IMLebanon

“تراجعات تاريخية” في الأسواق… فما هي أسباب “الهلع”؟

كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:

ما إن علّق رئيس رئيس جمهورية الولايات المتحدة دونالد ترامب أمس الرحلات الجوية من أوروبا (عدا بريطانيا وأيرلندا) لمدة 30 يوماً، ضمن إجراءات احتواء فيروس كورونا، حتى زاد في “طين تدهور الأسواق العالمية بلّة”، اذ أصيبت بحالة من الهلع وانهارت مسجلة تراجعات تاريخية.

بورصة باريس شهدت أسوأ تراجع لها في تاريخها بنسبة 12.28% وكذلك الأمر بالنسبة الى بورصة ميلانو التي أغلقت على انهيار بنسبة 16,92% في خسارة لم يسبق لمؤشّرها الرئيسي “فتميب” أن شهدها منذ تأسيسه في 1998، وكذلك الأمر بالنسبة الى فرانكفورت التي فقدت اسواقها 12,24%، وبورصة لندن 10%.

الى ذلك، سيطر الهلع على الأسواق الأميركية، فعلّقت المداولات لـ 15 دقيقة بعد افتتاح بورصة “وول ستريت”. ولم يتوقف مؤشر “داو جونز” عن التراجع عند استئناف المبادلات فسجّل انخفاضاً بنسبة 8% عند الإقفال مساء أمس.

فما هي أسباب هذين الانهيار والهلع في الأسواق، خصوصاً وأنّ العالم سبق أن شهد في السنوات الماضية حالات فظيعة مشابهة مثل انتشار مرض “سارس” وكوارث طبيعية؟

يأتي “وباء كورونا” كما كرّسته رسمياً منظمة الصحة العالمية، في وقت يعيش فيه الإقتصاد العالمي ظروفاً مغايرة لتلك التي كان يعيشها سابقاً وأبرزها:

أولاً: إن الاقتصاد العالمي اليوم في حالة ركود وتوقعات الجهات الدولية من البنك دولي الى صندوق النقد الدولي، تكمن في تحقيق المزيد من الركود للعام الجاري والأعوام المقبلة.

ثانياً: أسعار الفوائد العالمية هي منخفضة أصلاً، ومزيد من الخفض لن يحقق الغاية المنشودة من الإنتعاش بل المزيد من الركود في الإقتصاد، لذلك تحجم المصارف المركزية لا سيما الأميركية منها وهي أكبر قوة إقتصادية في العالم عن اتخاذ قرارات جريئة بخفض سريع للفوائد. علماً أن إحتياطي البنك المركزي الأميركي سبق أن خفّض الفائدة بنسبة نصف نقطة مئوية الأسبوع الماضي بعد دعوات من ترامب للقيام بذلك وخفض بنك البنك المركزي البريطاني امس أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي هو 0,25 في المئة.

ثالثاً: أسعار النفط تشهد تراجعات وجاء “كورونا” ليزيد من تهاويها وسط معالم حرب إنتاجية حول خفض الإنتاج لا سيما في السعودية. هذا التراجع للنفط والذي سجّل تراجعاً بنسبة 6.4 % أمس الى 33.5 دولاراً لبرميل خام برنت والى 31.32 دولاراً للخام الأميركي، يأتي بعد أن هوى بنسبة 30% منذ يومين، فحظي بترحيب من الرئيس الأميركي باعتبار أن هذا الأمر سيحرّك النمو بعد “ضربة” كورونا ويخدمه انتخابياً.

إذاً كورونا شكّل “القشّة التي قصمت ظهر بعير” الإقتصاد العالمي الذي يحاول اليوم ان يبذل جهوداً جبارة لوضح حدّ لتفشي الوباء الذي لا يعرف حدوداً له.

فخصّص عدد كبير من الدول في العالم مبالغ مالية لمكافحة الوباء، اذ تعهدت روما بإنفاق ما يصل إلى 25 مليار يورو، في حين حددت بريطانيا تحفيزاً مالياً بقيمة 39 مليار دولار، أما في آسيا فخفضت الصين، أسعار الفائدة وتعهدت بمجموعة من الإجراءات بما في ذلك تخفيضات ضريبية والمزيد من التحويلات المالية من بكين إلى المناطق المتضررة من الفيروس.

وبانتظار وضع حدّ لتفشي “كوفيد-19″، حذّر المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها من ارتفاع خطر عجز الأنظمة الصحية في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عن مواجهته.