IMLebanon

كوارث “كورونا” الاقتصادية

كتب ريمون ميشال هنود في صحيفة “اللواء”:

عندما نرى بأن دول الاتحاد الأوروبي وإيران والصين وروسيا تضرّرت بفعل انتشار جائحة كورونا ندرك بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي أولاً بأن أميركا هي صاحبة المصلحة العليا في نشر هذا الوباء بهدف إضعاف اليورو الأوروبي ومنطقته الاقتصادية لإبقاء الدولار الأميركي في موقع قوة وفي الصدارة والطليعة.

أما انتشار الوباء في عقر دارها وفي دول صديقة لها فلا غبار على أنه عاونها على تضليل الرأي العام الاقليمي والدولي لناحية التمكن بنسبة مقبولة في إبعاد الشبهات عنها في صناعته وإبقاء قسم هام من جماهير شعوب دول المستديرة في حيرة من أمرها واستمرارها في التساؤل هل الكورونا فيروس صيني المنشأ أم أميركي الصنع؟

وكانت وكالة بلومبرغ قد قالت بتاريخ 11 آذار 2020 أنه وبحسب مكتب الاحصاءات الأوروبي يورو ستات بأن توسّع فيروس كورونا جعل اقتصاد دول القارة العجوز يقبع في وضع شبه مأساوي إذ ان اقتصاد منطقة اليورو شهد أول ركود له منذ سبع سنوات نتيجة تفشي هذا الوباء، ووفقاً للوكالة عينها فقد بات من المؤكد اصابة منطقة اليورو بانكماش الناتج المحلي.

ومن ناحية أخرى، قال وزير المالية الروسي أنطوان سيلونوف بتاريخ 18 شباط 2020 لموقع صحيفة RBK الروسية بأن الصين تصنف بأكبر شريك تجاري لروسيا حيث ازداد حجم التبادل التجاري بينهما عام 2019 عن 110 مليارات دولار وأضاف قائلاً بأن تفشي الكورونا أدّى إلى تراجع الطلب العالمي من جانب الصين وإلى تباطؤ الاقتصاد العالمي وخسارة الاقتصاد الروسي نحو مليار روبل أي ما يعاد 15 مليون دولار يومياً جراء تراجع مستوى التبادل التجاري مع الصين.

أما بالنسبة لإيران فقد كشف تقرير للمعهد الدولي للأبحاث النووية بتاريخ 8 نيسان 2020 أن تفشي فيروس كورونا وجّه ضربة قاسية للاقتصاد الإيراني الذي انخفض إلى مستوى قياسي إضافة إلى تراجع أسعار النفط فضلاً عن الأضرار التي لحقت بالقطاعات السياحية و التجارية الداخلية.

أما مجلة «فورن افيرز» فقد قالت بتاريخ 10 نيسان 2020 أن قطاع الاستهلاك الصيني سلك عملياً طريق التقهقر نتيجة تفشي الوباء في مئات الدول وذلك سيؤدي إلى تقلص الانتاج الصناعي.

أما البنك الدولي فقد أكد بأن تداعيات الاقتصاد العالمي يمكن أن تتسبب في تراجع الاقتصاد الصيني وصولاً إلى 2.3 بالمئة في العام 2020 مقارنة بـ 1.6 بالمئة في العام 2019.

أما الوضع الإقتصادي في أميركا فقد أدرك مرحلة الخطورة إذ أكد المشرع الأميركي تيري هوليغنزورد بتاريخ 15 نيسان 2020 بأن السماح بمقتل المزيد من الاميركيين بفيروس الكورونا يعتبر أهون الشرّين من ضرر الاقتصاد الناجم عن اجراءات العزل، ولفتت محطة الـ cnn إلى أن تعليقات هوليغنزورد تعكس رغبة متزايدة من الرئيس دونالد ترامب بأعادة فتح الاقتصاد الأميركي سريعاً كي لا تبقى الأضرار الاقتصادية الهائلة التي جلبها تفشي وباء الكورونا في البلاد حتى لو لم تتم محاصرة استشرائه.

ويذكر أن منظمة أوكسفام غير الحكومية كانت قد ذكرت في تقرير لها بتاريخ 8 نيسان 2020 أن أكثر من نصف سكان العالم مهددون بأن يصبحوا رازحين تحت نير خط الفقر المدقع عند انتهاء دوران هذه الجائحة.

وبالمناسبة فإن موقع عرب 48 وعدة مواقع أخرى كانت قد أشارت بتاريخ 16 نيسان 2020 بأن الاستخبارات الاميركية حذرت في منتصف تشرين الثاني 2019 اسرائيل وحلفائها في الناتو من وباء خطير سينتشر في مدينة ووهان الصينية لكن الساسة الاسرائيليين و وزراة الصحة لم يأبها للأمر إلى أن بلغ الوباء أقطار المنطقة العربية.

أما وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر فقد قال لشبكة abc لا أذكر شيئاً عن تلك التحذيرات! كما لم أكن على علم بأن ذلك الموضوع قد تم طلب التباحث به على طاولة مجلس الامن القومي في كانون الأول 2019!!

وكان الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما قد حذر في العام 2014 من ظهور وباء عالمي مميت وخطير وقد اكتشف كلامه عبر مقطع فيديو منذ ثلاثة أيام انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ومترجم بالعربية، إذ قال منذ الآن وبعده إلى عشر سنوات علينا توقع ولادة وباء عالمي خطير ومميت لذا علينا أن ندركه سريعاً بعزله سريعاً ونستجيب لردعه سريعاً، وعند ظهور هذا الداء كما الانفلونزا الاسبانية قبل خمس إلى عشر سنوات إلى الوراء، علينا أن نقوم بالسيطرة عليه واستثماره!!

سيكون استثماراً ذكياً لنا!! إن الموضوع ليس موضوع تأمين لذا علينا الاستمرار بخلق أوبئة كهذه خصوصاً على مستوى العالم!!

ولا يسعني إلا أن أذكر بأن المحلل الاقتصادي الأردني راسم عبيدات قال في حديث لموقع بكرا الأردني بأن أميركا تريد من خلال وباء كورونا ضرب الاقتصاد الصيني للسيطرة على الأسواق العالمية ، لكن وبما أن الصين تعتبر بمثابة قارة بحد ذاتها فهي قادرة على التغلب على الأزمة، واقتصادها قادر على التعافي ليصبح القوة القادمة اقتصادياً، علماً أن الحرب التي شنتها واشنطن على الصين و الكلام لعبيدات مردها إلى أن الصين ستصبح القوة الاقتصادية الأولى في العالم.