IMLebanon

هل يفتح جنبلاط معركة لإسقاط عون؟

كتب ناصر زيدان في صحيفة الأنباء الكويتية:

على عكس ما تتناوله بعض التحليلات والمقالات، لم يفتح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط معركة إسقاط رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتقول أوساط واسعة الإطلاع: ان جنبلاط كان واضحا في حديثه لتلفزيون «العربية ـ الحدث» الأخير عندما قال: التغيير في لبنان لا يمكن أن يحصل إلا من خلال انتخابات نيابية، وتغيير هذا العهد الذي فشل، لا يكون إلا باصطفاف وطني على غرار ما حصل في العام 1952، وقال جنبلاط: تجنبا للحساسيات المناطقية والطائفية لا أريد أن أبادر الى طلب استقالة الرئيس إلا بعد أن يكون هذا الشعار قد حصل على توافق وطني، وأترك لغيري المبادرة، غامزا من قناة المرجعيات المسيحية في هذا السياق، ومشيدا بموقف النائب السابق دوري كميل شمعون الذي طالب الرئيس بالاستقالة، وبموقف مطران بيروت بولس عبدالساتر الذين طالب المسؤولين العاجزين عن تأمين عيش كريم للناس بالاستقالة ايضا، وكان أمامه في كنيسة مار مارون الرئيس عون.

في 17 أغسطس من العام 1952 أقسم عدد من القيادات اللبنانية على التعاون فيما بينهم لإجبار رئيس الجمهورية على الاستقالة، وكان في مقدمة هؤلاء الزعيم الراحل كمال جنبلاط والزعيمين المارونيين كميل شمعون وسليمان فرنجية، إضافة الى عدد من الشخصيات التي تمثل أغلبية المناطق والطوائف. وبالفعل فقد استقال الرئيس بشارة الخوري بعد أن أعلنت الجبهة الوطنية الاشتراكية المعارضة الإضراب العام في البلاد، ونظمت مهرجانا شعبيا حاشدا في بلدية دير القمر الشوفية.

وإذا كان جنبلاط لم يعلن عن فتح معركة إسقاط الرئيس تحاشيا لخلق حساسيات طائفية او مناطقية، انطلاقا من تجربة سابقة حصلت إبان ثورة الأرز في العام 2005 مع الرئيس أميل لحود والتي عارضها حينها البطريرك الراحل نصرالله صفير رغم معارضته للحود، لكن ذلك لا يعني أن موضوع اسقاط الرئيس غير مطروح، ذلك أن الانتفاضة الشعبية الشاملة التي انطلقت في 17 اكتوبر الماضي، حملت هذا المطلب قبل أن يتراجع زخمها. ومن المؤكد أن الرئيس وتياره يطالهم الجزء الأكبر من المسؤولية عن الانهيار الحاصل في البلاد، خصوصا لكونهم مسؤولين دون غيرهم عن أهم الملفات التي أدت الى انهيار المالية العامة، لاسيما ملف الكهرباء وملف التهريب.

وتقول الأوساط الواسعة الإطلاع ذاتها: إن مطلب الانتفاضة بإجراء انتخابات نيابية مبكرة يهدف بالدرجة الأولى الى توفير أرضية تشريعية لانتخاب رئيس جديد، لأن إسقاط الرئيس في ظل وجود المجلس النيابي الحالي، قد يدخل البلاد في مرحلة فراغ طويلة ومهلكة، او أنه قد يعيد التجربة ذاتها التي حصلت عام 2016 بعد فراغ في سدة الرئاسة دام عامين ونصف العام، لأن القوى التي فرضت انتخاب الرئيس عون، وفي مقدمتها حزب الله، مازالت هي ذاتها التي تتحكم بلعبة التعطيل.

وتطرح هذا الأوساط تساؤلات عما يمكن أن يكون عليه الحال فيما لو استقال الرئيس وبقي الحزب على موقفه. لأن القدرة التعطلية لديه مازالت كبيرة، وأحد مصادر العتب على الحزب، أنه خاصم الجميع في لبنان حتى الذين راعوا سياسته في الكثير من المحطات، ولكنه لم يوجه أي لوم الى الرئيس وفريقه رغم الاستنزاف الذي أصابه من جراء هذا الموقف. بالمقابل، فإن العتب على الرئيس عون وفريقه كبير، لأنهم اعتمدوا في سياستهم على ارضاء حزب الله

واستقووا بسلاحه، وخاصموا كل الفرقاء الآخرين.