IMLebanon

الحريري إلى الرياض … فلننتظر الترجمة لبنانياً وحكومياً 

 

محطتان بارزتان على المستوى الداخلي، تحدّدان مسار الأمور السياسية، إن لجهة المزيد من التعقيد الموصل الى انتاج صيغة تسوية جديدة، أو لجهة تسهيل مهمة الحكومة الجديدة لعلها تصنع “أعجوبة” في زمن ندُرت فيه الأعاجيب.

المحطة الاولى هي إتمام صوغ البيان الوزاري في تفاصيله النهائية وإقراره في مجلس الوزراء والتوجه الى مجلس النواب لطلب الثقة على أساسه، وهذا الامر سقفه يوم الخميس المقبل، والمحطة الثانية هي تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري موعداً لجلسات الثقة والتي ستكون بين عيد القديس مار مارون وذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث تتوجه الأنظار إلى هذه الجلسات لتحديد بوصلة التوجهات السياسية من مختلف القضايا الأساسية التي يواجهها لبنان.

لماذا اعتبار إقرار البيان الوزاري في الحكومة وجلسات الثقة من المحطات البارزة؟ السبب يعود إلى ما كشفه مصدر ديبلوماسي غربي لـ”نداء الوطن” من أنّ “الرئيس سعد الحريري الموجود في باريس، انتقل منها أمس وبلا ضجيج إعلامي إلى الرياض، وهي زيارة ذات أهمية إستثنائية، وسيزيد من إستثنائيتها إذا عُقد لقاء بينه وبين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إذ سيكون للمحادثات بُعد شخصي له علاقة بوضع الحريري في المملكة، وبُعد سياسي حول المرحلة الراهنة والمستقبلية على صعيد الداخل اللبناني وعلى مستوى تطورات القضايا العربية والإقليمية”.

ويقول المصدر إنه “في ضوء اجتماع الحريري وبن سلمان، إذا حصل وأعلن عنه، يمكن حينها رصد مآل الايام القادمة لبنانياً، إن كانت ستنحو إلى التهدئة والتعاون لإمرار هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ المنطقة وفي قلبها لبنان، أو أنّ انقلاباً سياسياً سيحصل يعيد ترتيب الأوراق الحكومية وفق ثابتة أنّ الحريري هو ممثل المكون السني في حكم اصطلح على تسميته “حكم الأقوياء في طوائفهم”.

ويضيف المصدر أنّ “المجتمع الدولي ومن ضمنه الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية ترصد بقوة وتتابع عن كثب ما سيتضمنه البيان الوزاري للحكومة الحالية، وما سرّب من مسودة شبه نهائية، لم يؤد إلى إحداث صدمة إيجابية قوية، إذ إنّ هذا البيان لم يخرج عن المألوف في مقاربة الملفات الأساسية، لا بل لم يضع خططاً واضحة وبمهل زمنية محددة وغير مفتوحة، لمعالجة أزمات أساسية وأبرزها المالية العامة والنقد الوطني والانهيار الاقتصادي، لا بل استنسخ القسم السياسي من البيان الوزاري للحكومة السابقة مع إضافة عبارات تجميلية لا تغني ولا تسمن من جوع، وإذا كان هذا هو البيان الوزاري فإنّ على حكومة الرئيس حسان دياب ألّا تتأمل كثيراً بانفتاح شهية الدعم الدولي لمساعدة لبنان على الخروج من أزماته”.

ويوضح المصدر: “من هنا يأتي انتظار موعد جلسات الثقة، ولا سيما إن كانت كتلة المستقبل النيابية ستشارك وإن كان الرئيس الحريري سيشارك شخصياً، وما نوعية الكلام الذي سيقال، فإذا كان الكلام على الفصل بين مسؤولية الحكومة الجديدة عن المسار الانحداري السابق والتعامل معها وفق مناقشة بنّاءة لمضمون البيان الوزاري، تكون النية هي لإعطاء فسحة أمام الحكومة للعمل، أما إذا كان النقاش على قاعدة الهجوم المركّز والعنيف على الحكومة وتحميلها كل الموبقات وأثقالها بمطالب تعجيزية، فهذا يعني أنّ الهدف تكبيلها تمهيداً لجعل عمرها قصيراً”.

ويؤكد المصدر أنه “إذا كانت الرغبة السعودية هي في الإبقاء على الحريري ممثلاً أول وأساسياً للمكون السنّي، وأن المساعدة للبنان مربوطة بموقعه في النظام وعلى رأس السلطة التنفيذية، فإنّ قوى أساسية جاهزة لتلقف ذلك والعمل على إعادة بناء توافق سياسي داخلي، وأبرز هؤلاء الثنائي الشيعي غير “المغروم” كثيراً بالرئيس دياب ومعهما رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، من دون إغفال هذه الأمنية لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الذي لم يقفل الباب أصلاً على إمكانية صوغ تسوية جديدة مع زعيم المستقبل”.

ويختم المصدر بالقول: “إستناداً إلى نتائج زيارة الحريري إلى السعودية سيتحدد مسار الأمور في الداخل، ومن غير المستبعد إذا كانت النية هي إعادة ترتيب الوضع الداخلي وفق التوازنات السياسية والنيابية أن يُعمد إلى الإطاحة بحكومة دياب، خصوصاً وأنّ تطورات الإقليم صارت تفرض وبإلحاح موقفاً سياسياً إجماعياً لبنانياً لا يتحقق إلا في مجلس الوزراء مجتمعاً، الذي سيكون مطوّقاً بشروط دولية تتصل بالإصلاحات والاستجابة لمطالب انتفاضة الشعب اللبناني”.