IMLebanon

بعد الخليج وأميركا، أوروبا تستكمل عزل لبنان دوليا

اعتبرت مصادر عربية رفيعة المستوى أن العزلة الدولية للبنان اكتملت بعد انضمام أوروبا إلى الجهات التي ترفض تقديم أي دعم مالي له من أجل الخروج من حال الانهيار الاقتصادي التي بات غارقا فيها.

وكشفت المصادر أن الدول الأوروبية انضمت إلى الدول العربية الخليجية وإلى الولايات المتحدة التي تعتبر أن لبنان لا يمكن أن يحصل على أيّ دعم بسبب نفوذ حزب الله الذي يتحكم بالحكومة الحالية برئاسة حسان دياب.

وذكرت مصادر دبلوماسية بريطانية أن هناك توجها دوليا لعدم تقديم أيّ دعم مالي إلى لبنان في ظل الظروف السياسية التي أحالت البلد منطقة نفوذ لإيران يسيطر عليها حزب الله.

وقالت المصادر في تصريح لـ”العرب” إن هذا التوجه غير مسبوق في تاريخ التعامل مع بيروت خلال العقود الأخيرة، وإن أسبابا أمنية وجيواستراتيجية باتت تملي على المنظومة الدولية عدم السماح برعاية مالية دولية لطالما ساهمت في الإبقاء على الوضع الشاذ اللبناني داخل خارطة الشرق الأوسط.

 

ولفتت إلى أن هذا التوجه ليس غربيا فقط، بل إن عواصم كبرى مثل موسكو وبكين وطوكيو أبدت عدم اهتمام ببلد بات منطق الدويلة هو المتحكم بمنطق الدولة الذي تريد المنظومة الدولية التعامل معها.

ولم يصدر عن أيّ عاصمة مهتمة بشؤون لبنان، ومنها من هي على خصومة مع الولايات المتحدة، ما يتوقع منه تمرد على المزاج العام الذي تقوده واشنطن ضد منح أيّ معونات مالية إلى لبنان.

وبات خطر حزب الله مهددا للمنظومة الإقليمية برمّتها وليس خطرا على إسرائيل فقط، وأن التوجه لعدم التعامل بإيجابية مع طلب بيروت المعونة يهدف إلى إجبار لبنان على اتخاذ قرارات كبرى لتصويب وظيفته داخل المجتمع الدولي كعضو يعمل من أجل الاستقرار والازدهار والسلام، بعد أن بات البلد مصدرا للإرهاب ومركزا لتصدير القلاقل إلى كل بلدان المنطقة.

ولم تقابل التهديدات، التي صدرت عن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله والتي وعدت بإخراج الحضور الأميركي من المنطقة، بأيّ موقف حكومي رسمي لبناني بشأن الأخطار التي تطلقها جماعة لبنانية ضد مصالح بلد يفترض أنه صديق للبنان ويتبادل معه علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية.

وأكدت المصادر على أن اتصالات دبلوماسية جرت بين عواصم أوروبية وواشنطن عبّرت عن تضامن غربي كامل مع الولايات المتحدة وعن تعهد بعدم التعامل مع بيروت تعاملا يتناقض مع الموقف الأميركي المتشدد حيال إيران وامتداداتها في لبنان من خلال حزب الله.

وكان مساعد وزير الخزانة الأميركية، مارشال بلينغسلي، قد أكد على هامش الإعلان، الأربعاء، عن عقوبات جديدة ضد حزب الله أن “مئات الملايين من الدولارات قد سرّبت من خلال النظام المصرفي اللبناني عبر شركات لبنانية من قبل حزب الله وخلافاً للقوانين اللبنانية”.

وعبر بلينغسلي عن عزم الولايات المتحدة على مواصلة محاسبة حزب الله الذي اعتبره “سرطاناً للنظام السياسي والاقتصاد اللبناني”. وقال “نعمل على محاولة اقتلاع هذا السرطان”.

ودعت المصادر البريطانية إلى عدم المبالغة في تحليل التصريحات التي تصدر عن هذه العاصمة أو تلك بشأن الجهوزية لمساعدة لبنان، غامزة من قناة التصريحات التي صدرت مؤخرا عن وزير المالية الفرنسي برونو لومير، مؤكدة أن موقف فرنسا، وعلى الرغم من علاقاتها التاريخية والخاصة المتميزة مع لبنان، يبقى منسجما مع الخط الدولي العام، سواء بالدعوة إلى أن تكون المخارج المالية التقنية من خلال صندوق النقد الدولي، أو بدعوة الحكومة اللبنانية إلى انتهاج سياسات بعيدة عن أجندات إيران وجماعتها في لبنان.

وتمثل التصريحات التي أدلى بها ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدني، العنوان السياسي الذي أملى هذا الموقف السلبي الدولي في التعامل مع لبنان. مع العلم أن شينكر هو المكلف من قبل الإدارة الأميركية بمتابعة ملف المفاوضات لترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل.

وقال شينكر، الأربعاء، إن حزب الله بقي على قيد الحياة وازدهر داخل البيئة الفاسدة في لبنان. وأضاف “ليس سراً أن الولايات المتحدة تنظر في فرض عقوبات على أشخاص لبنانيين بموجب قانون ماغنتسكي”.

وأوضح أن “الفساد ومقاومة الإصلاح ليسا فقط من اختصاص حزب الله وهناك مجموعات أخرى بين مختلف المذاهب والطوائف والأحزاب السياسية التي تعارض الإصلاح وانخرطت في أعمال الفساد”.

وردا على اتهام الولايات المتحدة بالوقوف وراء الأزمة المالية في لبنان، قال شينكر إنه “لدى لبنان تحديات مالية واقتصادية بسبب الطريقة التي تمت فيها إدارة الاقتصاد لسنوات”.

وذكر “أنه لم يكن هناك إصلاح وكانت هناك ممارسات أدّت إلى تصاعد الدين العام والفوائد العالية جداً مما أعاق التنمية وقطاع الصناعة كما أن هناك أسباباً عديدة أدت إلى الوضع المالي الحالي وكلها نتيجة قرارات لبنانية اتخذها سياسيون لبنانيون والقطاع المصرفي”.

وختم شينكر بالقول “إن سياسة الولايات المتحدة هي أن لبنان بحاجة إلى إصلاح ونحن ندعم المطالب المشروعة التي يطالب بها المتظاهرون من إصلاح اقتصادي وضد الفساد. ولا نعتقد أن ما يحتاجه لبنان هو كفالة أو إنقاذ على المدى القصير من أيّ دولة. ولكن ما يحتاجه هو إصلاح وإعادة هيكلة والتزام بعمل الأشياء بطريقة مختلفة لا تعيدنا إلى نفس الوضع مرة أخرى في العام المقبل”.

ويقول مراقبون إن الموقف الدولي ليس انفعاليا بل عقلانيا جرت دراسته بعناية ويأخذ بعين الاعتبار وجود أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري فوق الأراضي اللبنانية ويأخذ بعين الاعتبار أيضا دور لبنان ومستقبله داخل سوق النفط والغاز الواعد في شرق المتوسط.

ويهدف الموقف الدولي على المدى الطويل إلى تأهيل لبنان للعب دور لا يربك المشهدين الإقليمي والدولي المتعلق بإنتاج الغاز ويكون جاهزا لمرحلة إعادة إعمار سوريا.