IMLebanon

ابنة أول متوف بكورونا في لبنان: “مات أبشع موته”

جوني فخري – “العربية”:

لم تكن لارا تعلم أن والدها جان خوري (56 عاماً) سيرتبط اسمه بفيروس كورونا المستجدّ كأوّل ضحية في لبنان تُعلنها رسمياً وزارة الصحة، ليُدخل بذلك البلد الصغير في نادي الدول التي ينتقل فيها الفيروس من مرحلة تعداد الإصابات إلى مرحلة تسجيل الوفيات.

وأكثر ما يعتصر قلبها أن والدها توفي بهذه الطريقة البشعة حتى من دون أن تودّعه بعدما مُنعت من رؤيته طيلة فترة الحجر الصحي الذي خضع له الذي امتد قرابة الأسبوعين، وكأن قدره أن يموت ألف ميتة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.

شعر بعوارض الفيروس بعد عودته من مصر

وبصوت خافت يخرقه البكاء كلّما تحدّثت عن الآلام التي عاشها في الأيام الأخيرة من حياته، تروي لارا خوري ابنة أوّل ضحية لبنانية بكورونا لـ”العربية.نت” ما حصل مع والدها منذ 21 فبراير/شباط وحتى أمس الثلاثاء “كنت أنا ووالدي جان خوري في زيارة لمصر استمرت لأيام حتى 21 فبراير/شباط، وبعد عودتنا شعر بآلام في الحنجرة فسارعت إلى إعطائه أدوية مضادة للالتهابات، لأنه كان يُصاب في كل عام بزكام يترافق مع سعال والتهابات وهو أمر طبيعي ثم يتعافى بعد أن نُعطيه الأدوية اللازمة”.

وأضافت “بدأت أشعر بالخوف عليه عندما لم تنفع الأدوية المضادة للالتهابات التي كان يتناولها لأيام من خفض حرارته فاقترحت عليه التوجّه إلى المستشفى لأنني شككت بإصابته إما بإنفلونزا H1N1 أو حتى فيروس كورونا، إلا أنه رفض ذلك لأنه على حدّ قوله يُصاب بالزكام في هذه الفترة من كل عام”.

شكوك لارا المهندسة الكهربائية بإصابة والدها بفيروس كورونا كانت في محلها بعد أن قرأت عبر وكالة “فرانس برس” أن 6 حالات في فرنسا وواحدة في كندا تم تأكيد إصابتهم بالفيروس المستجدّ بعد أن كانوا في رحلة في مصر، لتكتشف بعد هذا الخبر أن والدها دخل دائرة الخطر وأن ما يعانيه ليس زكاماً عادياً.

“أصبتُ بالهلع”

وتتابع “أصبتُ بالهلع وطلبت من شقيقي أن يأخذ والدي إلى المستشفى سريعاً وعند وصولهما أبلغ إدارة المستشفى بأن عوارض فيروس كورونا ظهرت على والدي إلا أنهم أكدوا لنا أن نتائج الفحوصات التي أجريت له تشير إلى التهاب رئوي. عندها بدأت بالصراخ والبكاء لأنني كنت متأكدة أن ما حلّ بوالدي ليس التهاباً رئوياً عادياً وإنما كورونا إلا أن الأطباء والممرضين في المستشفى أعادوا التأكيد أنه مصاب بالتهاب رئوي وأنهم تواصلوا مع وزارة الصحة التي أوضحت لهم أن “مصر ليست بلداً موبوءاً”.

بعد ذلك أدخلوا والدي إلى قسم العلاج الرئوي ووضعوه في غرفة مشتركة مع مريض يُعاني من السرطان فطلبت منهم عزله في غرفة خاصة، لأنه حتى لو كان يُعاني من التهاب رئوي فالأفضل ألا يتشارك الغرفة نفسها مع مريض آخر”.

وقالت “عندما لم تتحسن حالة والدي، خضع في اليوم التالي لفحص “كورونا” وظهرت النتيجة إيجابية، وبدأ وضعه الصحي يتدهور، خصوصاً أنه تمت معالجته بحُقن الكورتيزون وهي غير ملائمة لشخص يعاني من فيروس “كورونا” لأنها تُضعف مناعة الجسم كما أكد لي أكثر من طبيب”.

استهتار المستشفى

إلى ذلك، حمّلت لارا مستشفى المعونات الجامعي في مدينة جبيل مسؤولية وفاة والدها، لأنها على حدّ قولها تعاملت مع حالته الصحية “باستهتار”. وقالت”عندما ساءت حالته جداً أصرّت إدارة المستشفى على نقله إلى مستشفى رفيق الحريري ببيروت رغم أن وضعه الصحي لا يسمح بنقله إلى مكان آخر، ومع أن إدارة مستشفى رفيق الحريري أبلغتهم بذلك إلا أنهم رفضوا إبقاءه عندهم”.

ضغوط سياسية

وكشفت لارا عن ضغوط سياسية مورست على مستشفى رفيق الحريري لاستقبال والدها. وتحدّثت بحرقة عن طريقة نقله من مستشفى المعونات إلى مستشفى رفيق الحريري، وكأنهم كانوا يريدون التخلّص منه بشتّى الوسائل. وطريقة إيصاله إلى مستشفى رفيق الحريري حيث لم يُعطَ الإسعافات اللازمة، سرّعت بوفاته.

وفي حين أسفت للشائعات التي تحدّثت عن أن والدي يعاني من أمراض مُزمنة كالسكري وأنه خضع لعملية القلب المفتوح وهو ما سرّع إصابته بالفيروس، علماً أنه يُعاني فقط من “الضغط” وهو أمر ليس بالخطير ولم يؤثر يوماً على حياته”، أعلنت لارا “أن المريض بالسرطان الذي تشارك غرفة المستشفى مع والدي بات مصاباً بالكورونا بعد أن خضع لفحص CPR “.

سأقاضي المستشفى

وأشادت لارا خوري بطريقة تعامل الطاقم الطبّي في مستشفى رفيق الحريري مع وضع والدها على عكس مستشفى المعونات”، مؤكدةً “أنها لن تسكت وسترفع دعوى ضد مستشفى المعونات الذي قتل والدي على حدّ قولها، وهو يرفض حتى الآن تزويدنا ومستشفى رفيق الحريري بالملف الصحّي الخاص به ما يؤكد تورّطه بما حصل مه”.

وقالت بحرقة “بيّ مات أبشع موته” ومستشفى المعونات مسؤول بالدرجة الأولى عن ذلك لأنه لم يُشخّص حالته بشكل صحيح”.

كما ختمت حديثها كاشفة أنها تخضع مع شقيقها وخطيبها للحجر الصحي المنزلي بعد أن خضعوا لفحص كورونا وكانت النتيجة سلبية، مضيفة “يوم الاثنين المقبل ينتهي الحجر وسندفن والدي في هذا اليوم، وبعد ذلك سأقدّم طلب هجرة “وبخاطرك يا لبنان”، لأنني فقدت أعزّ شخص على قلبي بسبب الاستهتار”.