IMLebanon

بسري موقعاً طبيعيّاً: “شكراً وليد بك جنبلاط”

كتبت آمال خليل في “الاخبار”:

«نعتبر سد بسري في حكم الملغى». هكذا حسم رئيس بلدية مزرعة الشوف يحيى بو كروم مصير المشروع ضمن التجمع الذي نظم أمس في موقع العواميد الرومانية بدعوة من البلديات الشوفية المطلة على المرج. مناسبة الدعوة «مناسبة الأول من أيار والاحتفال بمرج بسري موقعاً طبيعياً ودعماً لمواقف البلديات والمجالس الاختيارية التي أعلنت رفضها للسد وليكون المرج منطقة مزدهرة زراعياً وأثرياً وبيئياً وسياحياً». من دون عنف أو ردع من القوى الأمنية والجيش اللبناني والحراس كما حصل سابقاً، اجتاز المشاركون الحواجز الحديدية التي وضعها المتعهد عند مداخل المرج من ناحية جزين. سبر أغوار المرج كشف حدوث مجازر بعضها حديثة في أشجار الصنوبر المعمّرة وأعمال حفر ورفع للرمول من وسط المرج وسفوح البلدات المحيطة به. منع المواطنين من الدخول في أيلول الماضي، أدى إلى فقدان مواسم الخضر والفريز التي تنضج في هذا الوقت. لكن الزراعة لم تتوقف في ناحية المرج الشوفية حيث لم يمنع الحراس أصحاب الأرض من الوصول إليها وزراعتها.

للمرة الأولى منذ انطلاق التحركات الاحتجاجية ضد المشروع منذ أكثر من ثماني سنوات، اعترض أهل المرج الشوفيون بشكل جماعي وعلني، بعد سنوات من التزام شبه تام بالحياد تجاه عشرات التحركات السابقة، فضلاً عن كون معظم البلديات نفسها، كانت قد وافقت على المشروع، ربطاً بالموقف السابق للنائب السابق وليد جنبلاط. التحرك الشعبي أمس أعقب صدور بيانات متلاحقة لتلك البلديات تعلن سحب موافقتها على المشروع من عماطور ومزرعة الشوف وباتر ومختار بسري ومزرعة الضهر. لا يمكن بنظر الكثيرين فصل التحوّل الشعبي والبلدي عن استدارة جنبلاط الذي سحب أخيراً موافقته على المشروع «بعدما تبيّن له ضرره وكنا قد وافقنا عليه لأنه مشروع وطني ولأن المياه ثروة وطنية». المنطق نفسه استخدمته البلديات في بياناتها. في حديث إلى «الأخبار»، قال بو كروم إن «موافقة بلديات عماطور وباتر ومزرعة الشوف (60 في المئة من أراضي المرج تقع في نطاقها) كانت مشروطة بالتعويض البيئي والإيكولوجي على المنطقة واستصلاح حوالي 14 مليون متر مربع في الزراعة ضمن مخطط توجيهي عام. وبعدما تلقينا وعوداً بتلبية مطالبنا، لمسنا لاحقاً مماطلة من أصحاب المشروع إلى أن أقروا بأن لا تمويل ملحوظاً للتعويض الإيكولوجي الذي ننادي به». سبب التحول الثاني بحسب بو كروم، التنبه إلى «مكامن الخلل الذي أثاره الناشطون والجمعيات الذين لهم الفضل في كشف المخاوف لأننا نحن لسنا أصحاب اختصاص علمياً».

بو كروم وزملاؤه من رؤساء البلديات والمخاتير مرتاحون إلى أنهم استمعوا أخيراً إلى صوت الأرض وأهلها. أما الناشطون والمعترضون على المشروع، فتعنيهم نتيجة تجميد المشروع بصرف النظر عن فضل «البيك» وحساباته التي يعتبرها البعض سياسية «نكاية بالعهد الذي لا يزال متمسكاً بالسد». معظم المشاركين أمس نسبوا فضل توقف المشروع لجنبلاط. بعضهم بادر إلى رفع لافتة كتب عليها «شكراً وليد بك جنبلاط» بتوقيع «أهل الأرض». لكن «البيك» زهد وسارع عبر التغريد على صفحته على تويتر بالتوجه إلى مناصريه قائلاً: «آن الأوان لبعض العقول المتحجرة في الحزب الاشتراكي أن يخرجوا من منطق الشخصنة والأنانية. المجتمع المدني هو الذي انتصر في الاعتراض على سد بسري وأقنعني بالضرر الفادح. لم أطلب لافتات ترحيب باسمي في بسري»، ما أدى إلى استبدال شكر جنبلاط بشكر «كل من ساعد في إعادة الحق الى نصابه حفاظاً على جمال الطبيعة وقيمة التراث التاريخية»، علماً بأن أحد مناصري «التقدمي» كان قد تعرض السبت بالضرب لإحدى بنات المنطقة منال البعيني، وهي ممن اعترضوا باكراً على المشروع. وقد عبر جنبلاط عبر تغريدة عن رفضه التعرض لها.

ليست العودة إلى المرج أقصى أمنيات أهل الأرض. لجنة التنسيق للحفاظ على مرج بسري أعلنت عن آلية لعودة المزارعين إلى حقولهم. الناشط الجزيني كريم كنعان دعا البلديات إلى تولي تنظيم زراعة الأرض وتوزيعها بين أصحابها وبين من يرغب من المزارعين الجدد. ألا يعتبر ذلك استيلاءً على أملاك الدولة التي استملكت الأراضي؟ ابن باتر فادي حمادة رفض اعتبار إعادة إحياء المرج زراعياً بالتعدي على الملك العام. «الدولة هي من خالفت القانون عندما أصدرت مرسوم الاستملاك من دون موافقة بلدية الميدان التي تقدمت بطعن بالمشروع أمام مجلس شورى الدولة ولم يبتّ. والدولة أيضاً خالفت القانون عندما سعّرت عقاراً بـ 20 دولاراً للمتر الواحد وسعّرت العقار المحاذي له بـ 500 دولار للمتر الواحد. فيما استملكت الأراضي بـ 50 مليون دولار ورتّبت على المواطنين فوائد مرتفعة لسداد القرض الذي أخذته من البنك الدولي لإنشاء المشروع».