IMLebanon

إدارة أزمة كورونا.. 5 نماذج مختلفة

انتشر فيروس كورونا في نحو 170 بلدا حول العالم، وقلب رأسا على عقب الحياة اليومية لمئات الملايين من البشر، وشكل فوق ذلك اختبارا لقدرة الدول والمدن على حد سواء في وقت الأزمات.

وكان من الواضح أن هناك تباينا في الإجراءات التي اتخذتها المدن حول العالم، وذلك تبعا لعوامل عدة، لعل أبرزها حدة انتشار فيروس كورونا فيها.

واستعرضت صحيفة “ساوث تشاينا مورننغ بوست” الصينية الناطقة بالإنجليزية التي تصدر في هونغ كونغ، إجراءات اتخاذتها مدن عدة حول العالم بهذا الشأن وكيفية تفاعل سكانها، وإليكم 5 منها:

1. بكين: في مطلع شباط الماضي، كانت أعداد المصابين بفيروس كورونا بمعدلات كبيرة، ولذلك عمدت المدينة إلى إغلاق المدارس واعتماد الدروس عبر الإنترنت ولم تستأنف الدراسة حتى الآن.

وكانت احتياجات السكان الغذائية في العاصمة الصينية تُسلم على أبواب منازلهم، فضلا عن الحجر المنزلي للقادمين من الخارج.

وإلى جانب ذلك، أغلقت المصانع والمتاجر ووسائط النقل العام، كما تم إلغاء التجمعات والفعاليات، وعلاوة على ذلك تم فرض غرامات على يكسرون إجراءات العزل أو لا يرتدون الكمامة.

 

2. هلسنكي: لم تغلق العاصمة الفنلندية أبواب مدارسها إلا في منتصف آذار الجاري رغم أن أول حالة سجلت فيها كانت في أواخر شباط، مما يعني أن إجراءاتها جاءت متأخرة مقارنة مثلا مع بكين ومدن أخرى غيرها حول العالم.

وتصف صحفية وصلت المدينة قادمة من بكين بأن الأجواء كانت هادئة تماما لدى وصولها إلى هلسنكي.

لكن الشعور بالخوف بدأ يتسلل إلى قلوب عائلة الصحفية، مع وضع مدرسة قريبة مئات الطلبة في الحجر الصحي، بعدما كانوا في رحلة إلى إيطاليا التي صارت بؤرة الفيروس لاحقا.

ويوصف سكان هلسنكي وأبناء فنلندا بشكل عام بأنهم “الأكثر رزانة” في أوروبا، لكن علامات الذعر بدأت تظهر على السكان إذ اختفت كثير من المواد الأساسية في أرفف المتاجر في أوقات عدة.

ونفدت الأقنعة الواقية في صيدليات عدة في العاصمة، رغم أن معظم السكان لا يرتدونها كما في الدول الآسيوية كالصين، كما يتم إجراء فحوص لكثيرين حتى وهم داخل سياراتهم للتأكد من عدم إصابتهم.

وتبدو الحياة طبيعية نوعا ما من دون تغييرات كبيرة في هلسنكي، رغم تسجيل حالة وفاة السبت ووصول عدد الإصابات في أنحاء فنلندا إلى 521.

 

3. لندن: أنشأت السطات في العاصمة البريطانية مشارح ميدانية صغيرة في أرجاء المدينة، لمواكبة الوفيات المتزايدة الناجمة عن فيروس كورونا، وقالت السلطات إن الإجراء احترازي.

والأسبوع الماضي، أغلقت حوالى 40 محطة في مترو لندن بتوصية من الحكومة البريطانية، تفاديا لأي تنقل غير ضروري وسط تفشي فيروس كورونا المستجد.

وبدا أن أخطر نشاط في المدينة هو التسوق، في ظل حالة الخوف التي تسيطر على السكان هناك، كما تقول مراسلة الصحيفة في لندن.

وكان مشهد الأرفف الفارغة في المتاجر الكبيرة بلندن أكثر رعبا من فيروس كورونا نفسه، وأظهر حالة من الجشع والأنانية الكبيرة، وفقا للمراسلة.

وأظهر الأمر ضعفا في إدارة أزمة كورونا، إذ لم يلتفت المسؤولون إلى فئات كبار السن وتوفير احتياجاتها في ظل هذه الأزمة، علاوة على التلاعب بالأسعار.

