IMLebanon

تعليمات إيران لحزب الله: اجنح إلى التهدئة لتخفيف الضغوط الدولية

يجنح حزب الله إلى التهدئة في مواقفه السياسية بالنسبة إلى الخارج بناء على تقييم أجراه الحزب داخل دوائره القيادية ولم تكن إيران بعيدة عن هذا القرار.

ونقلت مصادر سياسية لبنانية عن مقربين من حزب الله تحدثوا عن أنه سينتهج أداء جديدا بما فيه عدم الاعتراض على ترسيم الحدود مع إسرائيل، بغرض التخفيف من الضغوط الدولية التي باتت تنال من بيئته الحاضنة مباشرة.

ويدفع حزب الله نحو تبرئة الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة حسان دياب من تهمة التبعية له ولأجنداته، وأنه قرأ جيدا المواقف الصادرة من واشنطن والتي تشكك في استقلالية الحكومة عن قرار قيادة الحزب في حارة حريك وأجندة القيادة الإيرانية في طهران.

وترى مصادر سياسية أن الحزب لا يتحرك بمعزل عن الدور المطلوب منه إقليميا وفق خارطة الطريق التي توضع في إيران، وأن هدوء خطابه هذه الأيام ليس وليد قرار ذاتي، بل هو جزء من نتائج المداولات التي تجري في الداخل الإيراني بعد العملية الأميركية التي قتلت قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني وبعد إسقاط الطائرة المدنية الأوكرانية بصاروخ متعمد أطلقته قوات الحرس.

واعتبرت المصادر أن هذه التهدئة تأتي في محاولة للتخفيف من وقع التهديدات التي أطلقها أمين عام الحزب حسن نصرالله إثر مقتل سليماني والتي وعد فيها برد مستقل عن الرد الإيراني يكون مقدمة لإزالة الوجود الأميركي في المنطقة.

وكشفت المصادر أن التهدئة تأتي أيضا بعد أن نشطت القنوات الدولية مع طهران في محاولة لتخفيف التصعيد، والتي كان أبرزها الزيارة التي قام بها منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى طهران.

وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد أطلق بعد اجتماعه بالمبعوث الأوروبي موقفا يعبر عن استعداد إيران للتعاون مع أوروبا والعودة للالتزام الكامل ببنود الاتفاق النووي “شرط احترام الآخرين لالتزاماتهم.”

وجاء موقف روحاني بعد أيام على موقف أثار جدلا في إيران أطلقه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أكد فيه أن تفاوض بلاده مع الولايات المتحدة ما زال واردا على الرغم من قيام واشنطن باغتيال سليماني.

ولفتت المصادر إلى أن أنشطة حزب الله العسكرية ما زالت مستمرة وأنه أعلن مؤخرا عن سقوط قتلى له في المعارك الدائرة حول حلب وإدلب، إلا أن الحزب يحاول ألاّ يبرز أمر ذلك كثيراً، بسبب حالة الإحباط داخل جمهور حزب الله وتصاعد الأسئلة حول وجاهة استمرار الشيعة في لبنان دفع أثمان دموية خدمة لأجندة إيرانية في سوريا.

ويسعى الحزب للتخفيف من خطابه المعادي للخارج، لاسيما ضد دول الخليج، لما لهذا الخارج من أهمية قصوى في توفير الدعم المالي العاجل الذي يحتاجه البلد للخروج من مأزقه.

ويدرك الحزب أن بيئته باتت تعاني كثيرا من ثقل الأزمة الاقتصادية وأنها تنظر بعيون غاضبة إلى المواقف التي يطلقها الحزب ضد المجتمعيْن العربي والدولي دون أن يكون للحزب بديل، خصوصا وأن العقوبات الأميركية جعلت إيران عاجزة عن لعب الدور الداعم ماليا، والذي لعبته إثر حرب عام 2006، كما أن أيّ دعم مالي قد تقدمه قطر إلى لبنان لن يكون كافيا لوحده دون تدخل دولي شامل لإنقاذ البلد.

 

حزب الله لا يتحرك بمعزل عن الدور المطلوب منه إيرانيا
وترى مصادر مراقبة أن حزب الله، الذي أشرف بعناية على تشكيل الحكومة الجديدة والضغط على حلفائه للقبول بها، سيحرص على توفير شروط نجاحها وقبولها دوليا، وبالتالي تسهيل ما وعد به دياب من التزام سياسة النأي بالنفس والتمسك بالانتماء العربي، كما تسهيل مهمة وزير الخارجية ناصيف حتّي في تطبيع علاقات لبنان مع الدول العربية، لاسيما مع دول الخليج، والتي تأثرت سلبا بسبب المواقف التي كان اتخذها وزير الخارجية السابق جبران باسيل والتي ابتعدت عن مواقف الرياض وأبوظبي وأظهرت محاباة مفرطة لموقف طهران.

ويسعى حزب الله إلى تجنب أن يتحمل مسؤولية أيّ فشل في تحقيق إنجازات سريعة للحكومة بسبب الاشتباه بتبعيتها له. وقد ظهر من تصريحات النائب عن الحزب حسن فضل الله أن الحزب بصدد الإعداد لمشاريع قوانين أساسية ستطرح في مجلس النواب بشكل مكثف من أجل تنظيم عملية الإصلاح، وسدّ الثغرات القانونية التي تجعل الفساد مقوننا.

وتوقعت مصادر برلمانية لبنانية أن ممثلي حزب الله سيغادرون المقاعد الخلفية فور نيل الحكومة ثقة مجلس النواب لحاجته للمنبر الحكومي لإظهار سياسته الجديدة في التجاوب مع حركة الشارع المندلع منذ الـ17 من أكتوبر الماضي، والذي لطالما اتهمه نصرالله بارتباطه بسفارات وأجندات خارجية.

وأكدت على أن حزب الله يسعى إلى عدم الانجرار في الانخراط في ملفات قد تعتبر مستفزة للمجتمع الدولي.

وقالت المصادر إن الحزب لم يعد يدفع، كما فعل في عهد حكومة سعد الحريري السابقة، إلى تطبيع العلاقات السياسية بين بيروت ودمشق، وهو متحفظ على طرح هذه المسألة هذه الأيام على نحو يتناقض مع حماس رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في هذا الشأن.

وتسرّب مصادر حزب الله التسليم بما يقرّره حليفه زعيم حركة أمل ورئيس مجلس النواب نبيه بري في شأن مسائل ترسيم الحدود، البرية والبحرية، بين إسرائيل ولبنان.

وترى المصادر إلى أن هدوء الحزب قد يكون مؤقتا وسيعود عنه إذا ما تطلبت الرغبة الإيرانية ذلك، إلا أنه أمام امتحان مهمّ أمام اللبنانيين خلال الأسابيع المقبلة، خصوصا الشيعة منهم، لتقديم الدليل على قدرته على إنجاح مهام حكومة كان وراء ولادتها.