IMLebanon

عقيص لـ”نداء الوطن”: يعزّ عليّ أن يُقرّر صندوق النقد عن الدولة اللبنانية وباسمها

كتبت ماجدة عازار في صحيفة نداء الوطن:
ليس خبيراً مالياً او اقتصادياً، ولكن نتيجة ضغط الهموم وكثرة الكلام حول ما هي المخارج المتاحة من الأزمة المالية المحدقة، تسنّى له ان يستمع ويطّلع على بعض الآراء، سواء النائب ياسين جابر او النائب نقولا نحاس، او الوزير كميل ابو سليمان، حول امكانية الاستعانة بصندوق النقد الدولي، وهم من الذين يطمئن الى آرائهم وحكمتهم، ويعتبرهم من الاشخاص الحكماء، وربما من القلّة الذين يبدون آراء حيادية وعميقة.

يقول نائب “القوات اللبنانية” جورج عقيص لـ”نداء الوطن”: “نعم، دول عدة تعرّضت لما نتعرّض له، ولربما بنسب أقلّ، واضطرت للاستعانة بدعم من البنك الدولي او من صندوق النقد”. ويتمنّى “ألا يستسلم لبنان ولا تستسلم الدولة اللبنانية وترفع الراية البيضاء وتتنازل لاي مؤسسة دولية، ايا تكن، عن قراراتها السيادية، سواء بسعر العملة او بملكية الدولة لأموالها وأصولها”.

وأضاف: “يعزّ عليّ ان تأتي اي مؤسسة، مهما كانت محترفة، مثل صندوق النقد، لتقرّر عن الدولة اللبنانية وباسمها، كم يجب ان يكون سعر صرف الليرة وما هي القطاعات التي تخصص او تباع، أو يُرفع عنها الدعم، وكم يجب ان تكون نسبة حجم الكابيتال كونترول والاقتطاع الضريبي عن المواد والسلع. نتمنى لو كنا لا نزال نملك امكانية القرار لاتخاذه سويا من دون تدخل خارجي”، ويعتبر أن “الأوان لم يفُت اذا صحا البعض قليلاً وادرك المشكلة واقتنع لمرة، انه لم يعد ممكناً ادارة الحكم كما في السابق، بمنطق الزبائنية والمحاصصة والطائفية والفساد المستشري في مرافق الدولة، وبوجوب فتح صفحة جديدة في لبنان. اذا كان الثمن موجعاً لا بأس من دفعه، على ان تكون النهاية سعيدة ونخرج بنموذج دولة حضارية عادلة تُطمئن ابناءها”.

وهل الوقت لا يزال متوافرا والبعض يقول انه سبقنا؟ يجيب عقيص: “صحيح، هذا الامر يجب ان يُترك اساساً للمجلس النيابي مجتمعا، لوزارة المال وللحكومة مجتمعة، ليجلسوا ويتفقوا على خطة مالية انقاذية”.

مجزرة الموازنة

وعن اقرار الموازنة، يقول عقيص: “إذا افترضنا ان لبنان دولة لم تكن تعاني أي ازمة مالية او اقتصادية، لكان واجباً علينا التفكير بأسلوب جديد في صوغ ودراسة الموازنات، اكثر شفافية ورشاقة، فالنموذج المعتمد راهناً لا يتيح للسلطة القائمة مكافحة الفساد ولا اعتماد الشفافية بإدارة المالية العامة، بل يُسوّل لها تغطية الهدر والفساد الى اقصى حدّ، اضف الى ذلك ان قانون المحاسبة العمومية اللبناني قديم العهد يعود الى الخمسينات وكذلك قانون ضريبة الدخل. فكل القوانين الضريبية قديمة وعُدّلت على الطلب و”القطعة” في احوال معينة، من دون حصول اعادة نظر جذرية فيها للوصول الى مفهوم العدالة الضريبية”. يضيف: “الى جانب ذلك، اصبح لبنان اليوم على شفير أزمة مالية واقتصادية خطيرة جدا تبلغ حالة الافلاس. والموازنة التي أُقرّت، أُعدّت على عجلة وتحت ضغط الشارع وبطريقة مرتجلة، ومن دون اي رؤية اقتصادية او مالية نحن نحتاجها اليوم اكثر من اي وقت مضى، وبعد ذلك يأتينا من يعتبرها انجازاً كبيراً ويدّعي انها تتضمن بعض الفوائد للمواطنين. هي على الأكثر أُبر تخدير خادعة، ورأينا ردود الفعل الشعبية العارمة ضد الموازنة كقانون، وضدّ طريقة اعدادها وإقرارها في جلسة لادستورية”.

