IMLebanon

الانتفاضة “تُجمّد” التحركات.. أين حالة الطوارئ؟

 كتب عمّار نعمة في صحيفة “اللواء”:

برغم عدم إعلان حالة الطوارئ العامة في البلاد نتيجة بدء تفشي وباء «كورونا»، إلا أنها أُعلنت في شكل أو في آخر لدى مجموعات الإنتفاضة خلال الساعات الأخيرة تحت عنوان التعليق المؤقت للتحركات.

يأتي ذلك في ظل إدراك مجموعات الحراك الشعبي لمسؤولياتها الوطنية ولسلامة المنتفضين على السلطة. كان هذا الموضوع مدار بحث جدي لدى تلك المجموعات خلال الساعات الأخيرة حتى حُسم لدى الغالبية العظمى منها ومن تياراتها وشخصياتها.

ذلك أنه في البدء، ساد رأي إقتصر على مراعاة الحراك للتطور السلبي المستجد بعد إدراك خطورة الأمر، على الصعيد اللوجستي وآلية التحركات. الأسبوع الماضي، تم إلغاء مسيرات كان من المنتظر أن تحشد الناس واستعيض عنها بتحركات صغرى في بيروت والمناطق، مع وضع خطط بديلة تتوافق مع الخطر المستجد.

لكن اتضحت صعوبة السيطرة على انتشار الوباء خلال التجمعات، خاصة وأنها أكبر من تجمعات تربوية وإجتماعية أخرى ضرورية بين اللبنانيين تم إلغاء الكثير منها.. وبات من الخطورة بمكان استبدال وقف التجمعات بخطوات رمزية مثل عدم اللمس بالأيدي أو الاحتفاظ بمسافة بين المتظاهرين أو إستعمال الكمامة والكف وغيرها..

تواصل داخلي

في الساعات الأخيرة، تردد عن صدور تعميم داخلي رسمي أصدره حزب «سبعة» طلبت فيه القيادة من المنتسبين «البقاء في المنزل حتى إشعار آخر».

والحال أن الحزب الذي يعد الأكثر تنظيماً بين مجموعات الحراك كما الأكثر تطرفاً، قد اتخذ قراره مرغماً نتيجة تطورات داهمة وغير منتظرة. وتوضح الأمينة العامة غادة عيد شأن مذكرة أرسلت الى المنتسبين «لكي يولوا الإنتباه الى أنفسهم»، وذلك «لأنه لا يمكننا إلا أن نكون حريصين في هذا الموضوع» فـ«الحيطة واجبة». «لكنه تدبير مؤقت لأيام»، تقول.

بالنسبة الى التيار اليساري في الحراك، وعماده «الحزب الشيوعي»، كان على الدوام رافضا، في بيروت كما في المناطق، لأي تعديل أو استراحة في التحركات وخاصة في منطقة الجنوب. لكنه اليوم بات مجبراً على مجاراة القدر القاهر. على أن رئيس «الإتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان» كاسترو عبد الله لا يقر بقرار رسمي لوقف التحركات، لكنه يلفت الى اتفاق على «التخفيف قليلاً من التحركات مع الحفاظ على حدة الانتفاضة».

«نحن لا نعلم حتى الآن هوية هذا الفيروس، ويجب علينا أن نقوم بالاحتياطات». وهو يشير في المقابل، الى النية للمحافظة على التواصل بين المنتفضين عبر الوسائل المتاحة واتخاذ الإحتياطات اللازمة عبر اجتماعات ضيقة كما عبر وسائل التواصل، وذلك لمتابعة قضايا الساعة وأزمات ما قبل «كورونا» مثل الدولار وموضوع المساعدة من قبل «صندوق النقد الدولي» وغيرها..

«المرصد الشعبي لمحاربة الفساد» الذي كان الأكثر حركة في الفترة الأخيرة ونشط على صعد مختلفة وخاصة على الصعيد القضائي والمصرفي وغيرهما، إستمر أخيراً في التحرك عبر مجموعات صغيرة في سبيل قضيته وكان من أشد المصرّين والمتمسكين على مثل تلك التحركات.

