IMLebanon

نواب يتابعون “نتفليكس” ويُسيّرون الشأن العام

كتبت نوال نصر في صحيفة “نداء الوطن”:

لأن “الحيطة أمّ الحكمة” إنضمّ السياسيون الى تدبير “الحيطة والحذر” والتزموا البقاء في بيوتهم حتى إشعارٍ آخر. لكن، كيف يمضي هؤلاء السياسيون أوقاتهم: في القراءة؟ في النوم؟ في تعقب الأخبار؟ هل باتوا يأكلون أكثر؟ هل كسبوا وزنا إضافيا؟ وهل هم خائفون قلقون مذعورون مرتعبون؟ هل هم، في زمن كورونا، مثلنا نسخة طبق الأصل؟

إذا كان هناك بعض النواب يغطون اليوم، كما الأمس، في نومٍ عميق، فإن هناك نوابا يتابعون من “الحجر الصحي” الشأن العام فكيف يعيش هؤلاء؟ وكيف “يهوّنون” على أنفسهم الأيام الصعبة؟ وهل “تجمد” بعض النواب في مجلسنا في “فعل الإنتظار”؟

النائبة بولا يعقوبيان تستمرّ، كما عادتها، نشيطة فهي تخرج يوميا الى مخزن دفا ساعتين أو ثلاثاً لمتابعة حاجيات اللبنانيين، لا سيما البيارتة في مناطق كرم الزيتون والمدور والبدوي والكرنتينا وبرج حمود وأيضا الضاحية وتساعدها كثيرا شقيقتها روزيت يعقوبيان كرم التي “تحمل الحمل عنها” وتشرح: أذهب الى هناك لكن ليس كما تفعل هي. الحذر مطلوب. والمكوث في البيت مطلوب. لكن، على من يتمتعون ببنية صحية سليمة أن يعملوا اليوم على مساعدة من هم في عوز والعوز هائل. نقلنا اليوم (البارحة) رجلاً عجوزاً يعاني من “الغرغرين” الى المستشفى ونعمل على توزيع الحصص الغذائية الى من يحتاج والماسكات وفيتامين (س) والزينك. وطُلب مني البارحة التوقيع على طعن حول دستورية الموازنة المادة 96 ففعلت. وأنا على ثقة اليوم أكثر من أي يوم أنه “ما إلنا إلا بعض” وعلينا أن نعمل مع الناس ومن أجل الناس كي يتمكنوا أن “يضاينوا” أكثر. السفيرة السويسرية في لبنان مونيكا شمودز زارت البارحة بولا يعقوبيان. و”دفا” تستقبل المساعدات العينية لا المالية وتوزعها. وماذا عن الساعات الأخرى في البيت كيف تقضيها “النائبة المشاغبة”؟ تجيب: ألازم المنزل مع إبني وأحرص على إعطائه فيتامين “سي” يومياً وأقدم له الطعام الذي يقوي المناعة الضرورية اليوم لأن الأطفال قد يلتقطون الفيروس وينقلونه الى الآخرين بسهولة أكبر. تضيف: حريصة أنا أيضا على أخذ فيتامين “د” والزينك ومكمّلات الحديد.

وماذا عن الطعام؟ هل تدخل الى المطبخ اليوم أكثر من ذي قبل؟ تجيب بابتسامة: لستُ على انسجام مع المطبخ وأتكل أكثر على “الدليفري” والأطباق التي تصلني من الأقارب. وهل النائبة يعقوبيان خائفة اليوم أكثر من قبل؟ تجيب: أخاف بصدق من مجموعة المقاولين ومافيات السياسة أكثر من فيروس كورونا الذي علينا أن نتعامل معه في الأيام والأسابيع المقبلة أما هؤلاء فالمشكلة معهم أكبر.

ماذا عن السياسيين الرجال؟

النائب الشمالي الشاب سامي فتفت يمكث في منزله في الشمال، مع العائلة، 24 على 24 ويقول: “ما بضهر أبداً”. وكيف يمضي وقته في البيت؟ “في متابعة النت فليكس وقراءة بعض الكتب”.

