IMLebanon

واشنطن تنتظر ألا تكون حكومة دياب تابعة لحزب الله

قالت مصادر دبلوماسية في العاصمة الأميركية إن موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب لم يكن سلبيا بشكل كامل من الحكومة اللبنانية الجديدة، وإنها اكتفت بوضع حسان دياب أمام مسؤولياته، بإثبات أن حكومته ليست تابعة لحزب الله.

وانسحبت ضبابية الموقف الأميركي من إمكانية ضخ مساعدات مالية للبنان على المواقف الدولية والعربية التي سيتحدد موقفها بعد مراقبة أداء الحكومة اللبنانية الجديدة ومدى قدرتها على تنفيذ برامج الإصلاح والشفافية ومكافحة الفساد كشرط للإفراج عن أي مساعدات دولية.

وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر إن بلاده “ستتابع عن كثب إن كانت الحكومة الجديدة ملتزمة بمحاربة الفساد وإخراج لبنان من أزمته المالية”.

 

ديفيد شينكر: واشنطن تتابع التزام حكومة  حسان دياب بمحاربة الفساد
وأرسل شينكر الذي يمسك بملف التسوية الحدودية بين لبنان وإسرائيل، من خلال هذا الموقف رسالة إلى الحكومة اللبنانية والقوى السياسية التي تقف وراءها بأن الإدارة الأميركية لم تتعامل بسلبية أو قطيعة معها على الرغم من معرفة واشنطن بنفوذ حزب الله من ورائها.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قال إنّه “سيتعين علينا إلقاء نظرة على ذلك وليس لدي جواب على هذا الأمر بعد”.

وأضاف بومبيو في حديث لوكالة “بلومبيرغ”، “لقد كنا واضحين للغاية بشأن متطلبات انخراط الولايات المتحدة”، مشيرا إلى أن “لبنان يواجه أزمة مالية فظيعة مطروحة أمامه في الأسابيع المقبلة”.

وتابع “نحن على استعداد للمشاركة وتقديم الدعم ولكن فقط لحكومة ملتزمة بالإصلاح”، مضيفا أن “الاحتجاجات التي تجري اليوم في لبنان تقول لحزب الله كفى”.

ويعتقد خبراء في الشؤون الإيرانية أن واشنطن تسعى من خلال رسائل شينكر وبومبيو إلى استطلاع ما يخطط له حزب الله من خلال الحكومة الجديدة، في ضوء معلومات عن حالة ارتباك يعاني منها الحزب منذ اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في بغداد.

ويعاني حزب الله من أزمة مالية لم يعد بإمكانه المكابرة في إخفائها، كما أنه شديد الارتباك جراء الحراك الشعبي المندلع منذ أكثر من مئة يوم.

وتراقب واشنطن تراجع حزب الله وظهور تشققات داخل جدران هيمنته في لبنان.

وسبق أن اتهم الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الحراك الشعبي بالعمالة والتبعية لأجندات خارجية بعد أيام على انطلاقته مهددا أي مسؤول يستقيل بالمحاكمة. ثم بعد استقالة رئيس الحكومة السابقة سعد الحريري رفض نصرالله تشكيل حكومة تكنوقراط واعتبر أن البلد يحتاج إلى حكومة سياسية. ثم قبل لاحقا، من خلال رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحكومة تكنوسياسية وانتهى به الأمر إلى القبول بتشكيل حكومة تكنوقراط.

وتعتبر مصادر قريبة من وزارة الخارجية الأميركية أن حزب الله أظهر عجزا عن فرض رؤيته على حلفائه في عملية تشكيل الحكومة من لون سياسي واحد ينتمي إلى تحالف 8 آذار الذي يقوده الحزب، وأن الأخير يسعى، حتى من خلال توزير عدد من الذين يحملون الجنسية الأميركية في حكومة دياب إلى بعث صورة جديدة وربما رسائل غير مباشرة إلى واشنطن.

وتسعى الولايات المتحدة رغم موقفها من حزب الله، لإظهار حرصها على استقرار لبنان وعدم التسبب في أي فوضى أو انهيار جراء فرض عقوبات مالية على اقتصاده. كما عرفت دائما كيف تفرض عقوبات جراحية دقيقة ضد حزب الله وداعميه بحيث لا يؤثر ذلك على استقرار البلد.

وتستمر إدارة ترامب في سياسة الضغط على حزب الله، بما في ذلك المساهمة في تقوية الدولة اللبنانية ومساعدة الجيش اللبناني والحفاظ على استقرار النظامين المالي والمصرفي في لبنان، وأن الدعم الذي تجاهر به لقائد الجيش العماد جوزيف عون ولحاكم مصرف لبنان رياض سلامة يصب داخل هذه الأهداف.

كما ينظر الأميركيون بإيجابية لبعض التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة الجديد لجهة تأكيده أن لا نية لحكومته في إقالة رياض سلامة وجوزيف عون، بما اعتبر في واشنطن أنه رسالة واضحة إلى الإدارة الأميركية حول الطبيعة غير العدائية لحكومة دياب، واستعدادها للتأقلم مع الشروط الدولية في مسائل الاقتصاد والتي باتت واضحة منذ مؤتمر سيدر مرورا بما صدر عن صندوق النقد والبنك الدوليين.

كما أن موقف واشنطن سيرتبط أكثر فأكثر بمدى تعاون بيروت مع الجهود الأميركية لترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل، خاصة بعد ما أفادت معلومات دبلوماسية بأن شركات التأمين الكبرى ما زالت متحفظة على إبرام عقود مع شركات النفط المكلفة بالتنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية بسبب ما اعتبرته غيابا للاستقرار الأمني في لبنان بسبب وجود ميليشيات مسلحة.

وتوقعت مصادر لبنانية أن يتأجل أمر التنقيب عن الهيدروكربونات في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان إلى أجل غير مسمى على نحو يتناقض مع ما أعلنته بيروت عبر وزيرة الطاقة في الحكومة السابقة ندى بستاني عن أن أعمال التنقيب باتت قريبة.

ويرى مراقبون أن حكومة دياب أبلغت بهذه المعطيات التي ستشكل مرجعا تتحدد حوله مواقف الولايات المتحدة والدول الحليفة خلال الأسابيع المقبلة.