IMLebanon

فضّل نيران الموت على معاناة النزوح.. “ما في بالبيت رغيف خبز”

كتب أسامة القادري في صحيفة “نداء الوطن”:

بكل توتر وضغط نفسي، خلافاً لكل عمليات الانتحار التي قام بها أشخاص، ومن دون سابق اصرار وتصميم على قتل “النفس”، وفي الوقت الذي يعيش فيه البقاعيون حالة حجر منعاً لتفشي “كورونا”، أدت حالة الفقر والحرمان إلى إقدام النازح السوري بسام حلاق على سكب مادة البنزين على جسمه من رأسه حتى أخمص قدميه وأضرم النار بنفسه، هارباً من تدخل الناس لاطفائها. حادثة تشير إلى تقاعس الجمعيات والمنظمات عن مساعدة النازحين وتركهم لاقدارهم.

فعلة انتحار الحلاق جاءت بعدما ضاقت به الدنيا وسبل العيش الكريم، منذ ما قبل انتشار “كورونا”، ليأتي الحجر المنزلي والعزل وارتفاع كلفة الحياة سبباً في المأساة التي يبدو انها لن تنتهي عند هذه الحادثة.

وتحمّل كنته هبة عبر “نداء الوطن” مفوضية الامم المتحدة والمنظمات الدولية المسؤولية. وتقول: “قدمنا الى لبنان من بلدة داريا في ريف دمشق في العام 2013، ورفضت المفوضية تسجيل اسمائنا للاستفادة”، وتابعت: “حماي وحماتي وسلفي وزوجته وانا وأولادي، كلنا نسكن بشقة في منطقة تعلبايا، ايجارها 400 الف ليرة، في مشروع سكني، ولصاحب الشقة إيجار شهرين في ذمتنا، وما في شغل من فترة طويلة، وما في بالبيت رغيف خبز، ولا نقطة مازوت، وكلنا قاعدين لا شغلة ولا عملة، كمان علينا دين كتير وما قادرين نعمل شي”.

وتجزم أن لا مشاكل في البيت وتضيف بغصة “سبب الانتحار هو تردي وضعنا المعيشي، لم نعد قادرين على تأمين سعر ربطة خبز، عايشين من القلة من احسان الجيران، وبدأت الضغوط تزداد مع ارتفاع الاسعار ومضاعفاتها، فشعر أنه هو رب الاسرة وعاجز عن تأمين اي شيء يساعد العائلة، ولأنه شعر بآخر فترة بعجزه عن سد ثغرة في ابواب العوز اختار الانتحار”. تابعت هبة بتأفف وتنهيدة طويلة: “من يوم نزحنا من سوريا لهلق ما شفنا من الامم شي”. وعن الحجر المنزلي لمكافحة “كورونا” قالت: “انا من أول يوم اتصلت بالامم اكثر من مرة وكنت اقول لهم: وضعنا مأساوي ما في رغيف خبز بالبيت. للأسف كان ردهم لي: متلنا متلكم ما فينا نعملكم شي”. وبالعودة الى الحادثة، فعند السابعة من صباح أمس خرج الرجل من منزله الى جل بالقرب من شقته المستأجرة وخلف مستشفى البقاع، سكب من قنينة البنزين على رأسه حتى اخمص قدميه وبعدها اضرم النار بنفسه، على الاثر حاول اناس اطفاء النار، وعملوا على نقله الى المستشفى المحاذية، واجريت له الاسعافات اللازمة الا أن بلاغة الحروق ووصولها الى مستوى درجة ثالثة ادت الى وفاته كونها في كل انحاء جسده. َعلى الاثر حضرت القوى الامنية وباشرت التحقيقات لمعرفة اسباب الانتحار. هذه الحادثة فتحت باب الحديث عن دور الامم المتحدة والمنظمات الدولية في مساعدة النازحين السوريين ليس فقط للقاطنين بالمخيمات فحسب بل أيضاً في شقق سكنية.

ويقول ابو اسماعيل المصري وهو نازح من داريا لـ”نداء الوطن”، ان “المفوضية شطبت اسم عائلته وعائلات عشرات النازحين المقيمين في المخيمات في ظل ظروف سيئة”، وحمّل المفوضية مسؤولية ما قد يتعرض له النازحون جراء انتشار “كورونا”، فضلاً عن حالة الجوع والعوز التي فاقت التصورات”. وقال: “بعد قرار الحجر المنزلي وتعطيل الناس عن الاشغال، اصبحت اوضاعنا خطيرة جداً”.