وتوضح الصحفية أن التدافع الكبير في المتاجر ولمس الأرفف وطاولات المحاسبين تساهم بلا شك في انتشار الفيروس.

وفي وقت لاحق، بدأت الخطط تعمل من أجل تدارك الموقف.

ولم يأمر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بإغلاق المطاعم والمقاهي والحانات والملاهي الليلية إلا الجمعة، بعدما تلقى تحذيرا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما تقول تقارير إعلامية في باريس.

وجاء هذا الإجراء الذي وصفه البعض بالمتأخر، في وقت وصلت به أعداد المصابين في بريطانيا إلى أكثر من 5 آلاف فيما فاقت الوفيات الـ230.

وكانت وفيات العاصمة البريطانية نحو ثلث وفيات فيروس كورونا في المملكة المتحدة، بحسب شبكة “سكاي نيوز”.

 

4. سيول: كانت الاستجابة لانتشار فيروس كورونا في العاصمة الكورية الجنوبية تعتمد على الحملات، فعلى سبيل المثال تم إطلاق حملة التباعد الاجتماعي لمنع الاختلاط.

وتطلب هذه الحملة من سكان المدينة أخذ إجازة من حياتهم الاجتماعية، في محاول لتقليص التواصل وجها لوجه مع الآخرين، الأمر الذي يساعد في إبطاء انتشار الفيروس.

لكن الملاحظ في تجربة كوريا الجنوبية، وهي واحدة من أكثر الدول تضررا من الفيروس، أن معظم التدابير كانت تطوعية ولم تحمل صفة الإجبارية كما في الصين مثلا.

وانتهت التجمعات البشرية في الهواء الطلق وتأجلت الحفلات والاحتجاجات السياسية، فيما بدت معظم المطاعم والمقاهي خاوية تقريبا.

وضعت متاجر المدينة معقمات لليدين على مداخلها، ومعقمات أخرى مخصصة للهواتف الذكية، وارتدى الجميع تقريبا في شوارع سيول الكمامات الطبية، فيما طلبت بعض المتاجر من زبائنها الذين يهمون بالدخول ارتداء الكمامات.

وتوقفت معظم الشعائر الدينية في المدينة، باستثناء بعض الكنائس التي تتجاهل نصائح الحكومة وتجري صلوات جماعية، الأمر الذي يمثل معضلة للسلطات.

وينصح خبراء سلطات مدينة سيول والحكومة المركزية باتخاذ إجراءات أكثر قوة وصرامة.

وفي المقابل، تتوفر المواد الأساسية بكثرة في متاجر البلاد، ولم يحدث أن وقع تهافت على شرائها كما في لندن مثلا، فيما ستبقى المؤسسات التعليمية والجامعات مغلقة حتى منتصف أبريل المقبل.

 

5.نيروبي: في 13 آذار الجاري، أعلنت كينيا أول إصابة بفيروس كورونا، وقبلها كان سكان العاصمة نيروبي يكتفون بقراءة الأخبار المفزعة عن الفيروس القاتل في الصين وإيطاليا.

ومع مرور الوقت، بدأ عدد الإصابات في العاصمة الكينية يرتفع، الأمر الذي دفع السلطات إلى التحرك مثل تشجيع العمل من المنزل.

لكن يبدو أن الأمر طبيعي، إذ إن الحافلات الصغيرة التي تنقل ملايين الأشخاص في كينيا تعمل كالمتعاد، غير أن أعداد الركاب بدأت تقل شيئا فشيئا.

وعملت سلطات مدينة نيروبي على وضع المطهرات في وسائط النقل العامة، حتى يستخدمها الركاب قبل دخولهم إلى الحافلات.

والأمر نفسه طبقته العديد من المراكز التجارية والمباني العامة، كما يتم إجراء فحوص على درجة حرارة الأشخاص في أماكن شتى من نيروبي لكشف المصابين بالفيروس إن وجدوا.

واختار البعض الابتعاد عن المدينة إما بالذهاب إلى المناطق الريفية أو البقاء في المنزل.

وفي وقت لاحق، تم تعليق تقديم الخدمات الحكومية ومنع التجمعات ووقف المؤتمرات والأنشطة والرياضية، وحتى حظر زيارة المواقع السياحية والصلاة في دور العبادة.

وجرى تأجيل جلسات المحاكم، كما بقي الأطفال في بيوتهم.