IMLebanon

ساسة لبنان يتصارعون على القمامة في زمن الوباء

كتبت ريا الشرتوني في “الاناضول التركية”:

تتراكم الأزمات السياسية في لبنان مثلما تتراكم النفايات بسبب معركة سياسية تدور منذ عام 2015 بشأن العقود التي تبرم مع شركات جمع وتوزيع ورسكلة النفايات.

وعوض أن يتوجه ساسة البلد لاتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتفادي مزيد تفشي وباء كورونا، طفت على السطح مجدّدا أزمة النفايات بعدما تم إغلاق مطمر منطقة الجديدة شرقي العاصمة بيروت، وهو ما ينذر بأزمة صحية وبيئية جديدة وباحتجاجات جديدة ضد هذه السياسات.

وتم إغلاق مطمر منطقة الجديدة، شرقي العاصمة بيروت، بعد أن وصل إلى قدرته الاستيعابيّة القصوى، ما أدّى إلى تكدّس أكوام النفايات في بعض الشوارع.

ورأت الحكومة اللبنانية الثلاثاء أن يكون الحلّ مؤقتا في تكديس النفايات الجديدة فوق جبل النفايات القديم بمنطقة الجديدة، عبر رفعه مترا أو مترا ونصف المتر بشكل إضافي.

وكلفت السلطات مجلس الإنماء والإعمار (حكومي) الثلاثاء بمناقشة هذا الحلّ مع البلديات المعنيّة، على أن يتم اعتماده لمدّة 3 أشهر حتى تكون وزارة البيئة قد أنجزت خطتها الشاملة.

ويرى مراقبون أن الأيام القادمة ستحمل معها بوادر ظهور احتجاجات مندّدة هذه الخطوة خاصة أن مجال إدارة النفايات الصلبة في لبنان يواجه تحدّيات سياسيّة وبيئيّة، إذ كشفت إدارة ملف النفايات خلال السنوات الماضية عن مشكلات تتعلّق باللامركزيّة وكيفيّة التعاون والتنسيق لتقديم الخدمات العامّة.

وقال مارك ضو، ناشط بيئي، للأناضول، إن مشكلة النفايات في لبنان سياسيّة؛ فالصراع بين الجهات السياسيّة هو على التموضع الجغرافي للمطمر وتوزيع العقود الخاصة بالعمل.

وتابع “الصراع الحالي هو ما بين أخذ الأموال من البلديات لدفعها للشركات التي تجمع النفايات وما بين عقود فرز النفايات أو معالجتها أو طمرها”.

وقال النائب عن منطقة الجديدة – المتن، في حزب الكتائب، إلياس حنكش، إنها “جريمة العصر”، وإنه سيتوجه إلى القضاء.

وأضاف حنكش “في السنوات الماضية، رفعنا دعاوى قضائيّة لوقف الأعمال في المطمر، واستقللنا من الحكومة السابقة بسبب هذه القضيّة، لكن لم نفز بالمعركة؛ فهناك من يستفيد ويتموّل من هذا الملف”. وأضاف أن “السلطة لم تقم حتى الساعة بخطوة في الاتجاه الصحيح، لا من خلال الفرز (للنفايات) من المصدر ولا من تخفيف كميات النفايات”.

واستطرد “اقترحت خلال الاجتماع الثلاثاء نقل النفايات إلى منطقة حدودية قاحلة، لكنّ الاقتراح قوبل بالرفض بحجة ارتفاع التكلفة، من دون الأخذ بالاعتبار أضرار توسعة المطامر، لاسيّما في منطقة الجديدة المكتظة سكنيا”.

وتابع “خلال أشهر معدودة سيتم وضع سكان المنطقة من جديد أمام خيارين؛ إمّا النفايات في الشوارع، وإمّا إنشاء طابق إضافي على المطمر”.

وتعود بعض فصول هذا الملف إلى 2015، حين استفاق اللبنانيون على مشهد لم يألفوه منذ نهاية الحرب الأهلية (1975 – 1990)، عندما تراكمت النفايات على نحو غير مسبوق في المناطق كافّة، مما أثار احتجاجات شعبية حاشدة.

وقال رئيس بلديّة منطقة الجديدة أنطوان جبارة “خلال الأشهر الثلاثة سنضبط المشكلة، بتكديس النفايات فوق جبل النفايات، وسيتم رشها بمواد مضادة للحشرات والبكتيريا”.

أما أندريه سليمان ممثل المنظمة الدوليّة للتقرير عن الديمقراطيّة في لبنان فاعتبر أن “الحلّ يتطلّب إرادة سياسيّة وتخطيطا استراتيجيا بعيد الأمد، أكثر من الحلول التقنيّة والهندسيّة، لاسيّما وأنّ الأخيرة موجودة في ظلّ توافر الجهود والخبرات”.

وعن سبب فشل الخطط التي قُدمت سابقا، أجاب “نحن في أزمة عمرها أكثر من 50 عاما، فليست هناك إدارة رشيدة لحلّ المشكلة، فكل ما سبق وتقدّم هي خطط طوارئ متجدّدة وقصيرة الأمد ومبنيّة على المحاصصة”. وأضاف “المقترح حاليا هو أن تأخذ البلديّات واتحادات البلديات المبادرة للفرز من المصدر، انطلاقا من فرز النفايات العضويّة وغير العضويّة، من خلال أكياس مخصّصة لذلك، على أن تراقب شرطة البلديّة الأمر وتنظيمه، ليتم بالشكل السليم”.

ودعا وزارتي البيئة والداخليّة إلى إعطاء تعليمات فورية لتنطلق البلديات بالتنسيق مع اتحاداتها، لتنفيذ الفرز من المصدر، متولّية مسؤولية هذا الملف. وهذه الخطة مهمّة على المدى القريب.

وعن الحلّ على المدى البعيد، شدد سليمان على ضرورة أن تتبع الحكومة مبدأ اللامركزيّة الإدارية في إدارة النفايات، فالحكومة غير قادرة على إدارة نفايات البلد.

وحول خطورة إلقاء النفايات الطبيّة في الشوارع في ظل جائحة كورونا، قال سليمان إن “النفايات الطبيّة الخطرة تُشكّل بين 15 و25 في المئة من مجمل النفايات”.

وحذّرت مديرة مركز حماية الطبيعة في الجامعة الأميركيّة ببيروت، نجاة صليبا، من خطورة تكديس النفايات في الشوارع، قائلة “فايروس كورونا يعيش على الأسطح من 3 إلى 6 ساعات، وإذ رمى أي شخص يحمل هذا الفايروس نفاياته على الطريق سينقل العدوى لغيره”.

وتابعت “تعيش بعض الحيوانات، كالقطط والجراذين، بين أكياس النفايات، وإذا انتقل أي فايروس إليها عبر الجلد فستنقله إلى الإنسان في حال لمسها”.