إيلي الفرزلي من جهته يمضي وقته كأي مواطن لبناني متخذا “أعلى درجات الحيطة والحذر” ويقول: هذا صعبٌ طبعاً على الأشخاص الذين اعتادوا أن “يروحوا ويجيئوا” طوال الوقت و”لا ينحبسوا” في بيوتهم، هذا إذا اعتبرنا أن المكوث في البيت سجن. ويشرح: في الفترة الأخيرة كنتُ قد خفضتُ كثيرا من قراءاتي لسببين: أن عينيّ لا تسمحان لي كثيرا بذلك وبسبب إنشغالاتي الكثيرة. اليوم، أعيد تنقيح الطبعة الثانية من كتابي الذي أصدرته أخيرا. وأتابع الإعلام العالمي حول المواضيع السياســـــية والأمنيــــــة والعسكـــرية المطروحة ومآسي كورونا. في المقابل، خففت كثيرا في الآونة الأخيرة من مشاركاتي عبر “السوشيل ميديا” لأنني أرفض أن أكون مشاركاً في “النشاطات السوقية” وأقرأ الصحف مع معاناتي من الحرف الصغير.

وهل زاد تناوله للطعام؟ يجيب ضاحكاً: أخذت البارحة قراراً بتخفيض تناول الطعام. ويستطرد: زوجتي أولغينا نفسها جيد على الطعام وأنا أثق أن في طعام البيت بركة. وأحرص على تناول الأطعمة التي تعزز المناعة وفيتامين “سي” وآخذ “على صحة السلامة” من حبتين الى أربع حبات بنادول يومياً.

ينزل دولة الرئيس “من وقت الى آخر” الى البرلمان. ويجلس في مكتبه، الواقع جنب مكتب رئيس المجلس، من دون رؤية أحد. ويقول: أنا كنت أوّل من طالب بإقفال المجلس النيابي. وكنا نحن أول مجلس نيابي في العالم يغلق أبوابه تلانا المجلس النيابي الإسباني ثم الأميركي.

يستغرب إيلي الفرزلي حرص البعض على إقامة الأعراس ومجالس العزاء حتى هذه اللحظة ويقول: أخبروني للتو عن شخص في عكار شارك في عرس وقبّل الجميع وتبين لاحقا أنه مصاب. ويستطرد: أنا من أكثر الأشخاص الذين يقومون بواجب العزاء لكنني أتمنى من أهل أي فقيد إعفاءنا اليوم من هذه المهمة.

ما بعد كورونا لن يكون كما قبله. هذا ما يجزم به الفرزلي قائلا: كلّ المفاهيم تغيّرت بدليل أن بلداً كفرنسا، هو قبلتنا، تبيّن عجزه اليوم حيث لا يوجد بنادول ولا حتى خبز فيه في هذه الأزمة. هذا العالم الذي نعيشه لم يمت جسديا بل ماتت كلّ معاييره.

العمل BY call

ماذا عن النائب في “التقدمي الإشتراكي” بلال عبدالله؟ يجيب: إختلف أسلوب عيشي كثيرا وأتابع عملي by call . صحيح أنني أنزل من حين الى آخر الى وزارة الصحة لتتبع التطورات لكنني آخذ كلّ الإحتياطات. ويستطرد: همي الأساسي اليوم هو منطقتي لأن وليد بك جنبلاط وضع سقفاً عالياً للتدابير المفروضة. ونحن أعدّينا خلايا أزمة وهيئات تنسيق ونتابع التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة.

بعيدا قليلا عن النشاط النيابي ماذا يفعل بلال عبدالله في البيت؟ يجيب: صرتُ أمارس الرياضة أكثر من قبل حيث يوجد في بيتي بضع آلات رياضية تُشكل “ميني جيم”. هل نفهم من هذا أن عبدالله حريص على عدم إكتسابه وزنا إضافيا خصوصا في هذه الفترة؟ يؤكد نائب الشوف على هذا خصوصا أن طعام زوجته سوسن شهيّ جدا ويقول: طعام البيت دائما أطيب وسوسن تطهو طعاماً صحياً.