وبرغم أنه اتفق مع مجموعات في الحراك على إرجاء تظاهرة كبيرة كانت مقررة في يوم المرأة العالمي السبت الماضي في وسط بيروت، على أن تستمر المجموعات في تحركات صغيرة ومناطقية، يبدو أنه توصل الى اتفاق مع الآخرين لتجميد التحركات، كان القرار بإيقاف التجمعات الكبيرة التي دأب عليها المنتفضون في كل يوم سبت، ويوضح المحامي علي عباس أنه «أمر مؤقت إدراكا منا لمسؤوليتنا تجاه من يشارك معنا».

وكان التحرك الأخير لتلك المجموعات قبل أيام أمام وزارة العدل حيث لوحظ ارتداء مشاركين الكمامات. أما اليوم، فتتم دراسة تحركات بديلة من دون تظاهرات، لكن الأمر لم يستقر على خطوات معينة. هذا هو الاتجاه العام لمجموعات الحراك وأحزابها التي تحتفظ بثقل على الأرض وفاعلية كانت تؤذي بها السلطة.

عدم الإعلان «جريمة»

تُعلق عيد بسخرية على أداء الحكومة في مواجهة وباء «كورونا»: الواقع أننا لم نعلق الأمل على هذه الحكومة لكي يخيب أملنا، إذ لم نكن نتوقع منها الكثير. تضيف: لقد جاءت عبر طريقة فيها انتقاصا للتمثيل الشعبي، وهي ليست ذات قدرات معنوية ومادية كبيرة بل محدودة ناهيك عن كفاءتها على الصعد المختلفة ومنها الشأن الصحي. هي في اختصار «حكومة تقترب من تصريف الأعمال».

لذا، تبدو البلاد في حاجة ماسة الى حالة طوارىء على المستويات المختلفة، حسب عيد «ذلك ان صحة الإنسان هي الأولوية وتليها الشؤون المالية والاقتصادية، لكن فاقد الشيء لا يعطيه».

ويؤكد عباس على ضرورة هذا الأمر، وهو يذهب الى اعتبار عدم إعلان حالة الطوارىء ومنع التجول جريمة، وسيكون، في المقابل، على عاتق وزارة الشؤون الاجتماعية مساعدة «المياومين» اذا لم يكونوا قادرين على الخروج «فالوضع خطير جدا».

ولفت الى أن لبنان غير مستعد لمواجهة هذا الوباء الذي أصبح عالميا، محذراً من أن لبنان يجب أن يكون منسجما مع الإتفاقيات الدولية التي وقع عليها «وإذا لم يقم بإجراءات صارمة سيكون مساهماً في إيذاء الدول الأخرى التي قد تلجأ الى عزله».

من جهته، يختصر عبد الله الموضوع بعنوان «إفتقاد الأمن الصحي»، «فقد كنا في حاجة الى حالة طوارئ منذ اليوم الأول». وهو يأسف للتعاطي الحكومي «غير الجدي والمستخف بما يحصل»، مشيرا الى «أننا دولة ضعيفة ومكشوفة».

وهو يلفت الى أنه كان على الدولة التحلي بالجرأة في أخذ القرار. على أنه لا يحمّل الحكومة المسؤولية كاملة، ويشير الى أنه كان من الضروري إفساح المجال للبنانيين في الخارج لكي يعودوا الى وطنهم، خاصة مع نقص الأموال لديهم واضطرارهم الى العودة، لكن كان يجب منذ البدء تحديد مهلة لذلك.

ويتخوف عبد الله من نقص الخبرة لدى الوزراء كونهم «كمالة عدد»، لكنه برغم ذلك يدعو الحكومة الى التحلي بالشجاعة واتخاذ القرار بالمواجهة.