IMLebanon

خطة الحكومة: أفكار أوّلية ستخضع للنقاش مع قطاعات معنيّة

كتبت كلير شكر في صحيفة “نداء الوطن”:

أقرّ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في تغريداته الأخيرة، أنّه كان يعطي الحكومة فترة سماح، ابتعد فيها عن مفردات الخصومة الشرسة والتصويب المباشر. لهذا النأي بالنفس أسبابه الكثيرة، بعضها يتصل بعمق الأزمة الاقتصادية – الاجتماعية – المالية التي تجعل القوى السياسية التقليدية في حال استسلام كامل لأي محاولة ممكنة لوضع خطة انقاذية حتى لو أتت من جهة الخصوم، وبعضها الآخر يرتبط بحالة الشلل التي فرضتها جائحة “كورونا” وضاعفت التحديات و”المصائب”.

ولكن ما إن وضعت الحكومة المسوّدة الأولى للخطة المالية على طاولة النقاش حتى تحولت مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك الممهورة بتواقيع القوى السياسية المفترض أنها معارضة، إلى منصات تصويب مباشر تتهم الحكومة بتدمير الاقتصاد وتحوير نظامه من خلال وضع اليدّ على القطاع المصرفي.

فجأة قفز هؤلاء من مربع الحياد النسبي إلى حلبة المواجهة المباشرة وفتحوا النار بوجه الحكومة، بحجة أنّ خطتها المالية تقوم على أساس سلب مدخرات اللبنانيين وجنى عمرهم، وكأنّ هذه المدخرات لا تزال محفوظة بأمانات المصارف.

أولى الإشارات أتت من كليمنصو عبر بيان يحمل توقيع الحزب “التقدمي الاشتراكي” كان بمثابة وضع النقاط على الحروف، كما يقول الاشتراكيون، يحذّر فيه هؤلاء من وضع اليد على القطاع المصرفي، ثمّ كرت سبحة المواقف التصعيدية التي تنبّه الحكومة من خطتها التي تتكئ على “هيركات” قاسٍ لن يرحم صغار المودعين ولا كبارهم.

وبينما يؤكد المدافعون عن الحكومة، أنّ خطتها لا تأتي أبداً على ذكر أي عبارة من نوع “هيركات” أو ما يشابهها، وبالتالي إنّ الحملة التي شنّت خلال الساعات الماضية لها خلفية سياسية – استباقية لا مالية، يقول أحد الخبراء المتابعين إنّ المسوّدة التي وضعت على طاولة الحكومة تتحدث عن خسائر محققة تقدر بنحو 83 مليار دولار، تكبّدها الاقتصاد اللبناني بين مصرف لبنان والمصارف الخاصة (شهادات ايداع وسندات وقروض متعثرة) والخزينة العامة، ويفترض بعد شطب رساميل المصارف والتي تقدر بنحو 20.7 مليار دولار، أن تكون قيمة الخسائر أكثر من 62 مليار دولار على أن يتحمل المودعون هذه الخسائر، إن من خلال إشراكهم عبر أسهم في المصارف أو عبر “صندوق تعافٍ” يتضمن بعض أصول الدولة.

يشير الخبير ذاته، إلى أن الخطة تذكر أن نحو 90% من الودائع لن تتعرض للمس، ما يعني أن السقف المحدد من جانب الحكومة هو مئة ألف دولار، وبالتالي إنّ الودائع التي تتجاوز هذا السقف ستخضع للهيركات المقنّع حتى لو لم ترد تسميته بشكل واضح في الخطة.

بالنسبة الى المدافعين عن الحكومة، فإنّ الأخيرة تتعاطى بشفافية مطلقة وواضحة وهي عرضت أفكارها للنقاش العلني وما من بنود سرية أو مكتومة أو مخبأة. يؤكدون أنّ الخطة هي مسوّدة أولية قابلة للتغيير، وستخضع للكثير من التنقيح كونها ستكون موضع نقاش جدي مع الكثير من القطاعات المعنية بعد ابداء الوزراء ملاحظاتهم عليها، وذلك قبل عرضها على الدائنين الأجانب لتكون موضع مفاوضات بينهم وبين الشركة القانونية المكلفة من جانب الحكومة اللبنانية.

يشير المطلعون إلى أنّ ما يتمّ تداوله من اقتراحات قدمتها شركة “لازارد”، لا يمت للواقع بصلة لأنّ خطة الحكومة واضحة ببنودها. أما المتغيّر فيها، فهو مرتبط بنتائج التدقيق المالي الذي طلبته الحكومة، وهي خطوة لم يسبق لأي حكومة أن قامت بها، وما يرد في أوراق عن خسائر محددة بـ 83 مليار دولار ليس سوى تقديرات أولية بانتظار انتهاء التدقيق للبناء على الشيء مقتضاه.

ويلفتون إلى أنّ هذه النتيجة ستحسم نسبة الودائع التي ستبقى في أمان، وهي قد تتجاوز نسبة الـ 90% مع العلم أنّه ليس للحكومة أي توجه من نوع الهيركات لا بل قد تكون على شكل ضرائب تصاعدية، أو تعويض على شكل أسهم. ولهذا يعتبر هؤلاء أنّ الحملة التي شنت خلال الساعات الأخيرة، سياسية الطابع خصوصاً وأنّ من قرروا الوقوف علناً خلف المتاريس استغلوا فرصة وضع الخطة على طاولة مجلس الوزراء، ولو أنّها مسوّدة أولية، كي يستهدفوا سلوكها خصوصاً وأنّ الرأي العام يتلقف بايجابية أداء الحكومة لا سيما مع اختبار مواجهة الجائحة، ولذا سارعوا الى تحوير النقاش في الداخل نحو القطاع المصرفي الذي يهمّ كل اللبنانيين ولو بنسب مختلفة… بعدما صاروا شبه مقتنعين أنّ الحكومة قد تنجح في مهمتها المستحيلة وأنّ المزاج العام يميل إلى تأييدها في خياراتها. وصار لا بدّ من عرقلتها بشكل علني ووقف اندفاعتها.