لدى بلال عبدالله شابان ما زالا طالبين أحدهما في بيروت والثاني في هيوستن. وهو طبيب تجميل مع وقف التنفيذ فالسياسة أخذته وعملياته تقتصر على المعارف. وهو لا يهوى مشاهدة التلفاز باستثناء بعض “التوك شو” العلمي مع العلم أنه منزعج قليلا من كثرة ظهور البعض على الشاشات للكلام عن كورونا “والفارق كبير بين الحديث الطبي و”الشو أوف”. ماذا بالنسبة الى نائب كسروان شوقي دكاش؟ يكثر دكاش في كلامه عن “شغله الشاغل” في هذه الأيام وهو مستشفى البوار ويتحدث عن إنشاء نواب كسروان وجبيل “غروب واتساب” يتابعون عبره شؤون المنطقتين. لدى دكاش خمسة أولاد، ثلاث بنات وصبيان، وابنته إيلايا موجودة اليوم في ميلانو تتابع دروسها. وهو يتكلم معها يوميا مطمئنا.

زوجة النائب الكسرواني تانيا فرح دكاش “شاطرة” في الطهي لكنه اليوم يتابع مرحلة الصوم الكبير ويمتنع عن تناول اللحوم والخبز والحلويات لكن تانيا تحرص على إمداده بما تبقى من أغذية تفيد وتعزز المناعة.

همّ كسروان كبير بالنسبة الى النائب الكسرواني حيث لم تجهز مستشفاه البوار حتى هذه اللحظة، لا بل خفضت ميزانية المستشفى لكنه يعد بأن النواب ينشطون اليوم من أجل تأمين ما يلزم وتوفير مراكز الحجر في حال إحتاجت كسروان إليها.

نترك نائب كسروان يراجع “رابورات” العمل وننتقل الى نائب البقاع عبد الرحيم مراد، فأين هو اليوم؟ يجيب: في منزلي في بيروت، والبقاء في المنزل واجب وطني، فالإجراءات مقدسة وبلا “بهورات”. ويستطرد: أتابع في منزلي بعض أفلام الناصرية عبر اليوتيوب وأقرأ، ويزورني يوميا إثنان أو ثلاثة من طاقم عملي. وأقضي بقية الوقت مع زوجتي منيرة ويزورنا الأولاد والأحفاد. وهو ينهمك حاليا في إعداد مذكراته منذ ولد في العام 1942 الى هذه السنة “المشؤومة” 2020. وبماذا سيختم مذكراته حول سنة 2020؟ يجيب: سأختمها بأن الحياة فيها كثير من المرارة و”الدني صعبة”.

وقبل أن نختم تجيب النائبة ديما جمالي بالمختصر المفيد: أمارس في هذه الأوقات الرياضة كثيرا وأتابع نشرات الأخبار ووسائل التواصل الإجتماعي، كما أن بين يديّ الآن كتابين مهميّن. هذا لا يعني طبعاً أنني أهملتُ كليا عملي النيابي، فأنا منصبة على متابعة مشاريع قوانين تهدف الى مواكبة الحالة الإقتصاديــة والصحيـــــة والإجتماعيــة المستجدة للناس. وماذا بعد؟ ماذا عن إيجابيات “السجن القسري” الذي تخضع له؟ تجيب: لعلّ من أهم ميزات البقاء في المنزل هي إحياء جانب أساسي في حياتنا العائلية فقدناه نتيجة لصخب الحياة ومشاغلها ألا هو الترابط العائلي.

فمن قال إن البيت حبس أخطأ. هذا هو الجانب الملآن من كوب “كورونا” الذي نتمنى أن نجرعه على مهل.