IMLebanon

حكومة دياب والحشيشة الضرورية

كتب طوني أبي نجم في “نداء الوطن”:

يتحضّر العالم لمرحلة ما بعد “كورونا”، من خلال إعادة الفتح التدريجي للاقتصاد الذي أصيب بانتكاسة غير مسبوقة في التاريخ الحديث، أوصلت سعر برميل النفط الخام الأميركي إلى ما دون الصفر في ظاهرة يشهدها العالم للمرة الأولى!

أما في لبنان الذي يترقّب مرحلة ما بعد “كورونا” فتبدو التحضيرات مختلفة كلياً، لأن ما ينتظرنا ليس إعادة فتح اقتصاد كان لفظ أنفاسه قبيل تفشي الفيروس وينتظر إتمام مراسم الدفن، بل إعادة انطلاق ثورة قد لا تشبه ثورة “17 تشرين” بالضرورة، بقدر ما ستشبه ثورة جوع شاملة بفعل الانهيار المالي والاقتصادي الكامل، وبفعل امتناع السلطة السياسية عن اتخاذ ولو إجراء إصلاحي يتيم باستثناء تشريعات فارغة من أي مضمون طالما هي بعيدة من التطبيق. لا بل إن هذه السلطة تمادت في رفض الإصلاح إلى حد أنها عرقلت التشكيلات القضائية لتمنع أي محاسبة أو مساءلة.

وما ينتظرنا في لبنان أيضاً مواجهة سياسية شاملة تتبلور معالمها بشكل واضح على 3 محاور: محور العهد – “حزب الله” – “التيار الوطني الحر”، محور حركة “أمل” – “تيار المستقبل” – “القوات اللبنانية” – الحزب “التقدمي الاشتراكي” – “المردة”، ومحور الثورة بتفرعاتها السياسية والمناطقية والشعبية. وستشهد هذه المحاور مواجهات حادة جداً في ما بينها!

أمام هذه الاستحقاقات المعقدة يبدو فيها رئيس الحكومة حسان دياب الحلقة الأضعف لأنه الأعجز عن اتخاذ أي قرار على كل المستويات، مالياً ونقدياً واقتصادياً وسياسياً وحتى اجتماعياً. كما يمتنع حتى الساعة عن الإعلان عن الخطة الاقتصادية الموعودة للحكومة بعد طول انتظار، وبعد طول تردد في تسريب قرارات مالية لا يلبث المعنيون أن يتراجعوا عنها ويتبرأوا منها مثل مشاريع الـ”كابيتال كونترول” و”الهيركات”!

لا بل إن دياب وحكومته تحوّلا إلى ما يشبه المتراس للعهد وللوزير السابق جبران باسيل كما لـ”حزب الله”، مع أن الأخير قد يفكّر بتقديم الحكومة كأضحية العيد في حال اشتدت الضغوطات عليه نتيجة الأزمات الداخلية المتراكمة والفشل في المعالجات، ما أدّى إلى تجمّع قوى وازنة في مواجهتها من داخلها وخارجها، وأيضاً نتيجة التعقيدات الإقليمية التي قد تفرض عليه المزيد من التنازلات كما حصل في العراق على سبيل المثال، حيث اضطرت إيران إلى تقديم تنازل أساسي في موضوع القبول بتكليف مصطفى الكاظمي القريب من واشنطن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

هكذا تبدو الصورة الداخلية ما بعد “كورونا” مكفهرّة بالكامل ما بين الانهيار المالي والاقتصادي الحتمي، والمواجهة السياسية التي بدأت تباشيرها والثورة الشعبية التي بدأت تستجمع قواها من جديد، ما يشي بمرحلة شديدة السخونة لا يمكن لأحد أن يتكهّن بنتائجها!

الثابت في كل ما يجري أنه يمكن للرئيس حسان دياب أن يبتهج بالإعلان أنه في “عهده” تمّ تشريع زراعة الحشيشة في لبنان لأغراض طبية، لعله يستعين بهذه الحشيشة في المرحلة المقبلة والحامية لتحمّل أوجاع خروج منتظر من السلطة، حين سيصبح شبه متروك ما بين سندان الثورة الشعبية ومطرقة المعارضة السياسية، وتخلّي رعاته السياسيين عنه لمحاولة الحد من خسائرهم السياسية والشعبية!