخفيف من صعوبات الأزمة المالية والاقتصادية التي يمرُّ بها لبنان حالياً في غير محلها ومن باب التمنيات ما دامت التركيبة السلطوية على حالها ومنحازة لسياسة «حزب الله» وإيران بالمنطقة على حساب لبنان ومصالحه وعلاقاته العربية والمجتمع الدولي ككل.

وفي رأي المصادر الدبلوماسية المذكورة ان لبنان يُعاني حالياً من تفاعل الصراع الأميركي – الإيراني في المنطقة والصراع العربي – الإيراني، وكلما قوي هذا الصراع، كلما زادت معاناة اللبنانيين من تفاعلاته وتداعياته وهذا الواقع لا يمكن التخفيف من سلبياته وانعكاساته الا بالتزام سياسة «النأي بالنفس» وعدم الانحياز لأي محور أو تحالف من التحالفات في المنطقة.

ولكن مع إصرار «حزب الله» وحليفه «التيار العوني» والاخرين التملص من سياسة «النأي بالنفس» التي تمّ التفاهم عليها سابقاً في البيانين الوزاريين للحكومتين السابقتين والاستمرار في التماهي مع السياسة الإيرانية ومشاريعها المدمرة بالمنطقة العربية والاصرار على الانتظام في سياسة التحالف المتبعة معها كما كانت الحال بالسنوات السابقة، فهذا يعني حكماً الزج بلبنان بدائرة المخاطر المحدقة وزيادة الصعوبات المالية والاقتصادية التي يعانيها الشعب اللبناني وبالطبع تعذّر كل المحاولات التي يقوم بها رئيس الحكومة حسان دياب وغيره لإعادة فك أسر العزلة العربية والخليجية التي تسببت بها سياسات وممارسات «حزب الله» وحليفه «التيار العوني» عن لبنان وإعادة هذه العلاقات إلى طبيعتها السابقة سياسياً واقتصادياً.