IMLebanon

تمهيد لإفراغ ساحة الشهداء من المحتجّين؟

لم تقتنع القوى الأمنية بفشل محاولتها فتح الطريق في ساحة الشهداء في بيروت بعد ظهر أمس، فكررت المحاولة عند منتصف الليل، وتمكّنت من فتح المسرب المتجه من فندق «لو غراي» إلى مسجد محمد الأمين. ولم يتضح ما إذا كان فتح المسرب سيصمد اليوم أو لا، في ظل دعوات من المحتجين لإعادة إقفاله. ظهر أمس، أفشل المحتجون المحاولة الأولى، بعدما أقفلوا مدخل ساحة الشهداء لجهة مبنى «النهار»، رداً على قيام القوى الأمنيّة بإزالة الحواجز الحديدية بهدف فتح الطريق أمام السيارات. المتظاهرون تجمّعوا وقطعوا الطريق عبر إزاحة بلوكات الاسمنت، رافضين عودة السير إلى طبيعته في الساحة، على اعتبار أن الأمر تمهيدٌ لإخلاء الساحات من المتظاهرين والخيم.

الدعوات للنزول إلى الساحة لم تشهد تجاوباً كالأيام السابقة، وترافقت مع انتشار أخبار عبر مواقع التواصل تزعم «اتخاذ السلطة قرار فرض حالة طوارئ وإخلاء ساحات الاعتصام السابعة مساء»، ما استدعى نفياً من المكتب الإعلامي لوزير الداخلية والبلديات محمد فهمي لـ«ما يثار عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن قرار أمني صادر عنه لفضّ اعتصام وسط بيروت الليلة»، لافتاً إلى «أن إزالة الحواجز الحديديّة عند مداخل ساحة الشهداء أتت بهدف تسهيل حركة المرور أمام المواطنين في العاصمة».
آثار محاولات قطع الطريق بدت ليلاً في الساحة، فيما حافظت القوى الأمنية والجيش على وجودهما مع تخفيض ملحوظ في عديدهما. حواجز الحديد والبلوكات استحدثت بجانب جامع الأمين، فيما استمرّت جدران الاسمنت في عزل مداخل ساحة النجمة. المعتصمون في الخيم حافظوا بدورهم على وجودهم في رياض الصلح وموقف بناية اللعازارية وساحة الشهداء، فيما شاع بينهم جوّ «باقتراب موعد إفراغ الساحات».
وفي طرابلس (عبد الكافي الصمد)، سرت أمس شائعات عن وجود نيّة لإعادة فتح ساحة عبد الحميد كرامي (النّور)، وإنهاء إغلاقها أمام السيارات، بعد مضيّ أكثر من 100 يوم على سدّ مساربها الستّة بمكعبات اسمنتية، منذ اندلاع شرارة الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول الماضي. الأسبوع الماضي، جرى بثّ شائعات في الإطار ذاته. وتحدث البعض عن توجّه لدى جهات أمنية بهدف إعادة فتح الساحة يوم السبت الماضي، الذي صادف مرور 100 يوم على انطلاق الحراك، لكن هذا الأمر سرعان ما تمّ نفيه، وصولاً إلى حدّ اعتبار المشرف على هيئة «حراس المدينة» جمال بدوي، وهي هيئة تشرف على تنظيم النشاطات والأمور في الساحة، بأن هذه الدعوات «مشبوهة»، داعياً إلى النزول بكثافة إلى الساحة والاعتصام فيها، من أجل منع إعادة فتحها، على خلفية أن الساحة، برأيه، «بات لها رمزية كبيرة».
يوم أمس، عادت الشائعات لتتحدث عن الموضوع ذاته، ولكن هذه المرة مع بثّ صور على وسائل التواصل الاجتماعي، تشير إلى فكّ خيم ودعامات حديدية من الساحة، ما دفع عشرات الشبّان إلى المسارعة إلى التوجه إلى الساحة، وسط ازدياد ملحوظ في عدد عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في الساحة ومحيطها.

الأجهزة الأمنية لن تفتح الساحة في طرابلس بالقوة لكي لا تصطدم بالمحتجّين

ساعات قليلة مرّت قبل أن يتبيّن الأمر على حقيقته، وهو أن عضو بلدية طرابلس جميل جبلاوي كان قد قدّم في بداية انطلاق الحراك الدعامات الحديدية التي كانت تدعّم شرفة المبنى المهجور المطلّ على السّاحة، التي اختيرت منصّة كانت تبث منها الأغاني والخطابات، حيث عمد جبلاوي الى استقدام شاحنة لفكّ الدعامات لاستخدامها ضمن أعماله التجارية، ما دفع عدداً من الشبان إلى الاعتراض كون هذه الدعامات تحمي المنصّة. ووقع خلاف بينه وبينهم، قبل أن يسوى الوضع ويتفق الطرفان على إبقاء عدد قليل منها.
وحاول محتجّون إعادة ضخّ الحياة في ساحة الاعتصام، بعد بقائها شبه فارغة في الأيام الأخيرة إلا من الخيم التي استمر وجود عدد محدود من المحتجّين فيها، إضافة إلى البسطات وعربات الباعة الجوالين. وجرى التداول بمعلومات عن أن من وضعوا المنصة الحديدية في الساحة يريدون سحبها منها، بعد التوقف عن دفع إيجارها لهم. سبق ذلك سحب مكبرات الصوت للسبب نفسه، الأمر الذي دفع محتجين إلى تأمين مكبرات صوت بديلة، إنما أصغر حجماً.
هذه التطوّرات شكّلت دافعاً للكثير من التساؤلات عن مصير السّاحة، وإلى متى سيستمر إغلاقها، وهي تساؤلات أجابت عنها مصادر أمنية لـ«الأخبار» بالقول إنه «لا نريد إعادة فتح الساحة بالقوة حتى لا نصطدم مع المحتجين، وفي الوقت نفسه لا يوجد طرف واحد من بين المحتجين يمون على بقية الأطراف لهذه الغاية»، مضيفاً إنه «ننتظر الوقت المناسب لإعادة الساحة إلى ما كانت عليه».