IMLebanon

الجيش بمواجهة الثوّار في البقاع… هراوات وقنابل خانقة

كتب أسامة القادري في صحيفة “نداء الوطن”:

يرفض الثوار الناشطون اتّهام أهل السلطة لهم بأن تحرّكهم يأتي بإشارات من “المعارضة” (تيار المستقبل، حزب القوات، الحزب التقدمي الإشتراكي)، وكأن حكومة حسان دياب لم تنل الثقة على وطأة التعدّي على المتظاهرين امام مجلس النواب، وسقوط عشرات الجرحى بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، وكأن ثورة 17 تشرين لم تنطلق، وتُسقط حكومة الرئيس سعد الحريري، أو بالأحرى، كأنّ سعر صرف الدولار لم يصل الى 4 آلاف ليرة، ولا شيء يستدعي النزول الى الشارع للمطالبة بحقوقهم المسلوبة.

فما إن أُعلن أمس عن اقتراب سعر صرف الدولار الواحد الى 4000 ليرة، حتى أطلق الثوار دعواتهم الى الاعتصام في الساحات، رفضاً لسياسة الإفقار والغلاء الفاحش، من دون حسيب أو رقيب، ولعجز الحكومة عن وضع خطة من شأنها الحدّ من التدهور الاجتماعي والاقتصادي، واسترداد المال المنهوب.

وعلى أثر تظاهر الشباب وسط طريق تعلبايا، فرّق الجيش المتظاهرين بالقوة، وانهال عليهم بالهراوات، ما ادى الى سقوط اكثر من 18 جريحاً، عدا حالات الاختناق، بعدما أُطلقت باتجاه المنازل قنابل مسيّلة للدموع، ما أثار حالة سخط على عناصر الجيش الذين لم تعد رواتبهم تساوي شيئاً، بعدما وصل سعر صرف الدولار الى حدّ لا طاقة للناس على تحمّله.

الناشط ملحم الحشيمي، أحد ثوار تعلبايا، والذي أُصيب برأسه نتيجة ضربة بهراوة أحد العسكريين، قال لـ”نداء الوطن”: “نرفض أن يتّهمونا بالزعران، نحن ثوار فقراء، ماذا ننتظر؟ ان نموت من الجوع بعدما وصل سعر صرف الدولار الى 4 آلاف ليرة”؟ وتحدّث عن وجود اكثر من 30 اصابة بين الناشطين، ورفض الاتهام بأن الثوار اعتدوا على الجيش، “ما حدا اعتدى على الجيش، تحرّكنا سلمي ومن حقّنا التعبير عن رأينا ورفضنا لسياسة قتل الناس جوعاً”. واوضح ان القنابل المسيلة التي اطلقها الجيش لاحقت المتظاهرين الى المنازل القريبة من مكان الاعتصام.

واستمر الناشطون في الدعوات الى الاعتصامات، احتجاجاً على قمع المتظاهرين في تعلبايا.

وعبّر البقاعيون عن سخطهم على خطّة وزارة الداخلية بإقامة حواجز لقمع المخالفات وعدم دفع الميكانيك، في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.

إعلان وزارة الصحة عن وجود ثلاث اصابات بـ”كورونا” في البقاع الاوسط، لم يُثن الثوار، أمس وأمس الأول، عن النزول الى الشارع، بل شهدت المنطقة مسيرة سيّارة حاشدة لتقول إن الثورة مستمرة ولم تمت، كما تتمنّى السلطة وتحاول قتلها بالقمع الذي رافقها، حتى دخول لبنان التعبئة العامة وتهديد اللبنانيين بجائحة “كورونا”.

الإصابات في صفوف الثوار الناجمة من قمع الجيش، رفعت من منسوب الاحتقان الشعبي تجاه هذه السلطة البوليسية القمعية والمحاصصاتية الطائفية والمذهبية، وفشلها في معالجة الازمات المعيشية والاقتصادية، وحتى السياسية.

الإعلان عن اصابات بالفيروس في البقاع، اثر نتائج فحوصات الـ pcr العشوائية، التي اجريت في مستشفى الياس الهراوي، في قسم “الكورونا” الذي افتتح منذ نحو خمسة ايام، زرع الخوف في قلوب البقاعيين، من أن يكون المرض منتشراً في البقاع، ووزارة حمد حسن تتقصّد عدم توسيع دائرة الفحص، للتخفيف من وطأة حالة الانتفاضة الشعبية على عجز حكومة دياب عن معالجة الأزمات التي تُحيط بها. لذا يتهرّب وزير الصحة من السماح بإدخال الـ rapid test، الفاحص السريع والرخيص للكورونا، والذي اعتُمد في العديد من الدول كفاحص تمهيدي. وبحسب مصدر طبي، فإنّ وزير الصحة يضع امامه هدفاً، هو كيفية اعلان الانتصار على كورونا، مُجيّراً لحزبه وعبره لحكومة دياب انتصاراً وهمياً على الفيروس، وكأن هذا الانتصار لا علاقة للبنانيين به، ولم يكن التزامهم بالتعبئة العامة وإبقاؤهم في بيوتهم وإقفال مصالحهم على حسابهم الشخصي، لا على حساب حكومة، لغّمت لوائح الفقراء بفساد الاحزاب.

فيوم أمس، قامت مسيرة سيّارة، اعتراضاً على سياسات هذه السلطة “الفاسدة”، وسجّل الناشطون نجاح المسيرات ورُقيّها، من خلال التزامهم بقرار وزارة الداخلية “مفرد مجوز” للنمرة المزدوجة. أمس الأول كان دور “المفرد”، ولم تُسجّل لهم أي مخالفة اثناء المسيرة، بل رفعوا الاعلام اللبنانية ومكبّرات الصوت التي صدحت بأغانٍ ثورية وبشعارات الثورة، حيث جابت المسيرة شتورا، برّالياس، المصنع، مجدل عنجر، الصويري، البقاع الغربي قبّ الياس، مكسه، تعنايل، سعدنايل وزحلة.

وبدا واضحاً غياب الغوغائية والاستهتار عن الثوار، كونهم التزموا بارتداء الكمامات و”الكفوف”، وارتدى بعضهم النظّارات الواقية للعيون.

لا تُخفي الناشطة الميدانية وصول غنيم ان الدعوة الى المسيرة كانت ناجحة “اولاً لانها استطاعت استنهاض الناس، فكلّما مررنا في قرية، نلاحظ مدى تفاعل الناس معنا، من خلال انضمام بعضهم للمسيرة، وايضاً من خلال رفع الاعلام اللبنانية على شرفات المنازل”، وقالت:”أثبتت الحكومة فشلها، وبأنها شريكة في الفساد بعد فضيحة لوائح مساعدة الـ 400 الف ليرة، وكيفية تعاملها مع الثورة باستخفاف، في ملفّ استرداد المال المنهوب، وفي ملفّ التعيينات التي أتت على قدر ما تريده احزاب السلطة”.

وعادت وتجمهرت مجموعة من الثوّار مساء عند مثلث المرج – برالياس – طريق الشام احتجاجاً على رد فعل الجيش في قمع المتظاهرين في تعلبايا.