IMLebanon

‪ في النبطية: الملحمة مشروع خيري لدعم الناس‬

كتب رمال جوني في صحيفة “نداء الوطن”:

“جمعتنا الإنسانية”، كلمة تُعبّر عن عمق المشروع الخيري الذي أطلقته مجموعة من شبّان النبطية لمساعدة الناس، ويقوم على بيع اللحمة بسعر الكلفة، في وقت تجاوز سعر الكيلو الـ27 الف ليرة.

قبل شهر، بدأ مشروع لؤي كحيل والشباب، في محاولة لكبح جماح التجّار والحدّ من التلاعب بالأسعار. فالمواطن يختنق من “القلة”، ويعجز عن شراء “وقية” لحمة، وحرص الشباب أن يبيعوا اللحم بأرخص الأسعار، ليتسنّى للفقراء شراءها، لا سيما في شهر رمضان.

إختار لؤي تحدّي الأسعار باللحم، الشاب الذي خسر عمله بسبب “كورونا”، إختار مع مجموعة من رفاقه فتح ملحمة لبيع اللحمة بسعر التكلفة، قد يبدو الأمر ضرباً من الجنون، في عزّ الأزمة، غير أن لؤي يؤكد أن “المشروع خيري، يهدف الى مساعدة الناس في زمن الإحتكار”.

في حي البياض في النبطية، تقع الملحمة، داخلها يتناوب الشباب على العمل، جميعهم من عالم بعيد من مهنة الجزّار، جمعتهم مساعدة الفقراء، إختاروا أن يكونوا على تماس مع أهلهم، وأن يقدّموا الدعم على طريقتهم.

داخل الملحمة، تتعرّف على إصرار مهدي على تحدّي “كورونا” بعمل إنساني، لم يكن يوماً لحاماً، ولكن لـ”كورونا” أحكامها أيضاً. لم تشهد النبطية، كما لبنان أزمة مماثلة، علينا مواجهتها بالتعاون يقول حسين، يُقرّ الأخير”بأن الأزمة خطيرة، وحال الناس لا تحتمل ارتفاع الأسعار”، غير أنه يجزم بـ”أن عملهم جاء ليتحدّى الغلاء، ليقف الى جانب الفقراء في أحلك ظروفهم”.

من رحم الأزمة وُلد مشروع الشباب الخيري، جاء بمثابة الخلاص للناس من جشع التجار، رسم سياسة جديدة للعمل الإنساني الذي يأخذ حيزاً واسعاً في زمن “كورونا”. لا يُنكر لؤي أن “الصراع كبير في السوق بين التجّار، ولكننا كشبان، قرّرنا خوض المعركة بالتكلفة، لأن الناس شبعت غلاء، ونرى من الواجب علينا دعمها بالإمكانات المتواضعة”.

لا يهدأ تلفون لؤي، الطلبات كثيرة، فالناس تبحث عن الرخص، لا يتجاوز سعر الكليو17500، ناهيك عن أنه مطابق للمواصفات الصحية. روان تتولى الإجابة على اتصالات المواطنين وتحضير طلباتهم، الشابة التي تعمل في مختبر لتشخيص الأمراض بربع دوام، تشارك الشباب في مهمتهم الإنسانية. تؤكد أن “الدنيا بعدها بألف خير، وأن مشروعهم لا يعدو كونه بسيطاً في ظلّ ما يواجه المواطن”. كان بودّ روان، كما لؤي والشباب، أن يقدّموا اللحم بشكل مجاني للناس “ولكن ما في اليد حيلة، نعمل قدر المستطاع ونحصل على بعض الدعم، وبالحد الادنى تمكنّا أن نفرض سعراً يكسر سعر السوق”. ويشير لؤي الى “أننا نُقدّم حصص لحم يومية للفقراء”.

يجزم لؤي كحيل، أحد شبان المشروع “أن عملهم إنساني محض، نتعاون معاً لنمدّ جسراً جديداً للإنسانية، لأن الشباب العامود الفقري للمرحلة، وأثبتوا أنهم على قدر من المسؤولية، ونحن بعملنا نتحمّل مسؤولية تجاه أهلنا”.

ولا يتردّد بالقول: “اننا في صدد اطلاق مشروع لبيع الدجاج بالكلفة أيضاً، لان لا أحد سيضع حدّاً للاحتكار غير المنافسة”، ناهيك عن أنه “من حق الناس أن تأكل، هناك من لا يرحم، بحجّة الدولار، وتناسوا أن الناس خسرت كل شيء، حرام أن تخسر لقمتها أيضاً”.

مع ساعات الفجر الأولى، تنطلق رحلة الشباب الى مسلخ صيدا، حيث يجري ذبح البقرة ومصادقتها من قبل طبيب الوزارة، لتبدأ بعدها رحلة نهارهم الطويل، لانجاز طلبات الناس الكثيرة، بين إعداد البفتاك والشاورما والكفتة وغيرها، إعتادوا على العمل الطويل، وفق لؤي “فالعمل لا يعدو كونه خيرياً، كل الشباب تطوّعوا لهذا العمل”.

يتولّى مهدي، ابن الـ17 عاماً، تقطيع اللحم، مع إثنين آخرين، لم يتمرّسوا بالمهنة سابقاً، فهم ما زالوا على مقاعد الدراسة، اختاروا أن يكونوا لحّامين مع “مرتبة خدمة الناس”، على حدّ قولهم.

بوتيرة عالية، يعمل أحمد مع الشباب، أثبتوا انهم ” قدّها وقدود”، فأغلب المبادرات جاءت منهم، صاغوا سياسة إقتصادية جديدة، في وقت تعجز وزارة الإقتصاد عن ضبط الأسعار، إختاروا البيع بالكلفة، مع ما يحمل عملهم من كشف لهامش الربح الذي يحقّقه الجزّار.

لا يُنكر لؤي أنهم “يتأثرون بارتفاع سعر الدولار، ما يفرض علينا زيادة 500 أو الف ليرة، ولكن أحياناً ندفع من جيبتنا، كي لا نُحمّل المواطن أعباء إضافية”.

أكثر من 200 كيلو يبيع الشباب يومياً، ما يُظهر حجم الطلب، ولجوء الناس اليهم، ويطرح فرضية أخطر: ماذا لو خلت الساحة من مبادرات بسعر الكلفة؟ يؤكد حسين أن هناك كثراً توقفوا عن شراء اللحمة، فسعرها فاق تحمّلهم، ولكن مع مشروعنا، إسترجع المواطن ثقته بالشباب”.