IMLebanon

موظفو وزارة الاقتصاد متروكون بين الناس بلا وقاية… “وبلا وزير”!

كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:

في حين تدعو الحكومة مواطنيها الى الإلتزام بإجراءات الوقاية اللازمة، تبدو عاجزة عن تأمين أبسط سبل الوقاية لمراقبي وزارة الإقتصاد المجبرين على النزول إلى الشارع والإختلاط بالمواطنين. الأمر الذي يزيد من خطر انتشار الوباء ويعرض المراقبين وعائلاتهم إلى خطر الإصابة بالفيروس، كما قد يحوّلهم إلى حاملين متنقلين لـ”كورونا”، وناشرين له ربما. الأمر الذي لم تستدركه بعد الحكومة التي أعلنت التعبئة العامة، والتي تحاول إظهار جدية في التعاطي مع الوباء. بينما تؤكد المديرة العامة لوزارة الإقتصاد، عليا عباس، لـ”نداء الوطن” حرصها على سلامة الموظفين، مشيرة إلى الصعوبة التي تواجهها لتأمين أبسط مستلزمات الوقاية للموظفين. فبعد جهد واتصالات عجزت عباس عن تأمين أكثر من علبتي كمامات لموظفي الوزارة.

ويشكو أحد المراقبين في الوزارة من الاستهتار بصحتهم من قبل وزير الإقتصاد راؤول نعمة، “فقد حاولت المديرة العامة ومدير حماية المستهلك حماية المراقبين بخفض ساعات عملهم إلى النصف، لكن الوزير أصرّ على استمرار الدوريات. وبعد جهد توصلا معه إلى قرار بخفض ساعات العمل بنسبة 25% فقط بعد أن فشلا بخفضها إلى 50%”.

لكن هذا الإجراء لن يحدّ من الخطر، إذ يطلب من المراقبين التوجه إلى عملهم من دون حماية ومن دون منحهم التجهيزات اللازمة للوقاية من الإصابة بـ”كورونا”، خصوصاً وأنهم وخلال جولاتهم الميدانية يحتكون بعدد كبير من الأشخاص. ويطالب هؤلاء بالحصول على بزات مخصصة للوقاية وكمامات بنوعية جيدة، كما وبالسماح لهم باستخدام سيارات الوزارة بدل سياراتهم الخاصة. لكنهم لم يحصلوا إلا على “كمامات ورقية وقفازات رخيصة”، على الرغم من الوعود التي تلقوها. ويشكو مراقبون من رفض الوزير لقاء أحد منهم من دون اتخاذ كل سبل الوقاية في وقت يتركهم فيه لمصيرهم، ويقول أحد المراقبين: “يستعرض الوزير بطولات على حسابنا نحن الأضعف، وضعنا في بوز المدفع، ويمنعنا من الاعتراض تحت طائلة فسخ العقود على الرغم أن من بيننا من اجتاز امتحانات مجلس الخدمة المدنية”.

شكوى المراقبين مِن تركهم من دون وقاية تكشف ما هو أسوأ. إذ واجهت الوزارة صعوبة في تأمين أبسط سبل الوقاية، ما يطرح التساؤل عن الصعوبات التي يواجهها المواطنون العاديون لحماية أنفسهم. “بصعوبة تمكنّا من تأمين علبتي كمامات، حصلنا عليهما من تاجرين مختلفين بعد أن بحثنا في كل لبنان وبعد أن تواصلت مع الجميع ومع وزارة الصحة. فحتى الأخيرة لا تملك كمامات”، تقول عباس. وتكشف المديرة العامة في وزارة الاقتصاد أنها سعت قبل نحو ثلاثة أسابيع من إعلان التعبئة العامة لدفع وزارة الصحة لشراء كمامات بهدف تأمينها للمواطنين، “ليس بإمكان جميع المواطنين شراء كمامات، وكان يفترض بوزارة الصحة أن تؤمن 4 ملايين كمامة. تواصلت مع سفير لبنان في تركيا حيث توجد مصانع، وتواصل مع العديد منها لتأمينها للبنان، لكني لم أحصل على جواب من وزير الصحة ومن المدير العام للوزارة، كما لم تخصّص اعتمادات لذلك”. وأثناء التفاوض مع المصانع واجهت عباس مشكلة، إذ كان المصنع يرفع أسعاره بين يوم وآخر. وفي وقت يشكو فيه المواطنون ارتفاع أسعار الكمامات، تشير عباس الى أن المسألة لا تتعلق بالتاجر اللبناني فحسب، إذ إن الأسعار ارتفعت عالمياً بسبب العرض والطلب، كما ان الوزارة حاولت حثّ الصيدليات على عدم تحقيق أرباح من بيع الكمامات. وتكشف المديرة بأنها أعدت قراراً يقضي بمصادرة المواد الضرورية للتعقيم عن المعابر الحدودية لتسليمها للمواطنين، على ان يُدفع مبلغ للتجار، وتنتظر إقراره.

وفي ظل هذا الواقع، يفضّل مراقبون في الوزارة تعليق عملهم هذه الفترة، نظراً الى عدم فعالية إجراءاتهم. إذ تحال محاضر ضبط المخالفات إلى القضاء الذي يتأخر في إصدار الأحكام مدة قد تصل الى ثلاث سنوات. بينما تطالب عباس بمنح وزارة الاقتصاد مزيداً من الصلاحيات لتكون إجراءاتها فعالة. فالمديرة التي تتحمل في أحيان كثيرة اللوم والعتاب بسبب ارتفاع الأسعار، تكشف عن محدودية صلاحياتها، فيما تقصّر بقية أجهزة الدولة المعنية في ردع المخالفين. وقد سعت عباس الى تحصيل المزيد من الصلاحيات عبر مشروع قانون صاغته وقدِّم إلى مجلس النواب، تمنح بموجبه وزارة الإقتصاد صلاحية فرض العقوبات الإدارية والمالية مباشرة على المخالفين، ما يشكّل رادعاً فورياً. على أن يتمكن المواطن من الإعتراض أمام القضاء في حال ارتكب موظفو الوزارة خطأً ما. “نوقش المشروع في لجنة الإدارة والعدل ولم نتمكن من التوصل إلى تفاهم مع القضاة، فهم متمسكون بصلاحياتهم ويتذرعون بأنه لا يحق لموظفة فرض غرامة، لكني كموظفة أخضع لرقابة القضاء”، تقول عباس.