IMLebanon

وزير الاتصالات.. أول دخوله شمعة طوله

كتب إيلي الفرزلي في صحيفة “الأخبار”:

ملفات كثيرة كانت تنتظر وزير الاتصالات طلال حواط عقب نيل الحكومة الثقة، أبرزها ملف استرداد قطاع الخلوي من قبل الدولة، الذي أوصت به لجنة الاتصالات النيابية، وأكدته هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل، معتبرة أن استمرار شركتي الخلوي في إدارة القطاع يشكّل مخالفة صريحة للقانون. تأخر الوزير في بتّ هذا الملف، ولا يزال، لكنه ارتأى المسارعة إلى صرف موظفين من هيئة مالكي قطاع الخلوي بطريقة غير لائقة ولا تراعي القانون. صحيح أن أغلب المصروفين هم جزء من التوظيف السياسي، الذي تناوب عليه وزراء الاتصالات السابقون، والذي ينبغي إيجاد حل له، إلا أن ذلك لا يبرر تبديل الأولويات ولا يبرر اتخاذ القرار من دون مراعاة الحد الأدنى من حقوق المصروفين. في الرسائل التي تلقوها، لا إشارة إلى أي فترة إنذار أو تعويض. فقط طُلب منهم تسليم الأمانات من مفاتيح وأجهزة كمبيوتر وهواتف… ومغادرة مكاتبهم فوراً، على أن يتسلموا أنصاف رواتبهم الشهرية قبل الساعة الخامسة من بعد ظهر 17 شباط.

اللافت أن قرارات الصرف تشمل أعضاءً في مجلس إدارة الهيئة، على رأسهم المهندس ألان باسيل الذي انضم إلى الهيئة في العام 2002، في عهد الوزير جان لوي قرداحي، ما منحه خبرة واسعة في القطاع، خاصة أنه هو الذي أسهم في إعداد عقد تشغيل شبكتي الخلوي، الذي يتم العمل بموجبه حتى اليوم. إضافة إلى باسيل شمل قرار الصرف: بلال الحسن، زياد ضاهر، محمد شعبان، حسين الجراح، محمد عفيفي، شارلي سعد، ربيع سليمان، عمر عبد الرحمن، وفؤاد فليفل (الأمين العام السابق لمجلس الوزراء)، وهؤلاء جميعهم سبق أن وظفّهم جمال الجراح ومحمد شقير.
في القرار عدد من الإشكاليات، أولاها أن أعضاء الهيئة عيّنوا بقرار وزير، فيما قرار الصرف وقّعه «رئيس الهيئة» ناجي عبود. في مسألة صرف باسيل وشعبان تحديداً يصبح الأمر أكثر تعقيداً، فهذان المستشاران يتساويان قانوناً مع عبود في التوصيف الوظيفي. هم جميعاً يشكلون جزءاً من هيئة المالكين المنصوص عليها في المادة 15 من العقد الموقّع مع مشغليّ الخلوي، وهم عيّنوا بقرار وزاري واحد.
في الأساس، لا تشير المادة 15 إلى منصب «رئيس الهيئة»، بل تدعو إلى اختيار من يمثّل الهيئة تجاه شركتي إدارة الخلوي من بين أعضائها. هذا ما يظهر جلياً، على سبيل المثال، في قرار تشكيل الهيئة الموقّع من الوزير بطرس حرب، في 18 كانون الثاني 2016، يوضّح أنها تتمثل تجاه الشركتين بكل من جيلبير نجار وناجي عبود وبتوقيعهما معاً (في قرار تشكيل الهيئة في 15 أيلول 2016، اكتفى حرب بتكليف عبود وحده بتمثيل الهيئة، بعد أن غادرها نجار).

لا موقف من حواط بشأن استرداد قطاع الخلوي… بانتظار «تجميع ملفاته»
ذلك الأمر تغيّر مع الوزير جمال الجراح الذي قرّر من تلقاء نفسه، وخلافاً لما ينص عليه عقد الإدارة، تعيين أعضاء الهيئة وتسمية عبود رئيساً لها. منذ ذلك الحين، يوقّع عبود المعاملات بصفته رئيساً للهيئة لا ممثلاً لها ومخوّلاً بالتوقيع نيابة عنها. لكن هذه المرة، المعاملة الموقّعة منه لها طابع مختلف. في قراره الصادر في 13 شباط، لم يوقّع على كتب تتعلق بمشغلي الخلوي، بل وقّع كتاب الاستغناء عن خدمات مستشار مواز له في المنصب قانوناً. لكن الأسوأ أن القرار يلغي قراراً صادراً عن وزير، بما يخالف توازي الصيغ. فكما الوزير لا يحق له مخالفة أو إلغاء أو تعديل قرار حكومي، فإن الموظف أو المستشار، لا يحق له مخالفة أو إلغاء أو تعديل قرار وزاري، وهو حكماً لا يمكنه أن يستغني عن خدمات مستشارين عيّنوا بقرار وزير. أما حواط فاكتفى بتغطية القرار المخالف للقانون، بينما كان بإمكانه توقيعه بنفسه إن وجد أنه لا بد منه.
القرار الأول لا يطمئن. وزير الاتصالات يؤكد لكل من يتواصل معه إنه يُعدّ ملفاته منذ اليوم الأول الذي وطئت فيه قدماه أرض الوزارة، وأنه سيعلنها فور جهوزها، وإذ به يبدأ من المكان الخطأ وبالطريقة الخطأ، فيضرب عرض الحائط بجميع موجبات المادة 15 من عقد الإدارة، فلا يحترم الضمانات الواردة فيها لأعضاء الهيئة، والتي وضعت خصيصاً لتحول دون أي ابتزاز أو ضغوط تمارس عليهم. فهذه المادة تنص بوضوح على مهام أعضاء الهيئة وتحدد سقف التعويضات التي تصرف لهم من الواردات المحققة لقطاع الخلوي (واحد في الألف، أي ما يعادل 1.8 مليون دولار خلال العام 2019). كما تحدد الحقوق الوظيفية التي تضمنها الدولة لأعضاء الهيئة بما يحول دون أي تدابير تعسفية أو إجراءات كيدية ترتبط بمصالح فئوية أو سياسية. فباسيل، على سبيل المثال، يعمل بدوام كامل منذ العام 2002، وهو صار له، بموجب قانون العمل اللبناني، حقوق مكتسبة، لا سيما لجهة تعويضات نهاية الخدمة وتعويضات الصرف التعسفي.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ يتردد أن المستشار السياسي للنائب فيصل كرامي، حمدي درنيقة، الذي تحوّل ليكون الرجل الأقوى في وزارة الاتصالات، أعطى أوامره لحرس الوزارة بمنع دخول أي من الموظفين المطرودين إلى الوزارة لأخذ حوائجهم وأغراضهم. وأعدّ هو شخصياً لائحة بأسمائهم، وعندما نشرت اللائحة على مواقع التواصل الاجتماعي، توعّد بإجراء تحقيقات في ذلك يوم الإثنين.