IMLebanon

الفيول المغشوش: مظلّة السياسة تحمي الفاسدين

كتب رضوان مرتضى في صحيفة “الأخبار”:

دخلت فضيحة الفيول المغشوش بازار السياسة. احتدم الكباش بين العونيين والمردة. الاعترافات تؤشر إلى تورّط عدد كبير من موظفي المنشآت النفطية بقبض رشى وهدايا للتلاعب بنتائج التقارير المخبرية، وتُؤدي إلى الاشتباه في تلقي موظفين رشى لإدخال فيول مغشوش ما كان يتسبب بأعطال وانقطاع الكهرباء ويكبّد الخزينة ملايين الدولارات لإصلاحها. هذه الاعترافات التي أدلى بها موظفون أمام محققي فرع المعلومات، عاود بعضهم تكرارها أمام قاضي التحقيق.

هل ستؤدي المعركة الجارية إلى سجن جميع المتورطين، أم أنها ستقتصر على بضعة موظفين، أم أنّ الحرب المعلنة هدفها إعادة توزيع الحصص لانتزاع «المنشآت» من يد تيار المردة؟ أين وزراء التيار الوطني الحر الخمسة الذين تعاقبوا على وزارة الطاقة مما كان يجري؟ لماذا لم تأخذ وزارة الطاقة بتقارير كان يرسلها مدير شركة مشغّلة لأحد المعامل تؤكد أنّ النفط غير مطابق للمواصفات؟ لماذا يقود هذه الحملة قاضيان من حصة التيار الوطني الحر هما غادة عون ونقولا منصور؟ لماذا لم يتم توقيف مديرة عامة محسوبة على التيار، رغم أنّها، بحسب مصادر قضائية، اعترفت بأنّها كانت «تأخذ الهدايا»؟ كيف يتولى التحقيق في هذا الملف قاض اشتُبه فيه بتقاضي رشى وأحيل على التحقيق في ما سُمّي «حملة الفساد القضائي»؟
تدخل السياسة لتضيِّع الحقيقة في ملف شديد الحساسية يفترض أن يرمي بجميع المتورطين فيه بالسجن. المشتبه فيه بالفساد يرفض المثول أمام القضاء لادعائه بأنّ القاضي مشكوك في نزاهته ومنحازُ ضده. وبهذه الذريعة، لا يَمْثُل المدير العام لمنشآت النفط سركيس حليس أمام قاضي التحقيق خشية تعرّضه للتوقيف. ويلوذ حليس بتياره السياسي (المردة). وعندما يعجز الأخير عن الحصول على ضمانة بعدم توقيف رجله، يرفض تسليمه للقضاء!
يوم أمس، استجوب قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، نقولا منصور، أربعة موقوفين في القضية هم: موظّف مكلف بالتوقيع على نتائج الفحوصات المخبرية، وموظفان مسؤولان في المنشآت النفطية، وممثل شركة سوناطراك في لبنان ط. ف.
الموظفون الثلاثة كرروا اعترافاتهم التي أدلوا بها أمام محققي فرع المعلومات لجهة قبض رشى عبارة عن «هدايا» ومبالغ مالية. كذلك اعترف ممثل سوناطراك بأنّه كان يدفع مبالغ مالية لموظفين للتلاعب بالنتائج. وعلمت «الأخبار» أنّ أحد الموقوفين الذي استجوبه منصور أول من أمس، وهو مدير سابق في المنشآت النفطية في الشمال، والذي أحيل على التقاعد عام 2016، اعترف بأنّه كان يقبض من ممثل سوناطراك مبلغ 2500 دولار عن كل شحنة نفط. وروى أنّه كان يرسل نتائج الفحوص المخبرية إلى ممثل الشركة الذي كان يطلب جعل نتائج التقارير متقاربة في ما يتعلّق بالترسبات النفطية. غير أنّ الموقوف أبلغ القاضي أنّ التقارير التي كان يرسلها ليست مزوّرة، إنما هو يملك السلطة التقديرية التي تمنحه حق تلبية رغبة ممثل الشركة الذي يطالبه بتحسين النتائج، فضلاً عن التنسيق بين المختبرات لمطابقة النتائج! كذلك أفاد الموقوف بأنّ ممثل الشركة الجزائرية كان يعطيه ليرات ذهبية سنوياً ومبالغ مالية لتوزيعها على موظفين. واللافت ما ذكره الموقوف لجهة أنه استمر، رغم تقاعده، بتقاضي مبلغ مالي عن كل شحنة، لكونه عرّف ممثل الشركة إلى موظفَين في المختبرات ليتعاونا معه بعد تقاعده، إلا أنّ المبلغ تراجع إلى 2000 دولار، آخرها قبل ثلاثة أشهر.

«المردة» لم يسلّم المدير المشتبه فيه لأنه لا يضمن عدم توقيفه!

وعلمت «الأخبار» أن محققي فرع المعلومات استمعوا على مدى سبع ساعات إلى إفادة المهندس يحيى مولود، مدير شركة مشغّلة لأحد معامل إنتاج الكهرباء، الذي كشف أنّه أجرى فحوصات على عيّنات من شحنات نفط سابقة في ألمانيا بيّنت وجود مواد فاسدة وسامّة فيها. وقال إنه أرسل هذه التقارير الى وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني التي لم تقدم على أي إجراء. ويستكمل قاضي التحقيق اليوم الاستماع الى كل من وزيرَي الطاقة السابقين محمد فنيش وندى البستاني، إضافة إلى مولود.