ويركّز على “ان الموازنات لا ترسم الخطط المالية، بل هي في اي دولة، وسيلة لتنفيذ الخطة المالية والنقدية والاقتصادية، وفي لبنان اقرّينا الموازنة بطريقة ملتبسة وكأنها تهريبة، في جلسة استنكرها الجميع، انعقدت ضمن عوازل من الاسمنت وضعت فاصلاً نهائياً بين ممثلي الشعب والشعب المُمثّل، خلال ثلاث ساعات، في ظل غياب الحكومة، ورئيسها جلس وحيداً مكتوف اليدين، لا حيلة له، وهو أقرّ تحت ضغط بعص النواب انه يتبنّى موازنة لم يكن الجهة التي أعدّتها، ويدّعي انه رئيس حكومة أتت به الثورة، فإذ به يتبنّى سياسة مالية لحكومة أسقطتها الثورة. أظن ان مشهد الامس كان سوريالياً ويثبت صوابية قرار “القوات” الذي كان القرار الصائب بعدم المشاركة في هذه المجزرة الدستورية القانونية السياسية والشعبية”.

“القوات” و”المستقبل”

ويتحفّظ عقيص عن التعليق على موقف “المستقبل”، ويؤكد ان عناوين كبيرة لا تزال تجمع “القوات” مع “المستقبل” تتعلق بحياد لبنان عن صراعات المنطقة والنظرة المشتركة الى السيادة وعدم ربطها بمحاور وأجندات اقليمية، اما في ما يتعلق بأداء كتلة وتيار “المستقبل” فأترك هذا الامر لجمهور “المستقبل”، هو نفسه يقرر ما اذا كانت السياسات المعتمدة من قبل تياره ترضيه أم لا.

ويعلن عقيص “اننا لن نمنح الحكومة الثقة لسبب بديهي ومنطقي، إذ لا يمكن منح ثقة لحكومة اعتمدت معايير المحاصصة نفسها وكانت بمثابة اقنعة أُلبست بوجوه تحجب الوجوه الحقيقية. فهناك فريق أصرّ على الهروب الى الامام ومواجهة اللبنانيين والمجتمع الدولي، ظنّ نفسه انه خدع الرأي العام اللبناني والدولي بأنها حكومة اختصاصيين وغالبية وجوهها غير معروفة، لكن، معروف تماماً، خصوصا في الايام التي سبقت التشكيل، ان فرقاء التشكيل فضحوا انفسهم. فعندما يتهم سليمان فرنجية جبران باسيل بالاستئثار، وعندما يدق “حزب الله” ناقوس الخطر لحلفائه، وعندما يُقال ان اللواء جميل السيد كان “وشويشة” رئيس الحكومة، هذا يعني اننا نعرف تماماً كل هذه المنظومة الى اي محور تنتمي. ولكن عدم منحنا الحكومة الثقة لا يعني اننا نراهن على سقوطها القريب، على العكس فحتى لو لم نمنحها ثقتنا نتمنى ان تُفاجئنا بخطة انقاذية مالية مصرفية ونقدية عاجلة وبخطة لمكافحة الفساد، وباجراءات لاعادة النازحين السوريين، لا نراهن ولا نبني كحزب وكتكتل سياستنا على فشل الحكومة بل نتمنى لها فعلاً النجاح، لكن لن نمنحها الثقة لطريقة تشكيلها، وما جرى امس اكد شكوكنا، فهذه حكومة “لا حول ولا قوة” لانها تأتي من كنف فريق 8 آذار وتعمل بوحي منه. ولكن اذا نجحت وتمكّنت من تقديم اي شيء للبنانيين، سنكون اول الداعمين لاي اجراء تقوم به يصبّ في هذا الاتجاه”.