IMLebanon

“العقل الأمني” مجدّداً

كتب بشارة شربل في “نداء الوطن”:

 

لا نخطئ كثيراً إذا اعتبرنا ان “النظام الأمني” الذي كسرته “ثورة الأرز” في العام 2005، أطل برأسه مدشناً عهد حسان دياب بعد 100 يوم على”ثورة 17 تشرين”.

ويبدو ان “العقل الأمني” نموذجي ويتكرر مع اضطرار السلطة المأزومة الى تشكيل حكومة اللون الواحد والتكشير عن أنيابها بدل المبادرة الى انقاذ البلاد.

ولا تذكرنا خطوة أمس بإزالة الخيم من ساحة الشهداء وفتح الطريق، إلا بتلك الجملة الشهيرة التي نطق بها فريق الرئيس لحود إثر اغتيال رفيق الحريري: “أردموا الحفرة” لتسهيل مرور السيارات قرب السان جورج.

ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن الرئيس بري بانتصاره بعقد جلسة الموازنة تأكيداً لأهمية موقعه السياسي والمذهبي، ربما انتقم من حيث لا يدري، لجلسة البرلمان التي عقدها عقب تشييع الرئيس الشهيد مستأنفاً النقاشات على أساس “Business as usual”، ففوجئ باستقالة الرئيس عمر كرامي تحت وقع هتافات ساحة الشهداء، وبالإصرار على ان جريمة الإغتيال لن تمر مرور الكرام، وبأن هناك ثمناً يتوجب دفعه في الأمن والسياسة على السواء.

ليس قرار حكومة دياب أمس الخلاص من آثار الثورة التي هزّت عروش الفاسدين، إلا نتيجة وَهْمِ نجاحها في السياج الأمني الذي مررت بواسطته تسلّل النواب وتهريبة الموازنة، ولو بأكثرية تافهة لم تحصل على مثلها موازنة في تاريخ البرلمان.

وإذ اعتقد “العقل الأمني” أن استخدام الهراوات والرصاص المطاط والايحاء بغموض يوحي بالهيبة يخمدان الثورة، فإنه تابعَ خطته للاجهاز على “الساحة الرمز” والتي سبق أن شهدت حضور مئات الآلاف بتنوعهم الطائفي ومطالبهم النبيلة، وتعريتهم سلطة الفساد المتحالفة مع الناهبين المصرفيين.

لا نشك في نية حكومة حسّان دياب استخدام القوة المفرطة تلبية لمطلب لم يجد صدى في ظل الحكومة السابقة. فقرار المحور الممانع من ساحات طهران الى بيروت مروراً بالنجف وكربلاء وبغداد هو عدم إعطاء المتظاهرين أي مكسب سياسي، لأن خلخلة أي حجر في المنظومة له تداعيات على كل البناء الذي اجتهد قاسم سليماني في انشائه من الألف الى الياء. لكن سلوكاً قمعياً من هذا القبيل يعمق أزمة المنظومة الإقليمية، وما يتحول لدينا الى “نظام” بدل أن يكون دولة أو مؤسسات… ثم هناك ارادة اللبنانيين في استعادة كرامتهم من المتحكمين بأمورهم، وهي حق لن يعلو عليه الا الإقرار بالحق.