IMLebanon

الكنيسة والتصدّي لكورونا… الإيمان بالقلب و”مش ع الدرب”

كتب الان سركيس في “نداء الوطن”:

أمام حالة الطوارئ الصحية التي يعيشها لبنان نتيجة غزوة فيروس “كورونا”، يقف المجتمع المحلي والأهلي والديني والسياسي أمام مسؤوليات كبرى في التصدي لهذا الخطر الداهم، ولا تقع المسؤولية فقط على عاتق الدولة وحدها.

خلت معظم كنائس لبنان يوم الأحد من المؤمنين، إذ إن التعاميم الأخيرة للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وبقية الكنائس الشرقية فعلت فعلتها، خصوصاً أن الطلب وصل إلى حدّ دعوة الناس إلى اختصار المناسبات الحزينة.

يتذكّر الجميع أنه عندما قرّر مجلس المطارنة الموارنة أخذ المناولة باليد ويمنح الكاهن السلام من على المذبح من دون الإحتكاك بين الناس قامت الدنيا وقعدت على اعتبار أن هذه القرارات تغير من جوهر القدّاس.

وما ان اقتنعت الناس بخطورة فيروس “كورونا”، حتى تمّ تطبيق كل القرارات ووقف القداديس اليومية وذلك للحفاظ على صحة المواطنين وحياتهم، وتقف البشرية عند مفترق طرق خطير إذ إنها في مواجهة مباشرة مع مرض قد يفتك بها، والتحدّي الأكبر هو حصر هذا الفيروس والسيطرة عليه.

ومع تقدّم الوقت وتسجيل حالات جديدة في لبنان وبلوغ الرقم المئة إصابة، تدعو الكنيسة أبناءها وبقية المواطنين إلى التقيد بالإرشادات الطبية، إذ إن الدولة وحدها غير قادرة على ضبط المرض ومنع تفشيه، بل على المواطن أن يكون القدوة في ذلك من أجل الحفاظ على صحته وصحة غيره. في حين ان كل الكنائس تعقمت من أجل التحضّر لأي طارئ.

وتستند الكنيسة في توعية الناس على خطورة الكورونا إلى التعاليم الدينية المسيحية، إذ ان المسيحي المؤمن عليه ألا يجلب الأذى لغيره، وبالتالي فإن هذا الوباء الخطير ينتقل بين الناس كالنار في الهشيم، لذلك فإن من يحمله لا تظهر عليه العوارض في اللحظة نفسها، وقد ينقل العدوى إلى مجموعة من المحيط وهؤلاء قد ينقلونه إلى أناس آخرين وبالتالي يتفشى الفيروس بسرعة جنونية.

وأمام كل هذه المخاطر تشدّد الكنيسة على ضرورة الحجر المنزلي وعدم الخروج والإختلاط أقله لمدة تساعد على تطويق الإصابات وخفض نسبتها، من هنا على المواطن أن يحمي نفسه ومن يحب ومجتمعه ولا ينتظر تنفيذ القرارات الصحية بالقوة.

وهذا الموضوع الخطر حضر بقوة في قداس الأحد في بكركي حيث دعا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الناس إلى أخذ الحيطة بتجنب الخروج من المنازل إلا لأسباب قاهرة، والتجمعات، وعدم الجلوس الواحد بقرب الآخر بل على مسافة، والإستفادة من وسائل الاعلام الدينية التي تساعدنا على الصلاة إلى الله في بيوتنا، كي يشفي المصابين بوباء كورونا، ويزيله من وطننا ومن العالم.

كل هذه النداءات تتوقف على تجاوب الناس معها، فإذا لم يتجاوب المواطن فإن الوباء قد ينتشر بسرعة قياسية، في حين أن كل مؤسسات الرهبانية والمؤسسة الكنسية متجندة من أجل مواجهة الاسوأ، في حين أن عدداً من المستشفيات التابعة للرهبنة تدخل على خطّ الأزمة وتتجهز من أجل التصدي للكورونا لأن قدرة مستشفى رفيق الحريري وبقية المستشفيات الحكومية لن تكفي إذا ما ارتفع عدد الإصابات أكثر.

وتطالب بعض المستشفيات الخاصة بتأمين المستلزمات الطبية اللازمة للتحضر لما قد يأتي، لأن معظمها غير مجهز لمثل هكذا حالات، وبالتالي فإنها تناشد وزارة الصحة الإلتفات إليها لتأمين ما يمكن تأمينه.

ومن جهة أخرى، فإن الانظار تتوجه إلى طريقة تعامل المجتمعات الأهلية والمحلية مع حالة الطوارئ الصحية التي تعيشها البلاد، خصوصاً أن الشعب اللبناني معروف عنه بخلافاته الدائمة لكن بتضامنه وقت الأزمات والمحن.

ترى الكنيسة أن الوقت الآن ليس للمناكفات بل هي فترة تضامن وتضافر وصلاة من أجل خلاص لبنان والبشرية من الكارثة التي يمر بها، وتدعو الجميع إلى الصلاة لأن الإيمان بالقلب “وليس ع الدرب”، فلا يهم أين تصلي بل المهم النية.