IMLebanon

“الحزب” يريد تطويع صيدا… السنيورة يدفع الثمن: “هدفهم تصفية البلد”

كتب محمد نمر في “نداء الوطن”:

من يسمع حقيقة زيارة الرئيس حسان دياب إلى صيدا من الرئيس فؤاد السنيورة، وما أحيط بها من جدل حول المستشفى التركي هناك، يخرج باستنتاجات عدة:

أولاً: أن القرار في هذه البلاد بات خاضعاً، ومن دون شك، لـ”حزب الله” وأن الرئيس دياب يدور في فلك سياسات كبير مكلّفيه ولا يملك أي قرار حتى لو كان مقتصراً على تشغيل مستشفى.

ثانياً: على الرغم من معارضة قوى صيداوية لتشغيل المستشفى التركي المخصص للحروق لمواجهة “كورونا”، تثبت رواية السنيورة ان “حزب الله” هو من وضع زيارة دياب على طريق الفشل.

ثالثاً: أن تشغيل المستشفى التركي لن يكون مهمة سهلة، في المرحلة المقبلة، وبالتالي سيبقى مجرّد مبنى على أرض تابع للبلدية لسنوات، أو إلى حين حدوث تغيير حقيقي يحرّر الدولة ويشغّل هذا المستشفى.

رابعاً: إن السنيورة الذي يتقن فن حياكة المواقف والمبادرات بـ”الابرة والخيط”، وقع اسير “نواياه الطيبة” تجاه صيدا، ودفع ثمن خطأ في الحسابات، كانت واضحة كـ”عين الشمس”، صحيح أنها “رجفة” في تموضعه لكنها لا تغيّر من موقعه كمعارض ثابت للحكومة.

هذا تحليل لم ينطق به السنيورة، لكنه استنتاج لكلمات روايته قصة المستشفى التركي، سبقتها قراءة لسياسة العهد والحكومة والمخططات التي من شأنها أن تودي إلى تصفية لبنان وجعله صورة مشابهة لايران.

في الشأن الصيداوي، يقول السنيورة، في جلسة مع الصحافيين: “انتهى انشاء المستشفى العام 2010، وكان هناك وجهة نظر بتشغيله مع الجامعة الأميركية التي قدمت الأخيرة عرضا مقبولاً، ثم عادت وعدّلت على عرضها ليصبح بالغ الكلفة فتوقف المشروع. إقترحنا تعيين مجلس ادارة فحصل خلاف مع وزارة الصحة على أن هذا المستشفى يتبع للدولة، فيما الارض للبلدية، وايام استلام الوزير وائل ابو فاعور الوزارة، تفاهمنا على أن تتولى الدولة الإدارة ونؤجل قضية أرض البلدية 10 سنوات، لكن رغم الاتفاق كان المستشفى قد احتاج إلى تطوير وكلفة تشغيل بنحو 6 ملايين دولار فعاد وتوقف المشروع”.

أضاف: “عندما دخل فيروس كورونا، رأيت نافذة للاستفادة من الموضوع من خلال القروض الميسّرة للبنك الدولي لمواجهة الفيروس، وكان بالامكان تحت شعار “كورونا” تشغيل المستشفى، لتنتهي في ما بعد الأزمة ويبقى المستشفى مجهّزاً لعمله في اطار الحروق”.

لا يخفي السنيورة حصول تواصل مع دياب عبر أحد الوسطاء، وكان لدى الأخير رغبة بزيارة صيدا، ويوضح: “قلت للوسيط اني اتواصل مع دياب من موقع معارض، ورغب رئيس الحكومة بزيارة صيدا فقلت اهلاً وسهلاً طالما أن الزيارة تؤدي إلى تشغيل المستشفى”، متسائلاً: “هل من ثأر بيني وبين دياب؟ هل ذهاب دياب إلى صيدا حرام ووجود “حزب الله” هناك حلال؟ وأقولها وعلى رأس السطح انني معارض لدياب ومشروعه السياسي”. ويتابع: “كان من المفترض ايضاً أن تكون النائبة بهية الحريري بين المشاركين لكنها رفضت”.

أما عن سبب فشل الزيارة، فيعود إلى أمرين: “الأول: عشية الزيارة تواصل ممثل عن وزارة الصحة (يقودها حزب الله) برئيس بلدية صيدا وقال له نريد توقيع اتفاقية بين الدولة والبلدية لـ 50 سنة، فاستغرب رئيس البلدية الطرح قبل ساعات من الزيارة، فمثل هكذا اتفاقية تحتاج إلى توافق وطرحها على المجلس البلدي. والثاني: طُلب أن تتم دعوة ممثلي “حزب الله” و”امل” في صيدا للمشاركة في الزيارة، فحينها اعترضت لأني ارفض تطويع المدينة”.

ما قام به السنيورة أعاد طرح تساؤلات عن علاقته بـ”المستقبل”، ويقول: “كل الملفات طويتها كرئاسة الحكومة والانتخابات النيابية، فأنا لم أعد ملاكماً بل أصبحت مدرباً”.

لا لتوزيع الخسائر

ويتوقف السنيورة أمام مخطط الحكومة “الهيركاتي”، ويشير إلى أن السلطة “تنظر إلى لبنان بطريقة حسابية ضيّقة، وكأن البلد شركة ويجب تصفيته”. ويضيف: “انهم يصفّون البلد بدلاً من استنهاضه، كما أن فكرة تحميل المودعين الخسائر تخالف الدستور والعدالة، فغالبية الاموال في لبنان ليست صناعة لبنانية بل مصنوعة من اموال المغتربين، واليوم يريدون تحميلهم المسؤولية ليقولوا لهم انكم دجاجة تبيض ذهباً ونريد قطع دابرها”.

وأمام هذا المشهد، يرى السنيورة أن الجهات المسؤولة عن الخسائر هي: الحكومات، اللجان النيابية ومجلس النواب، مصرف لبنان والحاكم.

ويبدأ من الحكومات، ليقول: “منذ ايام الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكنا نحذّر في الجلسات الحكومية والنيابية من الآثار السلبية نتيجة الافراط في الانفاق، لكن هذا لا يعفي الحكومات من المسؤولية وكنت أيضاً وزيراً للمالية”.

وعن مجلس النواب يسأل: “إن المجلس اقرّ أكثر من مرة انفاقاً ليس له تغطية، ما يعني أن هناك موافقة منه على كل الموازنات والاعتمادات، فلا صلاحية له بأن يزيد قرشاً واحداً على الانفاق في الموازنة بل صلاحيته بأن يلعب بالواردات وان يلغي جزءاً منها، لكن ذلك يتسبب بخلل بالموازنة”.

والمسؤولية ايضاً على مصرف لبنان وليس الحاكم وحده، ويقول: “كان يفترض بمصرف لبنان ان يقول للدولة: لا استطيع”. كما يعتبر أن “المصارف خالفت اجراءات مصرفية ووضعت كل ما لديها في سلّة واحدة هي الدولة”.

وقال: “أمام هذه المخططات لا بد من موقف يعبّر عن رفض توزيع الخسائر وبأن نقول لهم: “لا”، واعادة استنهاض البلد”. ويقولها بكل صراحة: “البضاعة الموجودة… غطا مش للطنجرة”، قاصداً العهد وحكومته، ويضيف: “هؤلاء غير قادرين على المعالجة وليس لديهم رؤية”.