IMLebanon

وفد الصندوق الدولي محذراً: فرص الإنقاذ محدودة!

كتب عمر البردان في صحيفة “اللواء”:
لا يجد لبنان نفسه في ظل الواقع المالي الصعب الذي يعانيه، أمام خيارات متعددة للخروج من الأزمة التي تعصف به على أكثر من صعيد، بعدما قرر الاستعانة بخبرات صندوق النقد الدولي، لتجاوز هذا المأزق، وطالباً مشورته بما يتصل بتسديد سندات «يوروبوند»، في ظل حالة ارتباك يعيشها المسؤولون تجاه التعامل مع هذا الملف، وإن كانت الترجيحات تصب باتجاه إعادة جدولة التسديد، بناء على نصائح وفد «النقد الدولي» الذي كانت له لقاءات مع عدد من المسؤولين الرسميين، تركزت حول الوسائل التي يمكن أن يعتمدها لبنان، لتسديد السندات بالعملة الصعبة، وبما يمكنه من الخروج من أزمته التي تفترض القيام بخطوات استثنائية غير مسبوقة.
واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، فإن وفد صندوق النقد، وبعدما استمع إلى وجهة النظر اللبنانية من الملف المالي، وتحديداً بما يتعلق بالسندات الأجنبية، كان واضحاً في التحذير من خطورة الأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان، بتأكيده أن الخيارات ضيقة للغاية أمام المسؤولين، وبالتالي فإن فرص الانقاذ تبدو محدود، إذا لم تبادر الحكومة إلى السير بخطوات جراحية عاجلة، لإنقاذ ما يمكن انقاذه، بعدما تلكأت السلطات السياسية والنقدية كثيراً بما هو مطلوب منها منذ سنوات، لوضع البلد على سكة المعالجات الصحيحة . فالتخبط السياسي وتفشي الفساد وغياب الاصلاحات، عوامل ساعدت بقوة على تردي الوضع الاقتصادي الذي بات يحتاج إلى إجراءات سريعة لوقف النزيف الذي  ينذر بالأسوأ.
وتشير المعلومات، إلى أنه كان واضحاً من خلال ما سمعه المسؤولون اللبنانيون من وفد «النقد الدولي» الذي سيواصل لقاءاته في الأيام المقبلة، أن الدول المانحة والمؤسسات المالية العالمية، في حال قررت مساعدة لبنان، فإنها لن تقدم أي مساعدة قبل أن تلمس بأن السلطة اللبنانية قامت بما يتوجب عليها من إصلاحات، لإخراج البلد من أزمته المستعصية. بمعنى أوضح أنه ما عاد بمقدور لبنان «التذاكي» على المجتمع الدولي، والطلب إليه الحصول على المساعدات، قبل المبادرة إلى القيام بالاصلاحات الضرورية للانقاذ، مشيرة إلى أن الوفد الذي قدم رؤيته لخارطة الطريق التي يتوجب على لبنان اتباعها للخروج من النفق، بانتظار أن يقرر لبنان الاستعانة بخبرات الصندوق، للخروج من هذه الأزمة التي تتهدده بمخاطر جسيمة على مختلف المستويات.
ويظهر جلياً أن الدول المانحة ومن خلال ما قاله وفد الصندوق، ليست على استعداد لتقديم مساعدات، إذا لم يحصل من جانب لبنان التزام فعلي بالإصلاح وعلى مختلف الاصعدة، وتحديداً في ملف الكهرباء التي تشكل معضلة وأساس كل العلل التي يعاني منها لبنان، باعتبار أن عجز هذا القطاع يشكل نصف الدين العام، عدا عن سلسلة من التدابير العلاجية الموجعة التي ينبغي على لبنان اللجوء إليها للتخفيف من حجم هذه الأزمة المتفاقمة، في وقت تردد أن موفداً فرنسياً سيزور بيروت في الأيام المقبلة، استكمالاً لزيارة وفد صندوق النقد، للبحث في ملف «سيدر» الذي تثار بشأنه أسئلة عديدة، وما إذا كان قادراً بعد على انتشال البلد من الغرق، سيما وأن تساؤلات عديدة للدول المانحة برزت في الفترة الاخيرة عن أسباب التأخير في القيام بالاصلاحات التي طلبها المجتمع الدولي لمساعدة لبنان.
وتشدد أوساط نيابية، على أن لا مفر أمام لبنان إلا الاستجابة لمقترحات صندوق النقد الانقاذية، مهما كانت موجعة وصعبة، خاصة وأن ظروف لبنان تستوجب إعلان خطة طوارئ اقتصادية ومالية، قادرة على الاستجابة لهذه المقترحات، بالرغم من صعوبتها، دون أن يعني ذلك الارتهان للخارج، في موازاة استعداد عربي لتقديم مساعدات مالية عاجلة، بالتزامن مع القيام بورشة إصلاحات، تشكل حافزاً للأشقاء العرب والمجتمع الدولي، لمد يد العون للبنان، لتخطي الصعوبات التي يواجهها.