IMLebanon

لبنان تحت وطأة إعلان إفلاسه

كتبت أنديرا مطر في صحيفة القبس :

لا يزال لبنان يعيش تحت وطأة إعلان افلاسه غير المباشر، عقب اعلان تخلّفه عن دفع استحقاق سندات الدين السيادية (التي كانت مستحقة أمس)، في ظل غياب خريطة طريق حكومية للتعامل مع الجهات الدائنة، وذلك رغم استعانة الحكومة بالاستشاريَيْن المالي «لازارد» والقانوني «كليري غوتليب» اللذين كلفتهما مرافقتها في مرحلة التفاوض مع حملة السندات الأجانب.

وفي السياق، أعلن وزير الاقتصاد راوول نعمة ان «لبنان بانتظار قرار حاملي السندات بشأن إما التعاون في هيكلة الدين أو اللجوء إلى السبل القانونية». وأضاف لـ«رويترز»: «ليست لدي أدنى فكرة بشأن الخيار الذي سيتخذه حاملو السندات والأمر سيستغرق أسابيع قليلة والمفاوضات أفضل للجميع».

وغداة اعلان لبنان تخلفه عن سداد ديونه، تراجعت سنداته الدولارية الى مستوى قياسي منخفض بلغ 8.4 سنتات لتبدأ مرحلة شاقة من المفاوضات مع الدائنين الدوليين سيكون لها انعكاسات على الواقع المالي الداخلي.

وبالرغم من عدم دفع الديون، فإن لبنان يواجه فجوة مالية مقدرة بـ15 مليار دولار، أي أنه بحاجة الى تمويل طارئ بهذه القيمة لتأمين حاجاته الأساسية، وسط ترقب لانعكاس خطوة عدم السداد على الدائنين المحليين أي المصارف اللبنانية وودائع اللبنانيين، والتي قد تحتم اقرار خطوات إصلاحية مؤلمة بدأ التلميح اليها، سواء من خلال اللجوء الى الهيركات، أي الاقتطاع من ودائع اللبنانيين او عبر التوجه الى إقرار المزيد من الضرائب على المواطنين في أسوأ ازمة اقتصادية ومالية عرفها لبنان.

سلة إصلاحات أساسية الخبير المالي والاقتصادي روك مهنا اعتبر في حديث لـ القبس انه بظل الازمة غير المسبوقة ومع التأخير ببدء المفاوضات مع الدائنين فإن الحل الافضل كان عدم الدفع وانما بشرط تلازمه مع بدء التفاوض وتقديم الحكومة لخطة انقاذية تتضمن اصلاحات جدية وجذرية لتفادي التداعيات القانونية.

هناك سلة اصلاحات أساسية تؤمن ايرادات للدولة ومنها: اقفال صناديق الهدر، معالجة مشكلة الكهرباء، ضبط التهرب الجمركي، التضخم في القطاع العام.. الخ، وفق مهنا الذي يشدد على ان خطة الحكومة الانقاذية لا يجب تحميل ثمنها للمواطن من خلال فرض اجراءات موجعة عليه، لأن الدولة هي التي اوصلتنا الى الانهيار.

واعتبر مهنا أن تطبيق هذه الاصلاحات قد يحافظ على ودائع اللبنانيين ايا يكن حجمها، اضافة الى مساهمة المصارف بزيادة رأسمالها من الخارج وليس من أموال اللبنانيين. ويضيف: هناك مصارف لديها استثمارات في الخارج، وهناك مساهمون قادرون على ضخ اموال من الخارج، علما ان بعض المصارف بدأت تطرح بيع عملياتها بالخارج. اما المصارف التي لا يمكنها زيادة رأسمالها، فيمكن لمصرف لبنان أن يتدخل عبر شراء اسهم فيها بشكل مؤقت ليزيد الرسملة كما حدث في الولايات المتحدة من قبل البنك الفدرالي.

الاهم بالنسبة الى الخبير المالي ألا يأتي الحل من جيوب المودعين كما يُلمح ويشار اليه، فهم ليسوا من تسبّب بهذه الأزمة وانما المجالس النيابية والحكومات المتعاقبة على مر السنين والعقود. ومن دون ان نبرئ المصارف التي يفترض بها ان تساهم في عملية الانقاذ. اذاً الاصلاحات بالدرجة الاولى، مع امكانية اعادة تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار (2000 ليرة).

ولكن كل ذلك يحتاج الى ارادة سياسية لتطمين المجتمع الدولي والمستثمرين والا فلن يكون أمامنا سوى صندوق النقد الدولي، يختم مهنا. وليس بعيدا، أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أنه «بمعزل عن قرار عدم سداد سندات يوروبوند، فإن خطاب رئيس الحكومة حسان دياب يخلو من أي محتوى»، مشيراً إلى أن دياب «اتهم الأحزاب التي كانت في السلطة خلال الفترة الماضية بأنها مسؤولة عن الأزمة، فيما بعضهم جزء من حكومته».

وأضاف، في حديث صحافي انه «كان بإمكان دياب الإعلان عن بعض إجراءات الإصلاح، خصوصاً في قطاع الكهرباء، لكنه تجاهلها».  ولفت جنبلاط إلى أن «رئيس الوزراء محاط ببعض الضباط السابقين ذائعي الصيت في الفترة السابقة، بالاضافة إلى التيار الوطني الحر»، واضاف، «نحن في المعارضة، وهذا النظام أصبح أكثر شمولية»، معبّراً عن مخاوفه من الذهاب نحو اقتصاد موجّه كما في الأنظمة الشمولية، وقال، «هذه مجرد بداية من خلال البنوك».