IMLebanon

آخر الدواء الحكومي في لبنان الحشيش

بدأ البرلمان اللبناني الثلاثاء عقد جلسات تشريعية تستمر ثلاثة أيام، على جدول أعمالها العشرات من مشاريع القوانين، أبرزها مشروعا تقنين زراعة القنّب الهندي والعفو العام المثيران للجدل.

وتتزامن الجلسات، التي تُعقد في قاعة مؤتمرات خارج مقر البرلمان في وسط بيروت تحسباً لفايروس كورونا المستجد، مع عودة التحركات الاحتجاجية، حيث جابت مسيرات سيارة شوارع لبنان تنديدا بالوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة، ورفع المتظاهرون من سياراتهم لافتات تطالب برحيل الحكومة والطبقة السياسية الحاكمة.

ويضم جدول أعمال المجلس الذي كان علق نشاطه لأسابيع بسبب وباء كورونا 66 بنداً، أبرزها تشريع زراعة الحشيشة لأغراض طبية، والذي يلقى شبه إجماع من الكتل النيابية، على أمل أن يوفر مداخيل مالية تنعش خزينة الدولة الخاوية.

 

ودخلت الحشيشة (القنب الهندي)، إلى لبنان في أربعينات القرن الماضي، وشكلت خلال الحرب الأهلية (1975-1990) صناعة مزدهرة كانت تدر ملايين الدولارات قبل حظره بفضل نوعيتها الجيدة. ويحتمي اليوم العديد من مزارعيها وتجارها في البقاع (شرق) بحزب الله خوفا من الملاحقة الأمنية.

ويوجد انقسام في صفوف اللبنانيين حول تشريع زراعة الحشيشة بين مؤيد يعتبر أنها تجارة مربحة ستعود بالفائدة على اقتصاد البلاد المنهار مستشهدين بنماذج من دول شرعت زراعتها، وبين معارض يرى أن الأمر محفوف بالمخاطر حيث أنه من الصعب ضبط المسألة وحصرها في الإطارين الاقتصادي والطبي.

واللافت أن لحزب الله الذي يتخذ من تجارة المخدرات وأساسا القنب الهندي أحد الموارد الهامة التي تغذي خزينته موقفا متحفظا من تقنين زراعته لدوافع يزعم أنها دينية، فيما يقول محللون وسياسيون لبنانيون إن موقفه يعود إلى خشيته من دخول أطراف جديدة على خط زراعة هذه الحشيشة وتسويقها، وبالتالي ضرب مورد كان يحقق له مداخيل هامة ولسنوات طويلة.

وبخلاف تشريع زراعة الحشيشة، لا يحظى اقتراحان حول العفو العام بتوافق نيابي، إذ تدعم حركة أمل وكذلك تيار المستقبل إقرار العفو، فيما تعارضه كتل مسيحية رئيسية في مقدمتها التيار الوطني الحر.

وكان رئيس التيار جبران باسيل قد استبق الجلسة بتغريدة على موقعه على تويتر الاثنين قال فيها “بالوقت يلّي عم نشتغل لنقرّ قوانين ضد الفساد، تنهال علينا كل مرّة قوانين العفو الملغومة! الأولوية المطلقة اليوم لاستعادة الأموال المنهوبة والموهوبة والمهرّبة وتشديد العقوبات على أصحابها، وليس إعفاء المجرمين!”.

وهو ما رد عليه الثلاثاء رئيس تيار المستقبل سعد الحريري عبر “تويتر” حيث لم يشارك في الجلسة باعتباره في حجر منزلي حيث كان مسافرا لفرنسا وقال الحريري “منذ اللحظة الأولى كنا واضحين بإصدار قانون عفو يستثني كل من على يده دماء. أما وقوف البعض ضده اليوم طمعا بتطييف المسألة أو ظنا أنه سيستعيد شعبية خسرها في طائفته وجميع الطوائف فهو موقف غير أخلاقي وغير إنساني وسيرتد على أصحابه”.

ويرى مراقبون أن موقف باسيل لا يخلو من اعتبارات طائفية ذلك أن الفئة المفروض أن يطالها العفو هم المئات من الموقوفين السنة دون محاكمة منذ سنوات.

ويقول داعموا إقرار العفو العام إن من أهدافه تخفيف الاكتظاظ في السجون لاسيما مع خطر تفشي كرورنا، حيث يوجد تسعة آلاف سجين فضلا عن الموقوفين. ويشكّل العفو العام مطلباً لأهالي ما يُعرف بـ”الموقوفين الإسلاميين” وعددهم 1200 تقريباً. يتحدّر القسم الأكبر منهم من مدينة طرابلس ذات الغالبية السنية والموالية تقليدياً لتيار المستقبل برئاسة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. وهم متهمون بجرائم عدة بينها قتال الجيش والاعتداء عليه والمشاركة في جولات اقتتال دامية داخل المدينة والتخطيط لتفجيرات.

 

كما تطالب بإقرار العفو عائلات الآلاف من الموقوفين والمطلوبين من منطقتي بعلبك والهرمل (شرق) حيث يتمتع حزب الله وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري بنفوذ كبير. وغالبيتهم متهمون بجرائم مخدرات وسرقة سيارات وزراعة الحشيشة.

ومن بين البنود التي يبحث فيها البرلمان اللبناني أيضاً اقتراح قانون برفع الحصانة عن النواب والوزراء، ما قد يمهد الطريق مستقبلاً أمام ملاحقتهم بتهم الفساد، وإقرار اتفاقية قرض سابقة مع البنك الدولي بقيمة 120 مليون دولار، لدعم المرافق الصحية وسط أزمة كورونا.

وسجّل لبنان رسمياً 677 إصابة بالوباء، بينها 21 وفاة. وفرض انتشار الفايروس على البرلمان نقل جلساته إلى قصر الأونيسكو في قاعة تتسع لألف شخص تقريباً وبما يحترم إجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي.

ورغم التعبئة العامة، لبى المئات دعوة النشطاء، الذين انكفأت تحركاتهم بعد تشكيل الحكومة مطلع العام ومن ثم انتشار الفايروس، بالقيام بمسيرات احتجاجية عبر السيارات، في مشهد يثير مخاوف مؤثثي المشهد الحالي.

وقال أحد المتظاهرين ويدعى حسن حسين علي (22 عاماً) وهو يمسك بمكبر صوت ويرتدي قناعاً واقياً “من الجيد العودة إلى الشارع، ما من شعور أفضل من ذلك”.

وتشهد البلاد انهياراً اقتصادياً وأزمة سيولة حادة تفاقمت بعد بدء احتجاجات غير مسبوقة في أكتوبر ضد الطبقة السياسية. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر الماضية. وفاقم انتشار كوفيد – 19 الوضع المتردي أساساً.