IMLebanon

رسالة إسرائيلية إلى “الحزب” بزمن كورونا… “قواعد اللعبة لم تتغيّر”

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

في خرق أمني يثير الكثير من الأسئلة في المكان والزمان، استهدفت طائرة اسرائيلية من دون طيار سيارة من نوع جيب شيروكي بداخلها عناصر من “حزب الله” عند جديدة يابوس القريبة من نقطة الحدود السورية – اللبنانية عند منطقة المصنع. وحسب المعلومات، فإن طائرة إسرائيلية مسيّرة لاحقت السيارة المستهدفة من منطقة وادي القرن إلى نقطة جديدة يابوس، ليتم استهدافها بصاروخ لم يصبها، على مقربة من حلويات الحيدري، فحادت عن طريقها وتوقفت ليفر من بداخلها باتجاه الحيدري، قبل أن يتم استهدافها بصاروخ ثان، ما حال دون وقوع اصابات. ويأتي هذا الاعتداء بعد يومين متتاليين من التحليق المكثف للطيران الحربي الاسرائيلي والمسيّرات الاسرائيلية في الأجواء اللبنانية وصولاً إلى العاصمة بيروت.

ليس الاعتداء الجوي الاسرائيلي الذي حصل على الأرض السورية من السماء اللبنانية جديداً بانتهاكه سيادة البلدين، ولا جديداً على الخروقات الاسرائيلية اليومية المتنوعة الأشكال والمتعددة الأفعال. إلا أن الجديد هو التوقيت والهدف والأبعاد من وراء الاعتداء، إذ يأتي الاعتداء في ظلّ تفشي وباء “كورونا” في اسرائيل، من دون أن يقلّص هذا الأمر من تحركات استخباراتها في انتقاء الأهداف ومتابعتها، وكأنها توجّه رسالة تفيد بأن أبواب الحرب والمواجهة مشرّعة مع “حزب الله” في أي لحظة.

وبدا كأن المقصود من الاعتداء إعادة خلط أوراق اللعبة وقواعد الاشتباك من جديد، في ظلّ انهماك “حزب الله” في خطة مواجهة “كورونا” في مناطق تواجده.

أما اقتصار نتيجة الاعتداء بصاروخين على أضرار مادية فهو أمر قد لا يكون بعيد المسافة عن إيصال رسالة الى من يعنيهم الأمر بأن الاسرائيلي على كامل الأهبة والاستعداد في ملاحقة الأهداف وضربها أكانت بشرية أو “مادية صرفة”. يعرف “حزب الله” قراءة الرسالة جيداً كما يتقن فن الردّ. الرسالة بالرسالة، والبادئ هو الاسرائيلي. والمعادلة التي أرساها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، عندما توغلت الطائرات الاسرائيلية المسيّرة في عمق الضاحية الجنوبية العام الفائت، والقائلة بأن استهداف عناصر الحزب في سوريا يستدعي الرد في لبنان وليس في مزارع شبعا، لا تزال قائمة.

بالنسبة إلى “حزب الله” ما حصل أمس هو رسالة اسرائيلية تحذيرية له، خصوصاً أن اسرائيل ترصد باستمرار نشاط عناصره في سوريا، ولا تتوانى عن توجيه ضربات لبعض الأهداف التي تقول مرة إنها مستودعات أسلحة ومرة إنها ذخيرة وما الى هنالك من اتهامات. لكن منذ الاعتداء الاسرائيلي الأخير، الذي استهدف منطقة معوض في الضاحية الجنوبية وعنصرين من الحزب في سوريا، وردّ “حزب الله” بعملية في مستعمرة أفيفيم في أيلول الماضي، لم تعد اسرائيل تستهدف كوادر الحزب وباتت تعمل تحت سقف قواعد الاشتباك الموضوعة.

لذا ترى مصادر “حزب الله” في اعتداء الأمس رسالة اسرائيلية تقول للحزب: إنكم ورغم كل الظروف تحت أنظارنا. هذا في العموم، لكن هناك رسائل متعدّدة يقرأها الحزب في كلّ تفصيل من تفاصيل الضربة، فحين وصلت السيارة المستهدفة الى طريق دمشق – بيروت، وقبل وصولها إلى المصنع، تم استهدافها في ضربة تحذيرية. تابعت السيارة سيرها وعلى بعد 50 متراً من الصاروخ الأول، ترجل العناصر من داخلها فاستهدفت مجدداً. لعلّها المرة الأولى التي يُستهدف فيها الحزب عند نقطة الحدود وهذا تطوّر خاضع للتحليل من قبله، كما أن الهدف الذي لم يفصح عنه بعد سيبقى طيّ الكتمان إلى أن يجد الظرف المناسب لإعلانه. وهذا ما حصل يوم تم استهداف مبنى العلاقات الإعلامية في معوض حيث أن “حزب الله” لم يفصح لغاية اليوم عن حقيقة الموقع المستهدف. ليكون السؤال هنا من هي الشخصية التي كانت ترصدها الطائرات الاسرائيلية، أو ما هو الهدف الذي كانت ترصده؟ وهل تعمّدت توجيه أولى ضرباتها لتفسح المجال أمام من في داخل السيارة بالفرار متقصدة توجيه رسالة تحذيرية من دون تسجيل إصابات التزاماً بقواعد الاشتباك فعلاً، أي من دون وجود نية لديها بتوسيع رقعة المواجهة مع “حزب الله”؟

كان أغلب الظن أن اسرائيل المتلهية بوضعها الداخلي المأزوم سياسياً لعدم نجاحها بتشيكل حكومة، وصحياً بتطويق انتشار وباء “كورونا”، لن يكون من ضمن أولوياتها المواجهة مع “حزب الله”، لكن وعلى ما يبدو فإن خلف مواجهة “كورونا” تنشغل الدول ومنها اسرائيل في مواجهات وصفقات. يدرك “حزب الله” أن لا هدنة في المواجهة مع اسرائيل وهو لذلك لم يسقط من حساباته إمكانية الاعتداء في أي لحظة، خصوصاً ان التقارير الاسرائيلية باتت تتحدث مؤخراً عن إمكانيات “حزب الله” الواسعة في مواجهة وباء “كورونا”، والتي اعتبرها محللون انها تفوق امكانيات اسرائيل. يعتبر “حزب الله” ان القرار الأمني في اسرائيل معزول في الغالب عن القرار السياسي ولا يتأثر به، وأياً كان الظرف فإن اسرائيل لا تتوقف عن عملها الاستخباراتي والترصد بغض النظر عن النتائج السياسية لإنتخاباتها.

عدوان اسرائيلي جديد أضيف الى لائحة استهدافات اسرائيل لـ”حزب الله”، كيف ستكون تبعاته؟ المؤكد ان “حزب الله” لا يسكت على ضيم استهدافه لكن ربما يؤجل عدم وقوع اصابات في صفوف الحزب المواجهة… في حال كان الهدف بشرياً وليس شيئاً آخر مثلاً!