IMLebanon

بين فرنسا و”الحزب”… لقاءات وحوار

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

خلال جلسة ضيقة مع الصحافيين عبّر السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه عن دعم بلاده للحكومة، رافضاً توصيف البعض لها بأنها “حكومة حزب الله”، مؤكداً أن بلاده لن تتعاطى معها على هذا الأساس. لفرنسا موقف من الحكومة برئاسة حسان دياب متمايز عن غيرها من دول الإتحاد الاوروبي. حرص الفرنسيون على عدم الإنصياع إلى الضغط الأميركي الذي حاول جر الدول الأوروبية الى إعتبار “حزب الله” بجناحيه الأمني والسياسي منظمة إرهابية. رضخت انكلترا وتماهت ألمانيا، في حين صمدت فرنسا محافظة على علاقة إيجابية مع “حزب الله”.

تتبدل الظروف وتتغير وتبقى عين فرنسا على لبنان. خطوط تواصلها مع “حزب الله” مستمرة حتى في أحلك الظروف، وسفيرها في لبنان يلتقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في “حزب الله” عمار الموسوي باستمرار.

سببان يجعلان فرنسا حريصة على علاقتها مع “حزب الله”، الأول له بعد محلي والآخر إيراني. في البعد المحلي تنطلق فرنسا من دورها التاريخي ونفوذها في لبنان. تريد الحفاظ على هذا الدور ولو كان انكفأ أحياناً لكنها في الأوقات الصعبة تراها حاضرة بقوة. هكذا بدت خلال أزمة الرئيس سعد الحريري في السعودية قبل نحو ثلاثة أعوام ولطالما تدخلت في محاولة لرأب صدع العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون، فضلاً عن ذلك إن عين فرنسا على حصتها من النفط من خلال شركة “توتال” وتريد أن تكون شريكاً في حل أزمة الكهرباء. وتبذل جهدها للمضي في مؤتمر “سيدر”. يحرص الفرنسيون على علاقتهم مع “حزب الله” ويجدون مصلحتهم في ذلك، فإلى وجود قوات “اليونيفيل” العاملة في الجنوب، ثمة أسباب أمنية أخرى تملي التقارب الفرنسي مع “حزب الله”، وفي أكثر من مناسبة عبّر مسؤولون فرنسيون عن حرصهم على استمرار هذه العلاقة واستمرار الحوار، خصوصاً وأن نظرة هذا الحزب لمؤتمر “سيدر” لم تكن سلبية بالمطلق، فضلاً عن قاسم مشترك يلتقيان عليه وهو الرؤية إلى إصلاح النظام السياسي ومكافحة الفساد.

يصف “حزب الله” علاقته مع الفرنسيين بأنها “جيدة”. هي الطاولة الأوروبية الوحيدة التي يجلس إليها “حزب الله”، ففرنسا الوحيدة من بين دول الاتحاد الاوروبي التي لم تخضع للإملاءات الاميركية بوقف التعامل مع “حزب الله” واعتباره منظمة ارهابية. سارت عكس انكلترا والمانيا وأصرت على علاقتها به كحزب سياسي لبناني ممثل في البرلمان وداخل الحكومة.

يؤكد “حزب الله” لقاءاته المستمرة مع الفرنسيين والرسائل المتبادلة دوماً بينهما. لكن وتيرة هذه اللقاءات والاتصال الثنائي تكثّفت، خصوصاً في ضوء الحراك في السابع عشر من تشرين الأول واستقالة الرئيس الحريري وتمسك “حزب الله” بعودته، حينها حصلت لقاءات متكررة جرى خلالها تبادل وجهات النظر، وأبدوا إصراراً على مساعدة لبنان لتخطي تلك المرحلة عبر مؤتمر “سيدر” قبل أن يصبح مشمولاً بالعقوبات الأميركية. يومذاك حاول الفرنسيون إفهام “حزب الله” أن العلاقة مع لبنان لا تتوقف على شخص وأنهم يدعمون تشكيل حكومة ولو من دون الحريري.

غادر الحريري وكُلف حسان دياب رئاسة الحكومة، وفي الوقت الذي كانت تتجه فيه بعض الدول لإتخاذ موقف سلبي من حكومة دياب كان الفرنسيون يتحدثون بلغة اختلفت عن لغة الأميركيين والسعوديين، التقوا دياب مرات عدة قبل تسميته رئيساً للحكومة وبعدها، قبل الثقة وبعدها، وفي كل مرة كان سفيرهم في لبنان يؤكد إستعداد بلاده لتقديم الدعم المالي للحكومة برئاسة دياب.

ومع قصة اليوروبوندز وتخلف الدولة عن السداد بقي الفرنسيون على موقفهم التقليدي لمساعدة لبنان من خلال دعم مشروط بخطوات إصلاحية لا سيما في قطاع الكهرباء. يعرف الفرنسيون أن حكومة دياب مطوّقة عربياً ودولياً ورغم ذلك تفردوا بعرض استعدادهم للدعم، وباريس ترى أن الحل الوحيد أن تبقى الحكومة على علاقة جيدة مع صندوق النقد الدولي وأن تدخل في مفاوضات مباشرة معه. وربما كانت وجهة النظر هذه تلك التي حاولت اقناع “حزب الله” بها أو حاولت شرح الخطوة وأهميتها في الفترة الراهنة.

وجهة نظر ليس بعيداً عنها “حزب الله” الذي لا مانع لديه من اللجوء الى صندوق النقد في ظل الأزمة لكن شرط ألا تكون المساعدة مبنية على شروط مسبقة سياسية واقتصادية وأبلغ موقفه هذا إلى الفرنسيين.

يبقى أن الفرنسيين ومن خلال قنوات لبنانية بدأوا فعلاً ومن دون إعلان رسمي خطوات باتجاه سوريا عبر لبنان. ما يعني أنّ لبنان يشكل منفذاً فرنسياً باتجاه سوريا.