IMLebanon

الحريري إلى الامارات والسعودية قريباً

كتبت غادة حلاوي في صحيفة “نداء الوطن”:

في الرابع عشر من شباط نشر سفير المملكة السعودية في لبنان وليد البخاري صورة تجمعه والسفير الاماراتي في لبنان حمد الشامسي يتوسطهما رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. ربما أرادها وزيارته إلى بيت الوسط أن تكون الاشارة التي تقول إن السعودية كما الامارات عادتا إلى احتضان الحريري مجدداً سياسياً. وتفيد المعلومات أن رئيس الحكومة السابق يستعد فعلياً إلى زيارة كل من الامارات والسعودية في غضون أيام، ترجمة لقرار اتخذ بأن يعود إلى أحضان الخليج الذي احتضنه طوال مسيرته السياسية منذ اغتيال والده وحتى اليوم، وقد تجاوز الزمن فترات العلاقة الضبابية بينهم وبينه.

عملياً منذ خرج الحريري من الحكومة اتخذ قراراً بأن يشكل خروجه انطلاقة جديدة في حياته السياسية يعيد معها تصحيح الخلل في رصيده الشعبي ومع الحلفاء القدامى محلياً، ويعيد الحرارة إلى خطوط التواصل المقطوعة مع الخارج. صار الحريري متحرراً من عبء رئاسة الحكومة لكن مسؤولياته السياسية لن تكون أقل منها بالنسبة الى المملكة الحاضنة والتي لها مشروعها السياسي على مستوى المنطقة يتقدم على حساباتها في لبنان.

وفيما لم تحسم السعودية، كما الامارات، قرارهما باستقبال دياب من عدمه، فتحا أبوابهما للحريري لإعادة احتضانه مجدداً. هذا لا يعني أن أبواب الخليج والمملكة موصدة في وجه رئيس الحكومة الجديدة بل إن قراءة البعض التحليلية تقول إن الدولتين قد تستقبلان الحريري أولاً قبل استقبال دياب الذي من المرجح أن يباشر جولاته العربية بزيارة مصر بدايةً لتنجلي بعدها صورة زياراته المتبقية، خصوصاً أن هاتين الدولتين كان جوابهما غير الرسمي أن بإمكانه الزيارة ساعة يشاء، لكن شكل الزيارة يختلف حينما يكون هناك قرار رسمي باستقباله ونتائجها تكون مثمرة أكثر عندما تكون رسمية.

وتؤكد عودة السعودية الى احتضان الحريري على عدم وجود بديل عن الحريرية مستقبلاً وأن أياً من الشخصيات السياسية في لبنان لم تستطع ملء الفراغ، علماً أن الحريري وخلال زيارته الأخيرة لم يقابل أي مسؤول سعودي وهذا ما بنى عليه الكثير من الشخصيات السنية المتأهبة لنعي الحريرية والبناء على الفكرة.

غير أنّ عودة علاقاته الى سابق عهدها مع دول الخليج انما تأتي بناء على جملة خطوات مطلوبة في الفترة المقبلة، سيكون منها أو أهمها تشكيل جبهة سياسية في مواجهة العهد و”حزب الله”، وقد اعتبر خطابه يوم الرابع عشر من شباط بداية مطلوب استكمالها بخطوات اضافية. واذا كان الحريري حرص ولا يزال على تحييد “حزب الله” عن المواجهة مع العهد، فان المطلوب ان يدخل “حزب الله” ضمن الحملة، لكن لرئيس الحكومة السابق وجهة نظر تقول بضرورة تحييد “الحزب” في الفترة المقبلة درءاً للفتنة السنية – الشيعية، خصوصاً ان العقوبات الأميركية المفروضة عليه من شأنها أن تحدث تأثيراً على وضعه ضمن جمهوره.

وفق مصادر معنية فإن الأمور قد تتوضح من اليوم وحتى نهاية الأسبوع، خصوصاً أن الحريري ينوي القيام بجولة خارجية في محاولة لجلب استثمارات وودائع الى لبنان في محاولة لحل الأزمة المالية، وهو كان أكد في ختام كلمته التي ألقاها في ذكرى اغتيال والده أنه لن يوفر جهداً في المساعدة. وفي الوقت نفسه يبدو أن ابواب المساعدات الاقتصادية والمالية للبنان لن تكون سهلة المنال، والإشارات التي تلقاها الحريري كما غيره من المسؤولين غير مشجعة، حيث القرار، الذي لا يزال ساري المفعول، يقضي بحجب المساعدات المالية عن لبنان طالما بقي وضع “حزب الله” على حاله، فالمطلوب ان يكون التصدي لسياسات “حزب الله” أولوية بقرار من الأميركيين أنفسهم، الذين يحجبون عن لبنان المساعدات الخارجية ولو شرعوا أبوابهم لاستقبالات مختلفة لكن على قاعدة “أهلاً وسهلاً” بالزيارة، على أن يعود قاصدهم خالي الوفاض وربما بمن فيهم الحريري ذاته.

ينصب اهتمام المملكة في الفترة المقبلة على مواصلة الحرب ضد “حزب الله” في لبنان انطلاقاً من المواجهة بينها وبين إيران، وهي ستدعم الحريري وغيره ليكون رأس حربة المواجهة، خصوصاً بعد أن تخلى عن رئاسة الحكومة ولم ينجرّ وراء إغراءات “حزب الله” بالاستمرار في السراي الكبير، لكن هذه وحدها لن تنجيه من دفع أثمان أخرى قد يكون منها إعادة لم الشمل في ذكرى الرابع عشر من آذار ولو أنّ هذه باتت مهمة مستحيلة، خصوصاً وأنّ هذه القوى أصابها التصدع وقد تفرّق شمل شخصياتها.

تكثر التحليلات وقد يصيب بعضها وقد يخطئ، على أنّ كل الأمور تبقى رهن اللقاء الذي ينتظره الحريري قبل أي طرف آخر مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان… حينذاك يُبنى على الشيء مقتضاه.