IMLebanon

صيّادو صيدا يبيعون الغلّة “على السكت” بعد إقفال “الميرة”

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

يلقي صيادو الاسماك في صيدا شباكهم فجر كل يوم، يبحثون في عمق المياه عن رزقهم في البحر. لم تعد المقولة الشهيرة “الداخل الى البحر مفقود… والخارج منه مولود”، تؤرقهم في زمن “الكورونا”، وانما بيع غلتهم على البر هو ما يثير القلق بالنسبة لهم، بعدما أعادت القوى الأمنية اقفال سوق السمك (المزاد العلني) “الميرة”، خشية من تفشي “الفيروس” بين المواطنين والصيادين معا.

ويعزو الصيادون سبب الموافقة على الاقفال هذه المرة من دون مراجعة القوى السياسية والامنية لإعادة فتحه كما حصل منذ أيام، الى الرغبة بعدم إلحاق الضرر بأي من المواطنين مع دخول لبنان في المرحلة الاخطر من “كورونا”: انتشاراً أو انحساراً، رغم كل الاجراءات الوقائية، من تعقيم وارتداء “الكفوف” و”الكمامات” وسواها. يؤكدون أنّ “طبيعة عمل “الميرة” تختلف عن سواها، فالمزاد العلني يجب ان يتم في الوقت نفسه، وعادة يكون خلال ساعات الصباح الأولى، ومع عودة الصيادين مع غلتهم من البحر والدخول الى باحة السوق، وهي مكان ليس فسيحاً ومفتوحاً على بعضه، ثم طرْح رزقهم من الأسماك على طاولة المزاد، الأمر الذي يفرض على الزبائن وجودهم دفعة واحدة، لشراء ما يريدون بحرية ومن دون أي إملاء او رفع للاسعار”.

ويقول نقيب الصيادين في صيدا نزيه سنبل لـ”نداء الوطن”، ان إقفال “الميرة” من قبل القوى الأمنية، “ليس مرده الى تقصير الصيادين بالإجراءات الوقائية المطلوبة، لقد حرصنا على تنظيم دخول الصيادين الواحد تلو الآخر، ثم الزبائن بنفس الطريقة، ولكن للأسف وقع اشكال مع أحد الزبائن عند طاولة المزاد، ما تسبب بالتجمع فانتهى بحضور القوى الأمنية التي عملت على اقفال السوق موقتا”، قبل أن يضيف “الصيادون يعتاشون من رزق البحر، فإذا باعوا غلتهم يستطيعون اعالة عائلاتهم”، مؤكداً “تواصلت مع القوى الأمنية المعنية، وتم التوصل إلى اتفاق يقضي بإقفال سوق السمك، على ان يزاول الصيادون عملهم بصيد الأسماك ويبيعون غلتهم بالاتفاق مع الزبون ومن دون حصول تجمعات”.

تسوية ومطالب

ويعتبر قطاع الصيادين في صيدا الأكثر دقة وحساسية، اذ يعتاش منه أكثر من 250 عائلة، يعملون على 150 مركباً، ويرتبط بالذاكرة الجماعية لمدينة صيدا القديمة التي تشرّع ابوابها على الميناء، وعلى حكايات الصيادين مع مغامرات الصيد والبحر.. وبالذاكرة الوطنية حين سقط الزعيم الشعبي معروف سعد أو “أبو الفقراء” شهيداً، وهو يدافع عن حقوقهم المشروعة في 26 شباط 1975، بينما كان يقود تظاهرة صيادي الأسماك احتجاجاً على قرار قضى بإحتكار الصيد من قبل شركة “بروتيين” التي كان يملك معظم أسهمها رجال السلطة آنذاك فشكلت هذه الحادثة الشرارة الأولى للحرب الأهلية اللبنانية التي سرعان ما انفجّرت بعد “بوسطة” عين الرمانة.

ويؤكد الصياد سليم بوجي أن “التسوية قضت بإمساك العصا من وسطها، السماح للصيادين بصيد الاسماك والاسترزاق خاصة مع استراحة الشتاء والعواصف والانواء، واقفال السوق تجنباً لأي مخاطر لتفشي “كورونا”، موضحا أنّ “المطلوب دعم هذا القطاع بشكل دائم وتخصيص وزارة الزراعة راتباً من الحد الادنى لثلاثة اشهر في السنة تعويضا للفترة التي يخف فيها السمك في البحر او يتوقف، واستصدار بطاقة صحية للصيادين لأنهم غير مشمولين بالضمان الصحي والاجتماعي، ولا يستطيعون تحمل أعباء الطبابة والاستشفاء لهم ولعائلاتهم، ولا قدرة لصندوق النقابة على تغطية نفقاتهم”.

التزام وضبط

ميدانيا، شهدت المدينة حركة خفيفة في حركة السيارات، واقامت القوى الأمنية ومفرزة السير حواجز لقمع المركبات المخالفة في اليوم الاول على تطبيق قرار وزير الداخلية محمد فهمي والذي يتضمن السماح للمركبات ذات الارقام المفردة بالسير ايام “الاثنين والاربعاء والجمعة” والمزدوجة ايام “الثلثاء والخميس والسبت” ومنعها جميعها من السير يوم الاحد.

وفيما ركزت القوى الامنية حواجز رئيسية عند مدخل صيدا الشمالي لجهة “الاولي” والجنوبي لجهة “سينيق”، اضافة الى اوتوستراد “الغازية”، تولى عناصر مفرزة السير قمع حركة السيارات المخالفة داخل المدينة وتحديدا عند اشارات المستديرات التي يتولون تنظيم سيرها، وتحرير محاضر ضبط من دون حجز السيارة، مع استثناء المصرح لهم والذين لديهم اسباب مرضية وخاصة.

حجر ومتابعة

صحيا، أرخت عودة المسافرين الى لبنان بظلالها على اهتمام الصيداويين، بعدما تبين أنّ من بينهم خمسة عائدين من الخارج (4 سيدات ورجل) وهم من صيدا وقضائها، ورغم أنّ نتائج فحوصاتهم جاءت سلبية، اوضح رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي لـ”نداء الوطن”، أنّ “البلدية ستتابع أوضاعهم الصحية بعدما تلقت من وزارة الصحة اسماءهم وعناوين منازلهم وأرقام هواتفهم، على أن يخضعوا للحجر المنزلي لمدة أسبوعين احترازياً”، وقد تولى رئيس لجنة الصحة والبيئة في بلدية صيدا الدكتور حازم بديع مهمة التواصل معهم ومتابعتهم بشكل دائم، الى جانب الشرطة البلدية وزارة الصحة والمعنيين.