IMLebanon

رمضان شمالاً من دون “الأحمر”: اللحم ممنوع على الفقراء

كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:

إرتفعت أسعار اللحم بأنواعه، بشكل جنوني، مع بداية شهر رمضان، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، كما يؤكد تجّار المواشي وأصحاب محلات بيع اللحوم. غلاء هذه المادة المهمّة التي تدخل في معظم الطبخات الرمضانية له وقعٌ آخرعلى حياة الناس الصائمين شمالاً، وعلى موائدهم.

فرمضان اللبنانيين الصائمين شمالاً، من دون “الأحمر” هذه السنة. فالمُعتاد على شوي اللحم يومياً كوجبة رمضانية أساسية، بدأ يغيّر عاداته. ومن كان الطعام، بالنسبة اليه والمطهو باللحم، الطبق الرمضاني الأساسي على السفرة، تحوّل الأمر عنده الى ضرب من المخاطرة وعليه بالتغيير والتبديل بين الوجبات. على أن كيلو لحم البقر في بدايات أيام رمضان تخطّى الـ 30 ألف ليرة لبنانية، بينما كيلو لحم الغنم ناهز الـ 50 ألف ليرة لبنانية.

(ن. التلاوي) صاحب ملحمة في منطقة البداوي بطرابلس، يقول لـ” نداء الوطن”: “رمضان اليوم غير كل السنوات، لقد مرّ حوالى الأسبوع لم أبع في حارتي أكثر من 5 كيلو لحمة، وأبيعها بالأوقية وبالألفين والخمسة آلاف ليرة، لطالما كانت الناس في مثل هذه الأيام تسخى على نفسها وتأكل اللحم في رمضان، أوضاعها صعبة وأوضاعنا أصعب، للمرة الأولى منذ سنوات نشتري اللحم بالكيلو. قبل 3 أيام اشتريت 15 كيلو وأمس 20 واليوم 10 لأتمكّن من بيعها. الله يرحم أيام زمان كنا نذبح كل يوم عجلاً أو في أسوأ الأحوال كل ثلاث إلى أربعة أيام عجلاً مع عدد من الخواريف، هذه المرة بتنا نشتري اللحم بالكيلو ونجتمع عدة لحامين لتأمين عجل واحد نوزعه على عدد من الملاحم في المنطقة، فالناس لم تعد تشتري كما في السابق”.

جدير ذكره أن بعض أصحاب الملاحم في طرابلس صاروا يفتحون أبوابها مرة او مرتين في الأسبوع، لعدم التمكّن بعد اليوم في هذه الأوضاع من شراء عجل أو خواريف لذبحها كما كان يحصل في السابق. وعلى مقلب الزبائن، الأمور توحي بصعوبات وتردّ مالي.

يشرح علي عبدالله من عكار أوضاع الناس في حيّه فيقول: “كنا في أيام شهر رمضان وخصوصاً في أول أسبوع أو اثنين من الشهر نرى خروج الدخان من كل بيت مع فترة قبل الإفطار بينما روائح اللحم تملأ المنطقة. حالياً، لقد انقضى أول أسبوع ولم أشتمّ رائحة لحم تُشوى أو أرى دخاناً يتصاعد من منزل. الناس، وأنا منهم، تحاول تمرير الأيام الرمضانية بما تيسّر ولم تعد قادرة على العيش كما في السابق، الأوضاع المادية صعبة للغاية، الله يعينا ويعين البشر”. بينما تشير أم بلال، من عكار، إلى أن زوجها عامل يومي في بيروت.

وتقول: “كنا في السابق نشوي اللحم مرة أو مرتين في الشهر، مع بداية الثورة توقّف زوجي عن العمل فافتتح مكاناً صغيراً جانب البيت نعتاش من خلاله. فرضت أزمة كورونا الإغلاق، حاول زوجي بعد مدة فتح المحل ليجد أن الأسعار تضاعفت كثيراً، فلم يستطع شراء بضائع ومواد ليعيد افتتاح العمل الخاص، لا أتحدث عن لحم أو غيره الذي كان في السابق طعام الميسورين اليومي، بل أتحدث عن الخضار مثل اللوبياء والكوسا وغيرها وقد أصبحت أغلى بكثير من السابق ولا نستطيع شراءها”. وإلى جانب ارتفاع أسعار اللحم، فإن أسعار الدجاج في ارتفاع هي الأخرى، واعتباراً من بداية شهر رمضان المبارك تخطّى سعر كيلو الدجاج الـ 5 آلاف ليرة لبنانية وهي سابقة لم تحصل في عزّ الأزمات الكبرى.

في خضم كل هذه المعمعة ثمة من يقول إن اللحم ممنوع على الفقراء، ولكن عندما تنظر إلى الأمر من زاوية أوسع وترى أن كل المواد الغذائية والسلع والخضار قد ارتفع سعرها أضعافاً، فإنك تستخلص بأن هذه الدولة تحرم الفقير من أكل أي شيء، لا اللحم ولا غيره.