IMLebanon

زيارة لاريجاني: السمّ من دون دسم

كتب طوني ابي نجم في صحيفة “نداء الوطن”:

لم تكن زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت بريئة في مضمونها وتوقيتها. ففي المضمون الاقتصادي لم يكن لدى المسؤول الإيراني ما يقدّمه للبنان في ظل العقوبات القاسية التي تحاصر نظام الملالي، والتي أوصلت ليس إلى عزلة قاسية تتعرض لها طهران فحسب إنما أيضاً إلى انهيار مالي واقتصادي في إيران وحال من الجوع والعوز تسيطر على الشعب الإيراني. ووعود السيد علي لاريجاني أو إعرابه عن استعداد بلاده لمساعدة لبنان لم يخرج عن سياق التصاريح الممجوجة والمكررة للموفدين الإيرانيين، وبالتالي القاصي والداني يعرف أن إيران العاجزة عن مساعدة نفسها وشعبها هي أعجز عن أن تساعد الشعب اللبناني في أزمته المالية والاقتصادية والنقدية، كما هي أعجز عن أن تضع وديعة مالية واحدة بالدولار الأميركي في مصرف لبنان، تماماً كما أن لبنان لا يمكن أن ينتحر بقبول أي مساعدة مالية أو اقتصادية من إيران كي لا يلتحق كدولة بركب العقوبات الأميركية!

أما في المضمون السياسي فظهر لاريجاني كتلك التي تحاضر بالعفة حين أعلن باسم إيران، وهي الدولة الراعية للإرهاب بحسب التصنيف الأميركي، رفضه تصنيف “حزب الله” كمنظمة إرهابية!

لكن الكارثة الكبرى تبقى في توقيت الزيارة، التي أتت لتكرّس كونها أول لقاء لرئيس الحكومة الجديدة حسان دياب مع أي طرف خارجي، في محاولة سافرة للتأكيد أن هذه الحكومة اللبنانية هي بالفعل “حكومة حزب الله”، وهي حكومة موالية بالكامل لإيران، كما استهدف توقيت الزيارة إحباط الهدف الذي كان أعلنه الرئيس دياب بأن يستهل مسؤولياته بعد الثقة بجولة خليجية على الدول العربية، هذه الجولة التي باتت عملياً مستبعدة بعد “الإنزال” السياسي الإيراني في بيروت، ما يعني ازدياد العزلة اللبنانية عن الأشقاء العرب، كما يعني استحالة الحصول على أي مساعدات عربية كانت أعلنت الحكومة في بيانها الوزاري أنها ستسعى لنيلها.

هكذا يتضح أن زيارة لاريجاني حملت أجندة واضحة: تثبيت انضمام لبنان إلى المحور الإيراني، عزل لبنان عربياً بالكامل، والتأكيد أن الإمرة في الداخل اللبناني هي لـ”حزب الله”. وهذه الأجندة لم تكن بعيدة على الإطلاق عن الدلائل السياسية التي حملها كلام السيد حسن نصرالله الأخير، والذي دعا فيه الأطراف المعارضة إلى الانضمام إلى لجنة مشتركة اقتصادية – مالية، وكأن مهمة المعارضين للحكومة الجديدة ولـ”الحزب” أن ينوبوا عنهما في مهمة الإنقاذ المالي، في حين أن “حزب الله” كان ثبّت السيطرة على القرارات الاستراتيجية والمؤسساتية والسياسية بين يديه!

وفي الخلاصة، لم يقبل علي لاريجاني بأن يدسّ لنا السمّ في دسم الدعم الإيراني المستحيل، بل أتت زيارته لتقدّم لوطن الأرز الغارق في انهياره كل السمّ من دون أي دسم!