IMLebanon

فصول من حرب “الحزب” على المصارف

كتب طوني ابي نجم في “نداء الوطن”:

لا يوفّر الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إطلالة له من دون الهجوم العنيف على المصارف اللبنانية، لا بل يؤكد العارفون أن عدداً كبيراً من إطلالاته هدفها الأساس هو الهجوم على المصارف وتوجيه الرسائل القاسية إليها، ويغلّف الإطلالات بمواضيع أخرى.

والسؤال الكبير المشروع هو عن أسباب الحرب التي يشنّها “الحزب” على المصارف والتي استدعت وتستدعي من نصرالله أن ينزل شخصياً و”بالسلاح الأبيض” إعلامياً لقيادة هذه المعركة.

في استعادة لمسار الحرب المفتوحة هذه لا بد من الإشارة إلى أن “حزب الله” لم يعترض يوماً على الأرباح التي تحققها المصارف، ولم يسعَ بشكل جدي يوماً لزيادة الضرائب على أرباحها. ويشير العارفون إلى أن المصارف لطالما كانت تشكل قبل العقوبات الأميركية مصدراً أساسياً لحركة أموال “الحزب” وبيئته في الداخل ومن الخارج إلى الداخل، وبالتالي كان الحفاظ على المصارف من المسلمات الأساسية لـ”الحزب”.

لكن فجأة ومع البدء بفرض العقوبات الأميركية على “الحزب”، والتي لم تتوقف يوماً حتى حين رُفعت العقوبات عن إيران بعد توقيع الاتفاق النووي، تغيرت استراتيجية “الحزب”. انتقل في مرحلة أولى إلى محاولة الالتفاف على هذه العقوبات ما أوقع مصارف معروفة ضحية لذلك، وكان آخرها “جمّال ترست بنك”. لكن وأمام إصرار المصارف على تطبيق العقوبات بحذافيرها خوفاً من الأسوأ أميركياً، بدأت الخطة “ب” والتي شهدنا خلالها متفجرة بنك لبنان والمهجر في وسط بيروت، في إحدى أبرز الرسائل الميدانية إلى القطاع المصرفي في لبنان، هذه المتفجرة التي لم نشهد فيها تحقيقاً ولو شكلياً!

فشلت الخطة “ب” كما كل محاولات الاحتواء التي مارسها “الحزب” مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وكان لا بد من الانتقال إلى المرحلة الثالثة التي اعتمدت سياق الحملات الإعلامية المركزة عبر إحدى الصحف الموالية، إضافة إلى تلفزيون “المنار” ضد المصارف ومصرف لبنان وحاكمه. واللافت أن كل هذه الحملة انطلقت واستفحلت قبل أن يعاني أي مودع من أي مشكلة في أي مصرف بأشهر طويلة، لا بل حتى بسنوات، وبالتالي لم ترتبط الحملة يوماً لا بحقوق المودعين ولا بأرباح المصارف. والمفارقة المذهلة هنا أن حليف “الحزب” وزير المال السابق علي حسن خليل كان قد كلّف 4 مصارف لتسويق سندات يوروبوندز بمليارين و400 مليون دولار، بفوائد مرتفعة ومن دون اعتراض وزراء “الحزب” في مطلع تشرين الثاني 2019، وهو ما تعطّل بفعل الثورة!

يروي عارفون أن “حزب الله” كان طلب من الوزير السابق شربل نحاس إعداد دراسة، كان “الحزب” قرر الاستناد إليها لمواجهة المصارف تحت شعار إما تلبّون مطالبي وإما الشارع في وجهكم، ومضمون هذه الدراسة المشوّهة عن أرباح المصارف هو ما يهدّد نصرالله بكشفه في كل إطلالاته. رفضت المصارف الابتزاز، لكن ثورة 17 تشرين سبقت مسعى “الحزب”، ما دفعه إلى ممارسة أقصى طاقته الممكنة لمحاولة حرف الثورة عن شعار “كلن يعني كلن”، ضد الطبقة السياسية وتحويلها باتجاه المصارف، والعمل على رصّ صفوف عدد من القوى السياسية والإعلامية لتحويل القطاع المصرفي “كبش محرقة” فداءً عن الطبقة السياسية الفاسدة.

كل هذه الوقائع الداخلية لا تُسقط المعطيات الإقليمية والدولية المتصلة بهذه المعركة التي يخوضها الحرس الثوري الإيراني عبر ذراعه في لبنان، بوجه ما يعتبره ذراعاً أميركية لتطبيق العقوبات عليه. هل ينجح “الحزب” في معركته؟ نقطة ضعفه الأساسية أنه في حربه على المصارف يحاول إسقاط النظام الاقتصادي الحر في لبنان، وهو ما لا تؤيده أكثرية القوى السياسية والاقتصادية، ما يجعل تكتل القوى المعارضة لمشروعه كبيراً، وخصوصاً أن النموذج الاقتصادي الإيراني بالنسبة لهؤلاء ليس مشجعاً على الإطلاق… وللبحث تتمة!