IMLebanon

في الشمال الغلاء أخطر من الوباء… “عهد الذل والفشل”

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

أشعلَ الغلاء الفاحش وجشع التجّار وغياب السلطة عن القيام بمسؤولياتها، ثورة الجياع في لبنان، من أقصاه إلى أقصاه. وبعفوية الموجوع وقلق الجائع، إلتأمت الثورة من الشمال إلى الجنوب، ونزل الثوار والمواطنون إلى الساحات.

خرق المواطنون قرارات التعبئة العامة المفروضة بحجة وباء “كورونا”، ولم يعودوا مُكترثين بالحكومة وبقراراتها، فالغلاء أخطر من الوباء.

مساء الأحد، نزل الناس إلى الشوارع وقطعوا الطرقات في عدد من المناطق اللبنانية. أما في مناطق الشمال فصارت التحركات الشعبية تحصل بشكل يومي، وتترافق في اليومين الأخيرين مع قطع للطرقات.

ثوار ساحة النور

في مدينة طرابلس حيث بلغ الفقر ما بلغ، تحرّكات الأهالي لا تهدأ، سواء في ساحة النور أم في الميناء والمناطق الداخلية وفي البداوي. ساحة النور التي تشهد منذ أسبوعين على اعتصامات واحتجاجات، تغيّرت فيها وتيرة الإحتجاجات مع دخول شهر رمضان المبارك، فصار المعتصمون ينزلون إلى الساحة بعد الإفطار مباشرة، ينفّذون احتجاجات وتحرّكات غاضبة على ما آلت إليه أوضاع الناس المعيشية وفرض الإقفال والتعبئة من قِبل الحكومة من دون تعويض الناس بالبديل. وتميّزت تحركات اليومين الماضيين المناهضة لحكومة حسان دياب والسلطة بشكل عام، بنزول الثوار إلى محيط منزل وزير الإتصالات طلال حواط في طرابلس، داعين إياه إلى الإستقالة من حكومة إفقار الشعب اللبناني التي تجاوز سعر صرف الدولار بعهدها الـ 4000 ليرة لبنانية، ولم تُقدم بعد على أي عمل، لكبح جماح التجّار ومعالجة الأزمة.

يشرح هاشم عبدالله لـ “نداء الوطن” أثناء مشاركته في إحدى تظاهرات طرابلس أنه صاحب عائلة مؤلفة من 4 أولاد وكان يعمل في دهان السيارات. ويقول: “منذ التعبئة العامة المفروضة تم إيقافنا عن العمل. الشركة دفعت لنا أول شهر نصف معاش وبعدها توقّفت عن الدفع. لا ندري هل سنعود إلى العمل أم لا ولا شيء لدينا في المنزل، نحن بحكم الموتى بكورونا أو من دونها فالجائع ميت، أدعو كل اللبنانيين للنزول إلى الشارع لإسقاط هذا العهد القوي على شعبه والضعيف في كل شيء آخر، عهد الذل والفشل”.إعتصامات يومية في عكار

ومن طرابلس إلى عكّار، الثورة لا تهدأ وتحرّكات الناس الفقراء على الأرض لا تستكين، للمطالبة برحيل السلطة الفاسدة التي أوصلت لبنان إلى الإنهيار. وتشهد ساحة العبدة في عكار على اعتصامات يومية مسائية. فالثوار ينزلون إلى الساحة منذ ثلاثة أيام وتحديداً بعد الإفطار، ويتم قطع الطريق معلنين “ثورة جياع”، بعدما وصل غلاء السلع والمواد الغذائية والإستهلاكية والخضار الى حدود الكفر الذي لا يرحم. في هذا السياق، قُطعت ظهر أمس الطرقات في المحمّرة والبيرة والعديد من المناطق والبلدات، إحتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية، ووصول الناس إلى تحت خط الفقر من دون أن تتحرك الدولة لإنقاذ شعبها. الناشط في ثورة عكار مختار ببنين، ورئيس اتحاد روابط مخاتير عكار زاهر الكسّار قال لـ”نداء الوطن”: “هذه ثورة الجياع تحصل الآن. بعض من هم على الطرقات لا يملك ثمن ربطة الخبز وبعضهم الآخر لا يملك قوته اليومي. لطالما حذّرنا هذه السلطة الفاسدة من هذا الوضع ومن تجاهل مطالب الناس لكنها لم تُعر أي اهتمام”، وطالب الجميع “وخصوصاً من لا يزالون في البيوت ومن لا يزال ينتظر مساعدات الدولة (400 ألف الذل) بالنزول إلى الساحات، فالإنتظار لم ولن يفيد في شيء. لم يعد أمام اللبنانيين من حل إلا بملء كل الساحات ورفع الصوت الواحد: “تسقط سلطة الإذلال، سلطة إفقار الناس وتجويعهم”.

في المنية، قطع المحتجون الطريق العام بين المنية وطرابلس بالقرب من البلدية. وعبّروا عن استيائهم من الغلاء وتردّي الأوضاع المعيشية والإقتصادية والأوضاع الصعبة التي يمرّون بها مع بداية شهر رمضان المبارك.

إلى ذلك، فإن الغلاء الفاحش الذي تشهده أسعار المواد الغذائية واللحوم والخضار في شهر رمضان، يقضّ مضاجع العائلات التي تئنّ من ارتفاع الأسعار والتي تتحرّك صعوداً بشكل يومي. هذا ويستغلّ التجار هذه الظروف وشهر رمضان لرفع الأسعار حيث وصل سعر كيلو البندورة أمس في محلات عكار وطرابلس إلى 5000 ليرة لبنانية والحامض أيضاً علماً أنها إنتاج محلي، في غياب لوزارة الإقتصاد وأجهزة الرقابة في الدولة والحكومة وتقاعسها عن القيام بواجباتها وتأمين مصالح الناس.