IMLebanon

“العجز”… عن الإصلاح!

كتب خالد أبو شقرا في صحيفة “نداء الوطن”:

“فالج لا تعالج”، مثل شعبي يُركّب “حفراً وتنزيلاً” على سياسة الحكومة المالية. فقد أظهرت النتائج المالية للعام الماضي أنّ نسبة العجز في الموازنة بلغت 5.8 مليارات دولار، أو ما يعادل 34.5% من النفقات و 10.3% من الناتج المحلي الإجمالي. الأرقام قد تكون غير مستغربة نظراً لعدم القيام بأي إصلاحات جديّة، وتحديداً في ما يخص الكهرباء التي كلّفت نحو 1.5 مليار دولار من ضمن الموازنة وما يوازيه سلف خزينة، والقطاع العام الذي يمتص أكثر من 6 مليارات دولار سنوياً. إلا أنّ الغريب هو أن تعود وتتبنى هذه الحكومة موازنة الحكومة الماضية من دون المضي بأي إصلاحات جديّة تعتبر اكثر من ضرورية، لإقناع المجتمع الدولي بمساعدة لبنان والإفراج عن القروض المُيسّرة لإعادة بناء وتطوير البنية التحتية.

تخفيض العجز في الموازنة يُعتبر الشرط الأساس والمعيار الحقيقي الذي يدل على نجاح الإصلاحات، فليست زيادة الرسم والضرائب العشوائية كما حصل عقب زيادة سلسلة الرتب والرواتب في العام 2018 هو المطلوب، ولا تهريب الاعتمادات والدفع عبر سلف الخزينة للكهرباء وغيرها يمكن التستر عليه، والأكيد ليس تأجيل مدفوعات الضمان والمستشفيات والمقاولين والبلديات التي تقدر بآلاف مليارات الليرات وعدم شملها في الموازنة، استطاع إيهام الدول التي كانت تنوي المساعدة في الأمس القريب بتخفيض العجوزات، وسيستطيع إقناع صندوق النقد الدولي في المستقبل القريب بجدّية الخطط وفعاليتها.

وبالطبع لن يكون التخلف عن سداد الديون التي تتجاوز كلفة خدمتها 6 مليارات دولار سنوياً هو المفتاح للحد من عجز الموازنة… إنما الإصلاح الحقيقي يجب أن يبدأ من القطاع العام المتضخم ومن تعيين الهيئات الناظمة في الكهرباء والاتصالات، للحد من تحكم الوزراء بالعقود والمنشآت، وما إظهار الشفافية في الأرقام المالية ومصرف لبنان سوى المدخل الوحيد، ليس لنيل رضى المجتمع الدولي وتدفق المساعدات فقط إنما لبناء بلد على قواعد صلبة وحوكمة رشيدة.